كتب - حمادة عبدالوهاب جدد المغرب رفضه لتدخل الاتحاد الأفريقي، الذي انسحب من عضويته منذ ثمانينيات القرن الماضي، بعد قبول منظمة الوحدة الأفريقية آنذاك عضوية بوليساريو، في قضية الصحراء الغربية، واتهمه ب"التجرد من أي حياد" بشأن هذه القضية. رفض قاطع لم يتردد المغرب في الرد على مطالبة الاتحاد الأفريقي، بتوسيع مهام بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "مينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة، والتي جاءت بالتزامن مع تقديم المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس تقريره السنوي حول النزاع في المنطقة. وفي رسالة من وزير الخارجية صلاح الدين مزوار إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أعلن المغرب "رفضه القاطع" لأي دور أو تدخل للاتحاد الأفريقي في هذا الملف، متهما إياه بالانحياز. وجاء الموقف المغربي بعد أن أفادت تقارير إعلامية، أن رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما وجهت مؤخرا إلى بان كي مون رسالة حثت فيها على توسيع مهام "مينورسو" لمراقبة حقوق الإنسان بالمنطقة، كما عبرت عن قلقها إزاء "الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية بها". وقال مزوار في رسالته إن الاتحاد "اتخذ بكل وضوح موقفا لصالح الأطراف الأخرى، من خلال إطلاق حملة شرسة ومستمرة ضد المغرب، وتبني أطروحات الجزائر وجبهة بوليساريو". وفي يوليو الماضي عيّن الاتحاد الأفريقي رئيس موزمبيق الأسبق جواكين شيسانو، ممثلا خاصا للاتحاد بالصحراء الغربية، وهو الأمر الذي رفضته الرباط، متهمة صراحة شيسانو بدعم بوليساريو. حوار جدي دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي، أمس الجمعة، طرفي النزاع في الصحراء الغربية إلى "مضاعفة الجهود للتفاوض على حل سياسي"، وذلك بعد أسابيع على جولة قام بها موفده إلى المنطقة. و دعا بان كي مون المغرب وجبهة البوليساريو إلى "الحوار الجدي" مع موفده الشخصي كريستوفر روس. مناورة جزائرية وفي تعليقه على خطوة الاتحاد الأفريقي، قال المحلل السياسي خالد الشكراوي إنها تظل "مناورة تقوم بها مجموعات أفريقية تقف وراءها الجزائر" مضيفا أنها تندرج في إطار "أجندات خاصة لدولة جنوب أفريقيا لتقسيم القارة على منطق أنجلوساكسوني، يعتبر شمال أفريقيا مجالا عربيا ينتمي إلى منطقة الشرق الأوسط". وذكر الشكراوي أن "الجزائر تسعى إلى إدارة هذا النزاع في إطار ما تعتبره شرعية دولية من خلال الاتحاد الأفريقي الذي يرغب في العودة بقوة لإدارة هذا النزاع الذي سحب من بين يديه ويصعب عليه الرجوع إليه". واستبعد إيجاد حل على المدى القريب لهذا الملف، في ضوء "المستجدات الحالية المتمثلة في تعقد الوضع السياسي داخل الجزائر، وعدم وضوح الرؤية على المستوى الأفريقي رغم وجود بعض الإشارات الدولية من أجل العمل على تسريع تسوية هذا الملف خصوصا بعد الاضطرابات السياسية والعسكرية الأخيرة التي شهدتها منطقة الساحل وجنوب الصحراء وتفاعل قضايا الإرهاب". فرض موقف ومن جهته، يرى الإعلامي المغربي خالد مجدوب، أن موقف الاتحاد الأفريقي يأتي في سياق محاولة فرض موقفه حيال القضية، وهو الأمر الذي ترفضه الرباط، معربا عن اعتقاده بأن ذلك الموقف ليس له تأثير حاليا على المجتمع الدولي، على اعتبار أن الأممالمتحدة هي المعنية بإيجاد حل للقضية. وعلل مجدوب ذلك بكون المغرب ليس عضوا بهذه المنظمة، وبالتالي فهو غير معني بقراراتها أو دعواتها، مذكرا أن الرباط سبق لها أن أبدت تحفظها بعد إرسال الاتحاد الأفريقي لمذكرة بشأن تطورات قضية الصحراء إلى الأممالمتحدة. ويرى أنه ليست هناك مؤشرات لإيجاد حل لهذه القضية على المدى المتوسط، مشيرا إلى أن بوليساريو تحاول في المقابل استعمال كافة الأوراق من الدفاع على طرحها القاضي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، ومن ضمن تلك الأوراق موضوعا حقوق الإنسان والثروات الطبيعية بالمنطقة، في وقت فتح فيه المغرب أبوابه للجان الأممية لزيارته، في حين ترفض بوليساريو والجزائر زيارة المقررين الأمميين إلى الجزائر أو مخيمات تندوف. أصل الصراع الصحراء الغربية هي منطقة ذات مناخ صحراوي مساحتها 266,000 كيلومتر مربع تقع شمال غرب أفريقيا. تحدّها الجزائر من الشرق وموريتانيا من الجنوب و باقي المغرب من الشمال. أكبر مدنها العيون ويتمركز فيها غالبية السكان. حسب الأممالمتحدة هي أرض متنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، يسيطر المغرب على 80% منها ويقوم بإدارتها بصفتها الأقاليم الجنوبية، بينما تشكل المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا 20% من مساحة الصحراء وتتميز بعدم وجود سكاني بها، تأسست جبهة البوليساريو سنة 1973 أثناء استعداد إسبانيا للجلاء من الصحراء لترفض السيادة المغربية على الصحراء وتعلن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المعلنة من طرف واحد. يُذكر أن نزاع الصحراء الغربية، الذي يعد الأقدم حاليا بأفريقيا، ما زال مثار تجاذبات، في وقت طرح فيه المغرب مقترحا للحكم الذاتي تحت سيادته، وهو ما ترفضه بوليساريو التي تطالب بحق تقرير المصير، مدعومة بالجزائر.