فيلم «فاطمة» آخر إطلالة لأم كلثوم أمام الكاميرا عام 1947، وهو و«سلامة» 1945 أنجح أفلامها الستة. لو تأملته جيدًا لوجدت أنه يوجه دعوة مباشرة للزواج العرفى من خلال تأكيده أن الشرع يبيحه والمجتمع لم يكن يجد فيه وقتها شيئًا يوحى بتأنيب الضمير، ناهيك ب تيمة الحب التقليدى بين الباشا ابن الباشا أنور وجدى سليل الحسب والنسب والممرضة الفقيرة بنت الحارة ثومة ، وهى الحكاية العاطفية المتكررة التى سيطرت تقريبًا على أغلب أفلام الأربعينيات. والبعض قرأ الفيلم بزاوية أخرى، وهى أن مصطفى أمين يرد لها اعتبارها الأدبى، بعد أن وقع فى غرامها خال الملك فاروق، ولكن حالت التقاليد الملكية دون ارتباطه الرسمى بها، وهناك من قرأ القصة على نحو آخر وهو أن مصطفى أمين كان متزوجًا عرفيا من أم كلثوم، وكان يريد الدفاع العلنى عن علاقته بها. كثيرة هى الأكاذيب التى انتشرت وتناقلناها من جيل إلى جيل، باعتبارها الحقيقة، ثم نكتشف مع الأيام أننا نحطم الخط الوهمى بين الصدق والحقيقة. هذه الحكاية أخذت رائحة ومذاق الوثيقة التى لا أساس لها من الصحة، ولا يمكن أيضًا أن تكون كذلك.. سبق وأن ذكرت حكاية زواج الراحلة د.رتيبة الحفنى، أستاذة الموسيقى والعميدة السابقة لمعهد الموسيقى العربية، وكانت تربطها صداقة بالست، أيضًا أعاد كتابتها الناقد الكبير الراحل رجاء النقاش ، سرت هذه الشائعة فى أعقاب القبض على مصطفى عام 1964، ذلك لأن رجل المخابرات المنوط به التحفظ على متعلقات مصطفى أمين عندما فتح درج مكتبه فى أخبار اليوم عثر على ورقة زواجه العرفى من الفنانة شادية ، ورجل المخابرات الذى أتحدث عنه زوج الإعلامية الكبيرة د.درية شرف الدين ، مع مرور الزمن لم يتبق فى الذاكرى إلا أن مصطفى أمين تزوج من مطربة شهيرة.. بينما أم كلثوم فى ذلك الوقت كانت زوجة د.حسن الحفناوى أستاذ الأمراض الجلدية الشهير الذى اقترن بها منذ عام 54، وقبلها بثمانى سنوات كانت قد أعلنت خطوبتها على الموسيقار محمود الشريف. ولم ينته الأمر عند ذلك الحد، بل إن الحكايات لم تتوقف بين أم كلثوم و مصطفى أمين إذ قالوا إنها بعد إلقاء القبض عليه فى حفل عيد ميلاد الثورة 1964 فى أثناء لقاء جمع بين عبد الناصر و أم كلثوم و محمد عبد الوهاب تطرق الحوار إلى مصطفى أمين ، قال محمد عبد الوهاب: المسىء يأخذ جزاءه يا ريس ، بينما قالت أم كلثوم: مصطفى رجل وطنى ولا يمكن أن يتجسس على مصر . عندما غنت أم كلثوم هذا المقطع فى قصيدة الأطلال كان التفسير السياسى هو المسيطر، تقول فيه: أعطنى حريتى أطلق يديا إننى أعطيت ما استبقيت شيئا ، قالوا إن أم كلثوم توجه رسالة إلى عبد الناصر تستعطفه أن يطلق سراح مصطفى أمين .. آه من قيدك أدمى معصمى لما أبقيه وما أبقى علىّ .. كلها بالطبع من وحى خيالنا، لأن إبراهيم ناجى شاعر الأطلال الذى رحل عام 53 كان يكتب من إيحاء قصة غرامة للفنانة زوزو حمدى الحكيم! كان مصطفى أمين هو أقرب الأصدقاء لأم كلثوم وحكى لى الموسيقار الكبير محمود الشريف فى مذكراته التى نشرتها فى كتاب عنوانه أنا والعذاب وأم كلثوم أن مصطفى أمين هو الذى نشر فى عام 1946 خبر خطوبته من أم كلثوم ، وهو بعدها بأسبوع الذى كتب مقالًا آخر عنوانه جنازة حب عندما تدخل القصر ليمنع زواجهما. وظل محمود الشريف غاضبًا من مصطفى أمين ليس لأنه أحب أم كلثوم ولكن لأنه لعب هذا الدور لصالح القصر. رحلت أم كلثوم فى 3 فبراير 1975، وكان مصطفى أمين صديقًا مقربًا، بل هو الأقرب.. لكن لا حب ولا زواج، فقط صداقة!