يتجدد مرة أخرى الحديث عن احتمال خوض أحمد عز انتخابات البرلمان القادمة! قد يكون الموضوع إهانة للثورة من الناحية الأدبية حين تجد العنوان الأكبر لفساد مرحلة ما قبل يناير عائدًا للحياة السياسية. لكن السؤال الحقيقى الذى يتهرب منه الكثيرون هو: كم أحمد عز يلعب الآن على مسرح السياسة ويتلاعب بمفاتيح الاقتصاد؟! وكم واحدٍ منهم يسعى لاسترداد القليل من المال أو النفوذ الذى اضطر إلى التخلى عنه بعد الثورة! وكم واحدٍ منهم يعمل جاهدًا لامتلاك إمبراطورية إعلامية يضعها فى خدمة مصالحه ويضمن تمويلها من المال الحرام الذى ما زال يحتفظ به بعد أن تم نهبه فى سنوات الفساد العظيم! منذ ثورة يناير ونحن نطلب العدالة الانتقالية. وكل ما جنيناه بعد 4 سنوات أن أصبح لدينا وزير ووزارة دون أن يكون لدينا قانون يحقق العدل ويثأر للشهداء ويستعيد ما نُهب، يفتح باب التوبة لمن أجرموا والتسامح لمن أضيروا، لنبدأ عهدًا جديدًا يحقق العدل ويؤكد كرامة المواطن. والآن، وبعد 4 سنوات يصبح الحديث عن عودة أحمد عز للسيطرة على عالم الحديد، واستعداده الحقيقى أو المزعوم للعودة إلى عالم السياسة. لكن هذا الحديث لا يمتد إلى آخره ليثير الأسئلة التى لا تجد إجابة حتى الآن عن أباطرة الفساد الذين ما زالوا ينشرون فسادهم ويحتفظون بما حققوه من ثروات حرام حتى اليوم! وعن الذين شاركوا فى تزوير الانتخابات فى ظل الحزب الوطنى، ويستعدون الآن للتزوير تحت لافتة أى حزب آخر!! وعن الذين استغلوا مواقعهم للثراء غير المشروع، ويطلون علينا اليوم ليعطونا دروسًا فى الأخلاق والنزاهة! قد يكون أحمد عز هو العنوان الأبرز لحزب الفساد، والذى أسقطته ثورة 25 يناير، ولكن ماذا عن الذين سهلوا له ذلك وشاركوه فى ما فعل؟ ماذا عن الذين أعطوه شركة الدخيلة بأموال البنوك المصرية ليتحكم فى صناعة الحديد؟ وماذا عن الذين جاؤوا به من المجهول ليتحكم فى الحزب الذى يحكم مصر ويفتح أبواب التوريث على مصراعيها؟ وماذا عن الذين كانوا يرتدون ملابس المعارضة فى الصباح ثم يذهبون إليه فى المساء يقدمون آيات الولاء وينتظرون الثمن كرسيا فى البرلمان أو رشوة على حساب الدولة؟! قد يكون أحمد عز رمزًا لسنوات الفساد الكبير، ولكن ماذا عن وجوه قبيحة كانت فى السلطة أو البرلمان أو الإعلام، ولم تكتفِ بالسكوت عن الفساد أو العيش فى ظله، بل وقفت تشارك فى الجريمة وتخالف الدستور والقانون. وتتحايل بإصدار اللوائح التى تبيح لأعضاء البرلمان أن يسرقوا الدولة وينهبوا المال العام، ويستولوا على ممتلكات الدولة بتراب الفلوس.. أليسوا هؤلاء أكثر وضاعة لأنهم باعوا كل شىء شريف مقابل أبخس الأثمان ثم وقفوا -بعد الثورة- يدعون الشرف ويتصورون أن الناس ستنسى أنهم كانوا مجرد خدم صغار فى بلاد الكبار فى زمن الفساد؟! قد تكون عودة أحمد عز إهانة للثورة، ولكن ماذا عن باقى أركان دولة الفساد وهم لا يكتفون بالاحتفاظ بنفوذهم، بل يقودون الهجمة على الثورة، وينفقون مئات الملايين لتشويهها، ويطلقون قنوات التليفزيون وصحف الفضائح لترويج أحاديث الإفك وتحويل يناير العظيم من ثورة شعب إلى مؤامرة يستحق من يؤمن بها الضرب على القفا ويستحق من قام بها الضرب بالرصاص أو الرمى فى السجون (!!) لكى يحصل الفاسدون على البراءة، ولكى ينال القتلة شهادات التكريم (!!) ولكى يتوهم حزب الفساد وليس أحمد عز وحده أن بإمكانه العودة بمصر إلى ماضٍ ثارت عليه مرتين، وانتشرت بإرادة الملايين وانحياز الجيش لهذه الإرادة، حتى وإن أصاب العمى حزب الفساد كما أصاب إخوان الإرهاب فلم يروا الحقيقة، ولم يدركوا أن الماضى البغيض لن يعود أبداً!! مجرد الحديث عن عودة أحمد عز هو إهانة لمصر وثورتها.. ولكن ماذا عن حزب بأكمله ما زال يمثل نفس الاتجاه، وما زال يملك مفاتيح العبث بمستقبل مصر؟! أليس من حقنا أن نسأل إلى متى يبقى أعداء الثورة قادرين على محاربتها بالمال الذى ينهبونه والنفوذ الذى اكتسبوه والإعلام الذى يمولونه؟! معركتنا أكبر من أحمد عز.. معركتنا مع دولة الفساد وما زالت قائمة بعد ثورتين.. ومسؤوليتنا أننا تركناها حتى اليوم بلا حساب!