كتب - حمادة عبدالوهاب شهدت بلدة "يوكسك أوفا" التابعة لمحافظة هجاري جنوب شرقي تركيا، الإثنين الماضي، اشتباكات بين مجموعة من الشباب الأكراد وقوات الشرطة، جراء مقتل انفصاليين من حزب العمل الكردستاني في محافظة "آجري". وكانت هيئة الأركان العامة التركية قد أصدرت بيانا أكدت فيه مقتل 5 من عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني والقبض على آخر تم إصابته خلال اشتباكات مع الجيش التركي وقعت في محافظة آجري بشرقي البلاد. أوجلان يدعو لعصر جديد وفي رسالة تليت بمناسبة رأس السنة الكردية أمام أكثر من مئتي ألف شخص في ديار بكر، جنوب شرق تركيا، دعا زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان نهاية الشهر الماضي، إلى إنهاء التمرد الذي بدأ في 1984 ضد السلطات التركية، معلنا عن بداية "عصر جديد". طريق الألغام ولكن يبدو أن طريق السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني لا يزال مليئا بالألغام التي لا تتوقف عن الانفجار بين الفينة والأخرى. وأفادت صحيفة الغارديان البريطانية أن تركيا تحشد قواتها في المنطقة الحدودية، وأن "عملية السلام مع الأكراد الهشة" تشهد تحديات قبيل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في السابع من يونيوالمقبل. تباين ردة فعل الأحزاب وفي حين تبادلت الأحزاب السياسية التركية الاتهامات بشأن الهجوم، تباينت آراء صحفيين وخبراء عسكريين حول أسباب الحشد العسكري ودور إيران في الهجوم ومصير عملية السلام. وقد آثر حزب الشعب الجمهوري المعارض الصمت إلى حين الاطلاع على التقرير الذي يعده مرشحه البرلماني عن ولاية آجري حول الهجوم. أما رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، فوصف الهجوم بأنه ''تواطؤ حكومي كردستاني على حساب دماء الجنود الأتراك لتحقيق أهدافهم السياسية''. وحذر الطرفين من أن ما حدث لن يمر دون مساءلة. من جهته طالب رئيس حزب ديمقراطية الشعوب صلاح الدين ديمرطاش الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني بتوضيحات مقنعة لأسباب الهجوم وتطوره. الدولة تدعم الجيش وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قد أثنى في تغريدة بتويتر على رد القوات المسلحة التركية ''المناسب''. وأكد أنه ''بلا شك سيتم ضمان سلامة الانتخابات التي يستخدم فيها شعبنا أصواته بإرادته الحرة''. وأدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الهجوم بشدة ووصفه بأنه يستهدف "نسف مناخ السلام". الجيش لا يثق في الأكراد الخبير بالملف الكردي شوكت هاركي، وصف الحشد العسكري بأنه رد طبيعي للجيش التركي الذي يعتبر مهمته الأساسية الدفاع عن أمن البلاد، خاصة أنه ''ما زال غير متقبّل لعملية السلام ولا يثق بحزب العمال''. ورغم إقراره بأن عملية السلام تعرف جوا من عدم الثقة المتبادلة بين طرفيها منذ انطلاقها، فإنه استبعد انهيارها. مناوشات عادية ووصف هاركي ما يحدث بأنه مجرد ''مطبات'' طبيعية يمكن لأي عملية مشابهة في كل أنحاء العالم أن تشهدها ''خاصة أنها ليست مستقلة عن الشأن الداخلي التركي''. وتوقع أن تعرف تركيا حتى إجراء الانتخابات البرلمانية مواجهات بين حين وآخر بين الجيش ومقاتلي حزب العمال الذين يريدون ''إثبات وجودهم في المنطقة". ونفى أن تكون مسألة الأمن القومي التركي تتعلق فقط بحزب العمال الكردستاني، بل تتعداه لتشمل القوى الأخرى في المنطقة، وأهمها إيران التي أكد أن "شروخات" جدية طالت علاقتها بتركيا خاصة بسبب المسألة السورية واليمنية. لكنه استبعد أن تكون إيران بصدد بناء جبهة تحالف مع حزب العمال الكردستاني ضد تركيا لاستحالة قبول الزعيم الكردي عبد الله أوجلان أن يقف حزبه بجانبها ضد تركيا. كما أن هناك سببا آخر لاستبعاد هذا التحالف، وهو أن إيران لا ترغب في تقوية حزب العمال وإعادته للحياة لأنه ''يكفيها ما تعانيه مع عناصر حزب الحياة الحرة على أراضيها''. يشار إلى أن حزب الحياة الحرة امتداد للعمال وهو حركة مسلحة ذات توجه قومي تطالب بالحكم الذاتي لكردستان إيران. عملية سلام ميتة أما الخبير العسكري جاهد ديليك، فقال إن الحشد العسكري في المناطق الحدودية دعم لعناصر الجيش التركي الموجودة في مكان الهجوم. وقال إن استمرار تنفيذ هجمات حزب العمال لا يعرض أمن للبلاد للخطر فقط بل سيؤثر على أداء الحكومة في الانتخابات. ويعتقد أن عملية السلام قد انهارت يوم انطلاقها، لأنها "بنيت على أسس ومعادلات خاطئة". وأضاف أن الطرف الوحيد الذي يعرف ويحدد مصير تلك العملية هو الزعيم الكردي أوجلان. وقال إن الحكومة التركية أخطأت عندما قبلت الجلوس على طاولة المفاوضات مع "منظمة إرهابية لا تزال تحمل السلاح". ورغم نفيه أن يكون لأنقرة مخاوف من هجمات لأطراف خارجية عليها، فقد أقر بأن إيران تستعمل ورقة الكردستاني لزعزعة استقرار تركيا وتوريط حكومتها في مسائل أخرى، بغية استنزاف قوتها العسكرية والاقتصادية في محاربة الإرهاب "لتصبح دولة ضعيفة يمكن بسهولة ابتزازها مستقبلا".