بعث المجلس الوطنى المصري تهنة لرئيس مجحمد مرسي جاء بها «يتقدم المجلس الوطنى المصرى إليكم بالتهنئة بعد أن قال الشعب كلمته وأوصلكم إلى مقعد الرئاسة، فى مرحلة صعبة وظروف شديدة التعقيد. وسبق وان اعلنا موقفنا قبيل انتخابات الإعادة اننا ما كنا ناملها بين طرفيها اللذين خاضا جولاتها النهائية، إلا أنه احتراماً للشرعية وللارادة التى اولتكم علينا، فانما وكما قلتم انت فى بيانكم الأول قد وليت علينا ولست بخيرنا، وانه لا طاعة لك علينا ان فرقت او ميزت او تهاونت او فرطت فيما أؤتمنتم عليه فنقول لك: لك علينا الولايه مشروطة بالشروط الآتيه؛ نقدمها بعين المحب للوطن، وبعين من لا يهمه سوى إرضاء الضمير الوطنى. أولا.. إننا فى المجلس الوطنى نؤكد على ضرورة أن تكون رئيسا لكل المصريين؛ من انتخبوك، ومن أحجموا عن الذهاب للصناديق، أو من أبطلوا أصواتهم، أو غيرهم ممن أعطوا أصواتهم لمنافسكم. أنت الآن رئيسا لكل هؤلاء، والرضا بهذه النتيجة والقبول بها بداية صحيحة للعيش فى دولة تتطلع إلى الديمقراطية وتعظم دور القانون والمؤسسات، وعليه فإن المطلوب هو أن تكون رئيسا للجميع فعلاً لا قولاً. ثانيا: إن آمال المواطنين المتعلقة بلم الشمل واجراء مصالحة وطنية شاملة بين الأفراد والفرق والجماعات يجب أن تكون هدفا متقدما واجب التحقيق، مع عدم التفريط فى حق الشهداء والمصابين؛ اذ لا مصالحة مع قاتل أو خارج على القانون يوجه سلاحه إلى صدر غيره من المواطنين. وهنا يرى المجلس الوطنى أن هذا أساس إنجاز المشروع الوطنى الذى يقوم على المساواة، ويتيح الفرص المتكافئة أمام المواطنين، وعليه فإن الكل فى أمس الحاجة إلى مراجعة النفس ونقد الذات؛ كسبيلين لمصالحة وطنية فعلية، تصحح العلاقة بالثورة، وتفتح صفحة جديدة بين مؤسسة الرئاسة والثوار، بما تحمل على كاهلها من أوزار فى حق الثورة والشهداء والمصابين. ثالثا: إن حكم مصر مدنى لدولة ديمقراطية حديثة؛ قاعدتها العلم والوحدة الوطنية والانفتاح على التجارب الحية في العالم، ومصر دولة لها عمقها التاريخى وموروثها الحضارى والانسانى ومبادئ الأديان والقيم الروحية والمثل العليا التى يهتدى بها شعبها، وهذا هو سر عبقريتها وقدرتها على البقاء. رابعا: وكما أن ان مصر كدولة ونظام حكم قد أجبرت على التخلى عن دورها الحضارى والتاريخى، فغيرت من نهجها، حتى ألقت بنفسها فى أحضان الفاسدين والمفسدين والمغامرين من كل شكل ولون فى الداخل والخارج واستمر ذلك لعقود، كانت بدايتها الوقوع فريسة لانفتاح اقتصادى متوحش لا يرحم، وصاحبه إنفتاح سياسى عشوائى مشوه ومضلل؛ فتغيرت موازين القوى لصالح اللصوص والإقطاعيين والطفيليين والسماسرة والمضاربين والعملاء، وصار الفساد هو الأصل، فبيعت مصر أرضا وشعبا وحضارة، وأصبح التفريط سياسة ثابتة ملزمة للمسئولين فى الحزب الوطنى المنحل وحكومة رجال الأعمال البائدة، والمصريون يتطلعون إلى عودة الدولة لتلعب دورها المنوط بها، ويتحرر نظامها السياسى من التبعية ومن قيود الخارج المفروضة عليه. خامسا: ان الحريات الشخصية والعامة منحة الخالق فلا ولاية لبشر بالحد منها، او قيدها فيما يخص علاقة الفرد بربه عقيدة وسلوكاً ومظهراً، فالولاية فى هذا الشان للخالق وليست لرئيس او اى انسان. ولا يمكن تحصينها إلا على قواعد المواطنة والقانون والديمقراطية وحقوق الإنسان، والانتماء لثورة 25 يناير المجيدة، بما يمكنكم من وضع أسس لبناء نموذج مجتمع متقدم؛ ينعم بالرخاء والطمأنينة، يجد حصانته فى الاستقلال الوطنى والتنمية والتقدم، وفى تأثير إيجابى بالدوائر العربية والإفريقية والإسلامية والإنسانية، فتعود مصر كما كانت قبلة للعالم وقدوة لشعوبه وملهمة لها فى إرساء قيم الحق والخير والسلام القائم على العدل. سادسا: ان المجتمع المصرى الذى اكتوى بنيران الاقتصاد العشوائى الطفيلى، وعانى من توحش الراسمالية المسعورة الذى لا تراعى سوى مصالحها الخاصة، وكفى أربعين عاماً مضت من الذل والهوان؛ نهبت فيها الثروات وجف منها المخزون الثقافى، وتشوه الميراث الحضارى على يد قلة لا ضمير لها ولا خلاق. وهذا يحتاج منكم النظر إلى هذا البلد العظيم من داخله، والرهان على شعبه، بعيدا عن قوى الترهيب والترغيب والتخريب الداخلية والإقليمية والصهيو غربية. سابعا: ان نهضة المجتمع لا تتم باستحواذ يقابله اقصاء ولا بمغالبة تنحى المشاركة، وانما عماد النهضة المشاركة الحقيقية؛ بعيدا عن الإقصاء وتعظيماً لمبادى المساواة وتكافؤ الفرص. ولن يكون ذلك إلا بالاهتمام بالإنتاج، والعمل الجاد، كى يحصل المواطن على حقه فى أن يحيا حياة كريمةك قوامها تعليم مجانى وعمل مناسب ورعاية صحية كاملة ومسكن آدمى ورعاية اجتماعية وإنسانية كافية للجميع دون تفرقة. وبهذا تتحول مصر على اتساعها إلى ورشة كبرى، وخلية نحل تعمل بكامل طاقاتها من أقصاها إلى أدناها، فينزاح الغبن من على كاهل المطحونين، ويتم إنصاف المظلومين، وتخف وطأة الذل والهوان والفقر والجهل والمرض. ثامنا: إن السير على طريق الثورة يعصم الجميع من الزلل، ويجعلنا نقف معكم ونعينكم على تحقيق أهدافها، فمسئولية بناء المجتمع المنشود تقع على عاتق الجميع، حتى تتكافأ التضحيات، وبغير ذلك نبقى فى نطاق المعارضة، آملين ألا يضيق الصدر بانتقاد أو معارضة، فقد انتهى زمن ردود الأفعال القمعية او القهرية، وأسلوب تلفيق التهم والاحتجاز فى السجون والمعتقلات والتعذيب والقتل غيلة فى الأقبية والزنازين، فلا تقابل ربك وفى عنق نظامك نقطة دم. تاسعا: إن االشعب متى تحرر لقادر على تفجير طاقات الإبداع فى كافة المجالات، وينهض من كبوته، ويصنع تقدمه ورخاء أبنائه، وهذا الشعب لقادر على جعل الحرية والديمقراطية أساسا للقوة، وقاعدة للتواصل مع العالم دون تبعية خانعة أو إذعان ذليل، وبذلك تحتل مصر موقعها الذى يليق بها بين الأمم، ومكانتها الطبيعية تحت الشمس. عاشرا: أهمية التحرر من فاتورة الداعمين ولتكن جماعتك هى الشعب المصرى، وعلينا أن نعلم ان المرشد فى الحياة هو العمل، وكما كنت بالأمس تحاسب عن نفسك، فأنت اليوم تحاسب عن شعب يصل الى تسعين مليون نسمة، واخيرا فان عدم الالتزام بما الزمت نفسك به فستجدنا من اشد المعارضين بل المقاومين، واذا التزمت ستجدنا من اكثر المنصفين والداعمين والمعترفين بالفضل .