8 جهات تستطيع تسجيل المكالمات التليفونية بمصر.. القانون فى مصر يعطى جهات معينة الحق فى مراقبة أى تليفون بشرط الحصول على إذن نيابى مسبق، وهناك بالفعل 8 جهات على الأقل تقوم بتسجيل المكالمات، من بينها على سبيل المثال، الرقابة الإدارية، ومباحث التليفونات، والمخابرات العامة، والمخابرات الحربية، وسلاح الإشارة، ووزارة الداخلية بأجهزتها المختلفة، وكان أكثرها عملًا فى هذا المجال مباحث أمن الدولة -التى ورث مهامها قطاع الأمن الوطنى- ومباحث الأموال العامة ومباحث الآداب. وحتى سنوات قليلة مضت، كان القانون يشترط للمراقبة الحصول على إذن من قاضٍ جزئى، لكن وُجِد أن ذلك يعرقل عمل هذه الجهات فتم الاكتفاء بالحصول على إذن من النيابة. هذه الجهات الرقابية والأمنية تعمل جاهدة على تطوير أدواتها للقيام بوظيفتها على أكمل وجه، ولن يكون غريبًا أن تعرف أن لدى الرقابة الإدارية قدرات هائلة، منها مثلًا ما يوجد فى الطابق الحادى عشر بمبنى الرقابة الإدارية فى شارع النزهة، إذ تقول تقارير صحفية إن هذا الطابق مجهَّز بسنترال بالغ الدقة، سعته مليون خط على الأقل، وفى إمكانه رصد اتصالات مليون مواطن دفعة واحدة، ولا فرق فى ذلك بين تليفون أرضى أو محمول، الأرضى يمكن تعليقه عن طريق السنترالات الأرضية، والمحمول عن طريق تقنية خاصة متصلة بمحطات التقوية التى تديرها شركات المحمول الثلاث، وهذه القدرات التكنولوجية العالية ليس لها سوى معنى واحد، وهو أن مصر كلها تحت المراقبة المباشرة من هيئة الرقابة الإدارية. أسماء وجهات فى دائرة الأسئلة والشكوك عدد من الأسماء والجهات تدور حولها علامات استفهام كبيرة وكثيرة. فما بين المصلحة المباشرة، وبين الأفكار الانتقامية تدور دائرة التسريبات الأخيرة، وفى ما يلى عرض لأبرز هذه الشخصيات والجهات، التى قد تكون متورطة فى التسريبات، إن صحت نسبتها إلى أصحابها. اللواء رأفت شحاتة هو الرئيس الأسبق، لجهاز المخابرات العامة، الذى جاء لتقلد الجهاز، وأقسم على المصحف أمام الرئيس المعزول محمد مرسى بنص للقسم مثير للجدل، طرح تساؤلات عن ولاء رئيس المخابرات العامة: هل هو للوطن أم للرئيس؟! تردد اسم شحاتة، وتشكك البعض فى أنه قد يكون وراء هذه التسريبات، قائلين إن الرجل ليس خارج دائرة الاتهام، لأنه كان على رأس جهاز المخابرات العامة فى نفس توقيت كثير من تلك التسريبات، خصوصًا منها المتعلق بما تم تسريبه عن اتصالات ما قبل 30 يونيو ، وكذلك التنصت على قضاة المحكمة الدستورية. إلا أن البعض الآخر يستبعد هذا الاحتمال، ويرى أن الرجل خارج دائرة الشكوك. اللواء محمد فريد التهامى الرئيس السابق للمخابرات العامة، رئيس جهاز الرقابة الإدارية السابق، وتولى أيضًا رئاسة المخابرات الحربية، وكان من المقربين للسيسى، ومن أكبر المعادين لجماعة الإخوان، وربما للأسباب السابقة مجتمعة، يستبعد وجود دور مباشر للرجل فى التسريبات، إلا أن التوقعات، تدور حول قيام بعض خصومه ومنتقدى وجوده على رأس المخابرات، من العاملين فيها، بتسريب هذه التسجيلات، بغرض إقالته.. غير أن التسريبات استمرت بعد استقالة -أو إقالة- التهامى، كما أن المخابرات العامة ليس لها دور مباشر داخل مبنى الأمانة العامة لوزارة الدفاع. الفريق سامى عنان تردد اسم رئيس الأركان الأسبق، الفريق سامى عنان، منذ خروج التسريبات الأولى للسيسى شخصيًّا، وقبل ترشح السيسى، وقبل اضطرار عنان إلى الانسحاب لصالحه. وربط البعض بين توقيت رفض لجنة الأحزاب حزب عنان، بتسريبات 5 ديسمبر، ورفض المفوضين الحزب 28 نوفمبر، وتسريبات نفس اليوم. ورغم علاقاته القوية داخل مقر الأمانة العامة، التى كانت دائرة نفوذه لسنوات طويلة، فإن الرجل يدرك حساسية موقفه، ويعلم أن تورطه فى وضع تسجيلات مخاطرة غير محسوبة العواقب. الأمن الوطنى.. أمن الدولة سابقا يرى البعض أن صراعًا ما يدور داخل المؤسسة الأمنية، ويفترض أن الجهاز يريد إثبات ذاته، ووجوده ضمن دائرة صنع القرار فى مصر، وفى ضوء ما يتردد عن وجود صراع على عقل الرئيس بين الأجهزة الأمنية المختلفة، فإن هذا الاحتمال وارد. الشاطر وعصابة الإخوان يتهم البعض جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء هذا الاختراق، من خلال بعض عناصرها والموالين لها أو المتعاطفين معها داخل المؤسسات السيادية والأمنية. هذا الاحتمال وارد، رغم أن البعض يجادل بأن التسريبات تبدو أكبر من قدرات الجماعة ومناصريها. غذَّى هذه الشكوك تصريح للقيادى الإخوانى عصام العريان بشأن قيام رئاسة الجمهورية بتسجيل المكالمات واللقاءات المتعلقة بالرئاسة لاعتبارات أمنية. وطلب النائب العام -حينذاك- من رئيس الديوان الجمهورى موافاته بسند إجراء هذه التسجيلات، مؤكدا أن قانون العقوبات يُجرم هذا الفعل حماية لحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، إذا تم بغير إذن من القضاء أو النيابة العامة، ويكون بمنزلة ارتكاب جريمة، كما أنه لم يرد بنص قانون العقوبات أى استثناء لأى جهة أو شخص من العقوبة الواردة بنص التجريم، إذا ثبت قيامها بتسجيل المكالمات دون إذن قضائى. اضطرت رئاسة الجمهورية وقتها إلى إصدار نفى رسمى لما تردد حول قيامها بتسجيل الاتصالات الهاتفية التى تتم بينها وبين المسؤولين والأفراد. دعونا نشير هنا إلى أنه فى ديسمبر 2013، تحدثت مصادر بهيئة الرقابة الإدارية لوسائل إعلام عن فتح أجهزة سيادية رفيعة المستوى، تحقيقات موسعة فى فضيحة تنصت قيادات تابعة لمكتب إرشاد جماعة الإخوان، على أجهزة حيوية ومواطنين، تحت رعاية الرئيس المعزول محمد مرسى، مؤكدة أن التحقيقات تشمل عددا من الموظفين المنتمين إلى جماعة الإخوان، الذين يواجهون اتهامات باستغلال الطابق رقم 11 فى الهيئة، لإدارة عمليات تجسس على جميع مؤسسات وهيئات الدولة لحساب مكتب الإرشاد. وأشارت إلى وضع 200 خط مراقبة إلكترونية فى الطابق، لإدخال أى خط تليفون محمول تحت المراقبة على مدار 24 ساعة ، لافتة إلى أن الطابق ال11 عبارة عن قاعتين كبيرتين، على مساحة نصف الطابق، ملحق بهما 6 غرف معلق بها سماعات لما يتم تسجيله للهيئات الحكومية والخاصة والمسؤولين الكبار فى الدولة، ومتصلة بأسلاك مرتبطة إلكترونيًّا بسنترال رمسيس، عن طريق خطوط، بما يسمح لأعضاء الرقابة الإدارية، بتفريغ التسجيلات وعرضها على قيادات الإخوان، وعلى رأسها نائب المرشد خيرت الشاطر، ومحمد البلتاجى، قبل عرضها على مرسى (موقع الشاهد الإلكترونى، 4 ديسمبر 2013). وأوضحت أن الطابق ال11 كانت تتم به أكبر عمليات التجسس فى الشرق الأوسط، منذ حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، للتجسس على مكالمات المسؤولين فى الدولة، بهدف الكشف عن عمليات الفساد فقط ، مضيفة أن العاملين فى الهيئة فوجئوا بإصدار محمد البلتاجى، وعصام العريان، ومحمد محسوب، أوامر للموظفين بفتح جميع الملفات الموجودة فى الطابقين الرابع والخامس، لجميع المسؤولين المعارضين لسياسات الإخوان، بهدف السيطرة والضغط عليهم، خصوصا المسؤولين فى وزارة الداخلية . وأكدت المصادر سفر الشاطر إلى الولاياتالمتحدة سرًّا فى أكتوبر 2012، لمدة أسبوع، بصحبة المسؤول عن أعمال التجسس الخاصة بمكتب الإرشاد فى الهيئة، دون علم رئيس الهيئة وقتها، لشراء أحدث أجهزة التجسس ذات التقنية العالية، استعدادا لوضعها فى الغرف لمراقبة أعمال المسؤولين فى مكاتبهم بالدولة، كما قدم الشاطر مبلغ مليون جنيه مكافأة للمسؤول، وعدد من أعضاء الهيئة عما بذلوه من جهود لخدمة الجماعة فى سرية تامة. ووفقًا للمصادر، فإن أجهزة التجسس على المكالمات التى تم استيرادها، يبلغ حجم الواحد منها حبة الترمس، بحيث يتم وضعها داخل فيشة الكهرباء أو جهاز التليفزيون، كما أن أجهزة التصوير فى نفس الحجم، وبها جزء مغناطيسى، بحيث يتم وضعها أسفل المكاتب، أو داخل النجف، لرصد جميع تحركات المسؤولين فى غرف مكاتبهم. أجهزة استخبارات خارجية هذا الاحتمال وارد وقائم، رغم صعوبته فى هذه الحالة تحديدا، فإذا كان منطقيا، قيام بعض أجهزة الاستخبارات الخارجية، بالحصول على معلومات من مواقع ومنشآت استراتيجية أو سيادية، فإنه يصعب فهم المنطق الذى يقف وراء إعادة بث مثل هذه التسجيلات على بعض الفضائيات، لأن هذا ببساطة لا يتفق مع أغراضها، وطرق عملها، وقواعدها، بل ومصالحها، إلا بالطبع أجهزة الاستخبارات الموالية لجماعة الإخوان ، فى عدد من الدول الواقعة فى المنطقة، فهذه يهمها بالأساس إظهار أن الحكم فى مصر ضعيف وغير مستقر، ولا يستطيع تأمين شؤونه واتصالاته السرية. لماذا عباس كامل؟ ترسم التسريبات المنسوبة إلى اللواء عباس كامل، مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسى، ملامح شخصية تتسم بالذكاء حد الدهاء، تفرض سيطرتها ورؤيتها على غيره، وتمتلك نفوذها وتأثيرها على دوائر مختلفة. كان رفيق السيسى فى اللحظات الفارقة: عَزْل المشير حسين طنطاوى، عَزْل محمد مرسى، فضّ اعتصامَى رابعة و النهضة . كما يعد اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسى، منذ عمله فى المخابرات الحربية، بالإضافة إلى منصبه كمسؤول عن مكتب الملحقين العسكريين بالمخابرات الحربية، مرورًا بمنصبه فى وزارة الدفاع بالعباسية وحتى توليه رئاسة الجمهورية، وكان أول ظهور له بصحبة السيسى قبل أداء اليمين الدستورية، حيث جلس بجوار الرئيس المنتخب فى الطائرة التى أقلته إلى مبنى المحكمة الدستورية بالمعادى، فضلًا عن وجوده بمقر المحكمة وقصرَى الاتحادية والقبة فى أثناء حفل تنصيب الرئيس المنتخب. كما ذكره السيسى حين تم تسريب أجزاء من حوار المشير مع الكاتب الصحفى ياسر رزق، وكان السؤال عن عدد القتلى فى فض اعتصام رابعة، فأجاب السيسى: اسألوا عباس. يمتلك مدير مكتب الرئيس عقلية عسكرية تنظيمية.. ويحظى بثقة كبيرة من السيسى والنفوذ وتقول مصادر متطابقة إنه فى الليلة التى قرر فيها المشير السيسى التراجع عن الترشُّح ل الرئاسة ، كان اللواء عباس حاضرًا، وبعقلية رجل مخابرات عنده قدرة تنظيمية رهيبة عدّد له مجموعة احتمالات إذا لم يترشَّح. ما بين عودة الإخوان ، ونجاح مرشّح أمريكا، وغضب شعبى، وثورة ثالثة، ومن هنا اقتنع المشير بالترشّح. ويكشف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، أنه فوجئ باللواء عباس كامل، حين كان ضابطًا بالمخابرات الحربية، يتصل به فى اليوم التالى لاتهام الإعلامى توفيق عكاشة للواء عبد الفتاح السيسى، بأنه إخوانى ، وكذّب هذه المعلومة، وقال له ما أذيع يستهدف قطع الطريق أمام اللواء السيسى لتولى منصب وزير الدفاع الذى يرشّحه له المشير طنطاوى . يمتلك عباس عقلية عسكرية تنظيمية، وهو حاضر دومًا بجوار الرئيس، وظهر ذلك جليًّا قبل الإعداد لحضور الرئيس قمة الاتحاد الإفريقى بجمهورية غينيا الاستوائية وزيارات الجزائر والسودان والكويت، وغيرها. ظنّ البعض أن كامل سيصبح أحد أبرز رجال الظل فى عهد السيسى، إلا أن التسريبات المنسوبة إليه لاحقته، وباتت عاملًا مهًّا فى إثارة الجدل حوله، حتى بات السؤال هو: هل تستهدف التسريبات عباس كامل فى المقام الأول؟ يبدو هذا الاحتمال واردًا بقوة، خصوصًا أن العلاقة المتينة التى جمعت بين السيسى وكامل دفعت كثيرين إلى محاولة إزاحته من الطريق إلى عقل السيسى وأذنه. ربما يرتبط بالحملة على كامل ذلك القرار الذى أصدره الطيار حسام كمال وزير الطيران المدنى، قبل أيام، بإعفاء اللواء محمد كامل، شقيق اللواء عباس كامل، من منصب القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوى، ونقله ليعمل مساعدًا لرئيس مجلس إدارة الشركة للشؤون الفنية والأمنية. كانت انتقادات واسعة قد وجّهت إلى إدارة كامل لشؤون المطار لمدة عام، بالتوازى مع سلسلة حوادث طالت تأمين وسلامة ممرات ومهابط الميناء الجوى، آخرها اصطدام طائرة بميكروباص، والتى بررها كامل بإصابة السائق بنوبة سُكّر مفاجئة. وأرجعت مصادر فى الشركة القابضة قرار تنحية كامل بتحقيق أداء أفضل، بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى، التزامًا بمبدأى الكفاءة والمساواة أمام القانون، أيًّا كان مَن يشغل المنصب. ويبدو أيضًا أن تكليف اللواء محمد كامل بمنصب القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوى، قوبل ببعض الانتقادات لدى العاملين، مما دفع مؤسسة الرئاسة للتنبيه بعدم التجديد له أو تعيينه فى المنصب بشكل رسمى.