كشفت وكالات الأنباء عن ترتيب تركيا عمليات نقل لمقاتلى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» من سوريا والعراق إلى ليبيا، وأن المخابرات التركية تشرف على نقل هؤلاء المقاتلين من سوريا والعراق إلى أراضيها، ثم تقوم بنقل هؤلاء المقاتلين مرة ثانية بحرًا إلى الموانى الليبية، لا سيما ميناء سرت، يحدث هذا بينما تواصل طائرات النقل القطرية والسودانية إمداد الميليشيات بالسلاح الحديث، يجرى كل ذلك من أجل ضمان سيطرة هذه الجماعات المتشددة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضى الليبية، لا سيما المناطق الغنية بالنفط. ويمثّل ذلك المرحلة الأولى من المخطط التركى-القطرى، أما المرحلة الثانية، الأهم بالنسبة إليهم، فهى حشد مقاتلى هذه الجماعات المتشددة من أجل شن الهجمات على الأراضى المصرية عبر الحدود الممتدة مع ليبيا، وهى تزيد على ألف كيلومتر. ومن هنا يبدو واضحًا أن الدور القطرى-التركى والمدعوم سودانيًّا يستهدف فى المحصلة النهائية الدولة المصرية. لكل ذلك تبذل مصر جهودها الضخمة بالتنسيق مع عدد من الدول العربية. مثل الإمارات، من أجل دعم البرلمان الليبى المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، باعتبارهما عنوان الشرعية فى ليبيا، وتبذل فى الوقت نفسه جهودها من أجل دعم ومساندة الجيش الليبى الوطنى، الذى يخوض معارك طاحنة ضد الجماعات المتشددة المسلحة، وكانت مصر من أولى الدول التى أعلنت دعمها للبرلمان الليبى والجيش الوطنى، وأبدت استعدادها لتدريب عناصر الجيش الوطنى الليبى وإمدادها بالخبرات اللازمة لكسب المعركة. وفى خطوة استباقية لإجهاض الجهود المصرية، رتَّبت المخابرات القطرية والتركية مع الجماعات المتشددة على الأراضى الليبية عمليات خطف لمصريين، وتحديدًا الأقباط، فى محاولة لإحراج الدولة المصرية، وإظهارها بمظهر العاجز عن تأمين مواطنيها فى الخارج والدفع باتجاه إثارة فتنة دينية من خلال التركيز على خطف مصريين أقباط والمناورة بهم. من هنا يبدو واضحًا أن الأوضاع فى ليبيا معقَّدة للغاية، وتفوق قدرات الجيش الليبى على السيطرة عليها ومواجهة الجماعات المسلحة، لا سيما مع تدفُّق السلاح الحديث ومقاتلى داعش عبر الأراضى التركية، وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن ضرورة حدوث تدخُّل عسكرى دولى فى ليبيا على غرار ما جرى من قبل حلف شمال الأطلنطى الناتو ضد نظام معمر القذافى، ولكن يبدو واضحًا أن الدول الغربية لا مصلحة لها فى هذا التدخل ومن ثَمَّ فهى لا تتجاوب مع مثل هذه المطالب، وهو ما شدَّد عليه الرئيس الفرنسى بشكل واضح وحاسم. لكل ذلك يبدو مهمًّا للغاية ترتيب العملية برمتها من قبل الجامعة العربية التى عليها المبادرة بعقد اجتماع استثنائى لمناقشة موضوع التدخُّل العسكرى العربى فى ليبيا، ليس مجرد اجتماع لغسل الأيدى ولا من أجل النقاش العقيم، بل لمناقشة بند واحد هو التدخُّل العسكرى العربى فى ليبيا من قبل الدول العربية التى لديها استعداد للمشاركة فى هذا العمل، يكفى هنا أن تتقدَّم ثلاث أو أربع دول عربية للقيام بهذا العمل، منها مصر، والإمارات، والسعودية، وأى دولة أخرى مستعدة للعمل معها، وأن تشكِّل هذه الدول مجموعة عمل تخطّط للقيام بضربات جوية مكثّفة لمواقع وجود وسيطرة هذه الجماعات، وفى الوقت نفسه تمد الجيش الليبى بالسلاح والعتاد اللازم لخوض معارك برية حاسمة ضد هذه الجماعات من أجل تطهير الأراضى الليبية بالكامل ومنشآت البرلمان والحكومة فى عملية بناء مؤسسات الدولة الليبية.