قرارًا جمهوريًا أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، بفرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في عدة مناطق بشمال سيناء وتطبيق حظر التجول في المناطق المعلنة فيها حالة الطوارئ. تضمن القرار تقليص ساعات الحظر في مدينة العريش، لتبدأ في الثانية عشر مساءً وتنتهي في السادسة صباحًا، بعد أن كانت تبدأ في السابعة مساءً، على أن تستمر في مدينتي الشيخ زويد ورفح من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا. لتشتعل مدن شمال سيناء عقب إعلان القرار، حيث خرج أهالي مدينة العريش في تظاهرات بشوارع المدينة لرفض تمديد الحظر ولكسره للمرة الأولى منذ فرضه في أكتوبر الماضي، منددين بوصفهم بالإرهاب في وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب. ومن المفارقات المثيرة أن قرار مدّ حالة الطوارئ وحظر التجول على شمال سيناء، تم في المرة الأولى يوم الخامس والعشرين من يناير الماضي والذي صادف الذكرى الرابعة لثورة يناير، بينما تم للمرة الثانية أمس السبت، الذي صادف احتفال الدولة المصرية بالذكرى الثالثة والثلاثين لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي. في الوقت الذي تبرر فيه الحكومة فرضها الحظر بأنها مضطرة لذلك، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها تلك المنطقة جراء العمليات الإرهابية المتكررة ضد قوات الجيش والشرطة، والتي تزايدت حدتها مؤخرًا. بدأ حظر التجوال رسميًا عن طريق زياد بن أبيه والي مصر، في عهد الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، بعد أن أعلن حالة الطوارئ في البصرة، وهدّد بقتل كل من تسول له نفسه خرق حظر التجول، حيث قال في خطبته البتراء لدى توليه مقاليد السلطة: "لا أوتي بمدلج إلا سفكت دمه". وقام زياد بعدها بإعدام ثلاثة أشخاص نتيجة خرقهم لحظر التجوال، أحدهم كان أعرابيًا وجدوه سائرًا في الطريق، فسألوه ألم تسمع بحظر التجوال؟ فأجاب قائلًا إنه من البدو ولم يسمع شيئًا عن ذلك، وأن عنزته شردت منه فجرى وراءها يبحث عنها، فقال له زياد أصدقك في ذلك، ولكنه أمر بضرب عنقه ليكون عبرة لغيره. وحديثُا فرض الرئيس السابق حسني مبارك بصفته الحاكم العسكري لمصر حظر التجوال في القاهرة والإسكندرية والسويس إبان ثورة 25 يناير وأمر بنزول الجيش، لكن كان لافتًا الخرق التام للحظر في جميع المدن على مرأى ومسمع من قوى الجيش المصري التي أمر بنزولها للشوارع، رغم تهديدات الجيش بمحاسبة مخترقي حظر التجول. وفي يناير 2013 خرج الآلاف من أهالي محافظات القناة بداية من ساعات الحظر، ليعلنوا تحدي قرار الرئيس المصري محمد مرسي في تحدٍ واضح وصريح لقرارات مرسي بفرض حظر التجوال في محيط مدن القناة، وإعلان حالة الطوارئ. وبناءً عليه، فقد قام العشرات من شباب الألتراس في محافظة الإسماعيلية بتنظيم دورات كرة قدم جماعية في شوارع المحافظة في أوقات الحظر، وسط هتافات معادية للرئيس مرسي وحكومته، وكذلك للإعلان عن تحديهم لحالة الحظر التي فرضت عليهم، والتي اعتبروها سجنًا كبيرًا، بينما تجمهر المئات من أهالي المحافظة في مظاهرات جابت الشوارع، تنديدًا بقرارات الرئيس التعسفية. وفي محافظة السويس، خرج الآلاف أيضًا للشوارع في مظاهرات حاشدة في طريقة احتفالية، تعبيرًا منهم عن استهتارهم بقرار حظر التجوال، وأعلنوا عن بدء تلك المظاهرات يوميًا مع بداية ساعات الحظر، وتنظيم دورات لعب كرة القدم بشكل جماعي في شوارع المحافظة. وفي محافظة بورسعيد، المنطقة الأكثر عنفًا في الفترة الأخيرة، خرج الآلاف من المواطنين وأعضاء الأولتراس البورسعيدي والتجار المتضررين من قرار الحظر، وكذلك السيدات، للتنديد بقرار الحظر وإعلان حالة الطوارئ، والتي تسببت لهم في حالة من الكساد التجاري، نظرًا إلى اعتماد المحافظة على النشاط التجاري في الأساس. واعتمد المتظاهرون في مدن القناة على طريقة مبتكرة للتنديد والاعتراض على قرارات الرئيس، بعمل دورات كرة قدم جماعية من الساعات الأولى من فترة حظر التجوال إلى نهايته، وكذلك الخروج بالسيارات والأعلام والدراجات البخارية، لكسر حالة الحظر المفروضة عليهم، مع ترديد هتافات تنادي بسقوط النظام وعدم اعترافهم به. والمفارقة أن حلقات الاحتفال ولعب الكرة، كانت برعاية ومشاركة من قوات الجيش والشرطة، والتي من المفترض أن تفرض هي حالة الطوارئ وحظر التجول على المواطنين، وخاصة بعد تمرير قانون منح أفراد وضباط القوات المسلحة حق الضبطية القضائية ومساعدة أجهزة الشرطة في ضبط الأمن في الشارع وملاحقة الخارجين عن القانون، وهو ما اعتبره البعض عدم اعتراف قوات الجيش والشرطة بالقرارات الجديدة، لذلك شاركوا أهالي المنطقة في الاحتفال، أو أنها تعبير عن ضعفهم وقلة حيلتهم أمام جموع المتظاهرين.