منذ أيام قليلة نشرت عدد من وسائل الإعلام العالمية والمحلية أنباء عن تشويه قناع الملك توت عنخ آمون بعد تعرض لحيته للكسر وإعادة لصقها بمادة غير صالحة للاستخدام مع مثل هذا الأثر الثمين، وهو ما دعا كثيرين إلى الإشارة بأصابع الاتهام إلى وزارة الآثار المصرية والمتحف المصري، الذي يحتضن هذا التمثال منذ اكتشافه. وفي جولة قامت بها "التحرير" إلى المتحف المصري، وإلى جناح الملك توت عنخ آمون تحديدًا، أصبح القناع واضحًا بدرجة كبيرة ليمكن ملاحظة ما سببته المادة الصفراء من تشويه في القناع، وميل واضح في اللحية؛ إلا أن عددًا من السائحين لم يلاحظوا عملية الترميم الخاطئة، حيث أوضحت "كاثرين إيثان"، التي كانت في زيارة للمتحف اليوم السبت: "هذه المرة الثانية التي أزور فيها المتحف المصري، ولم ألحظ وجود تغيير بقناع الملك توت عنخ آمون، وأعتقد أنه لا يزال بحالة جيدة". أما "جون إيثان" زوجها أوضح: "سمعت عن تلك الشائعات الأخيرة عن تشويه القناع الذهبي لتوت عنخ آمون، إلا أنني لم ألحظ وجود ميل في لحية القناع، ولكن يوجد بعض الخدوش التي قد تكون أصابته قديمًا". وكذلك أبدى بعض الموظفين بالمتحف، وبالتحديد في جناح الملك توت عنخ آمون، دهشة كبيرة عند سماع أنباء عن تشويه القناع ولصق اللحية بالإيبوكسي، وقال أحد الموظفين: "ماسمعتش قبل كدا حاجة عن كسر لحية توت عنخ آمون، وحتى لو اتعرضت للكسر؛ فماعتقدش أن حد من خبراء الترميم هيشوهه لأن في معمل موجود بالمتحف مختص بترميم القطع الأثرية. فيما أوضح موظف آخر، "سمعت أن شباب الإنترنت بينشروا معلومات عن كسر ذقن توت عنخ آمون، لكن دا كلام غير صحيح، والقناع موجود دلوقتي بحالته الطبيعية من غير تغيير في شكله، والسياح مستمتعين برؤيته لأننا بنهتم بالجناح دا بشكل خاص، ومحدش من الزوار علق على أي حاجة". وكانت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس"، أوضحت في وقت سابق أن إحدى زوار المتحف في شهر أغسطس الماضي قامت بتصوير أحد العمال بالمتحف بينما كان يقوم بلصق لحية قناع توت عنخ آمون بمادة "الإيبوكسي"، بعد أن تعرضت للكسر بسبب عملية تنظيف بسيطة، موضحة أن اللحية تم لصقها بشكل خاطىء، وهو ما دفع آخرين إلى محاولة إزالة هذه المادة اللاصقة بالمشرط، مما تسبب في حدوث خدوش بالقناع الذهبي الذي يصل وزنه إلى 11 كيلوجرامًا من الذهب الخالص. ويعتبر هذا القناع ضمن أهم 10 قطع أثرية في العالم بأسره، وذلك وفقًا لما ذكره عالم المصريات الدكتور أحمد صالح، موضحًا أن اللحية كانت ملتصقة بالقناع منذ اكتشافه على يد عالم الآثار البريطاني "هوارد كاتر" عام 1922، ضمن مقتنيات أخرى للملك توت عنخ آمون، أحد فراعنة الأسرة الثامنة عشر في عصر الدولة الحديثة، ويرجع عمر هذا القناع الذهبي إلى 3300 عامًا. وعلى الرغم من أن حدوث كسر في لحية قناع الملك توت عنخ آمون كان يتطلب عرض القناع على خبراء الترميم بالمتحف، وفقًا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست"، إلا أن الطريقة البدائية التي تم بها تدارك الخطأ لم تكن هي الأنسب على الإطلاق؛ حيث أن القائمين بلصق اللحية تسببوا في إعوجاجها وحدوث ميل ملاحظ باللحية، كما أنه من الملاحظ وجود فراغ بين اللحية والقناع، وهو الفراغ الذي خلفته المادة اللاصقة، وفي حين روى البعض أن اللحية كسرت بعد انفجار إحدى المصابيح داخل زجاج عرض القناع؛ إلا أن هذه الروية ليست مؤكدة؛ حيث أن المصابيح الموجودة داخل زجاج العرض صغيرة جدًا لا يمكنها كسر لحية من الذهب. وفي تصريحات سابقة لغريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم والصيانة التابعة لقطاع المشروعات لوزارة الآثار، أشار إلى أن آخر عملية ترميم جرت للقناع كانت في عام 1948؛ إلا أن محمود الحلوجي، مدير المتحف المصري، أشار إلى أن آخر ترميم جرى للقناع كان في أغسطس العام الماضي، موضحًا أنه تولى منصبه بعد هذه الفترة. وحول مادة "الإيبوكسي" التي استخدمت في ترميم التمثال، أشارت عدد من وسائل الإعلام الأجنبية، مثل صحيفة "التلجراف" البريطانية، إلى أن هذه المادة تستخدم في لصق المعادن والحجر؛ إلا أنها لا تصلح للصق قطعة أثرية نادرة كقناع الملك توت عنخ آمون، في حين أن الحلوجي أكد سابقًا أن هذه المادة ليست محرمة وتستخدم على نطاق عالمي في ترميم الآثار، نافيًا حدوث أي خدش في القناع الذهبي؛ حيث أن هناك طرق علمية معروفة لإزالة هذه المادة بطريقة بسيطة واستخدام نوع نقي من الإيبوكسي، وبذلك يمكن تفادي الخطر. ونظرًا لخطورة الموقف، إذا ما ثبت صحة تشوه القناع الذهبي للملك الشاب، ذهب وزير الآثار ممدوح الدماطي في جولة تفقدية للمتحف المصري، وعقد مؤتمرًا صحفيًا، اليوم السبت، للكشف عن حالة القناع وتعرضه للتشويه؛ إلى أنه صرح: "القناع سليم، وما أثير عن تشويهه في وسائل الإعلام كان مبالغًا فيه، إلا أننا عقدنا الموتمر لتوضيح حقيقة أن القناع أهم قطعة موجودة بالمتحف". وعلى الرغم من اختلاف الروايات حول تعرض لحية توت عنخ آمون للكسر وتشوه القناع أو الأسباب التي أدت إلى ذلك؛ إلا أن وزارة الآثار أبدت اهتمامًا بالغًا بهذا الموضوع، وقررت تشكيل لجنة مكونة من مجموعة من خبراء الترميم لفحص القناع الذهبي والتأكد من سلامته أو الوقوف على أسباب تلفه ومعالجة الأمر بأسرع وقت.