أتوجه بحديثى هذا إلى كل شخص ينتوى الترشح لمجلس النواب القادم وتحديدًا للأحزاب وللتحالفات التى تتشكل حاليا، وأتمنى أن يعلم كل من ينتوى الترشح للبرلمان المسؤولية الملقاة على عاتقه، وسأعطى بعض الأمثلة الخاصة بمجلس النواب الجديد، فوفقًا للمادة 156 من دستور 2014، إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يُوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، أن يدعو رئيسُ الجمهورية المجلسَ لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، وبالتالى تتضح هنا مهمة مجلس النواب القادم فى مراجعة جميع القوانين التى صدرت خلال الفترة الماضية. يحمل مجلس النواب القادم مسؤولية مشتركة مع رئيس الجمهورية فى اختيار رئيس الوزراء وفقًا للمادة «146»، كما تقع على البرلمان القادم مهمة إصدار القوانين المكمِّلة للدستور، فوفقًا للمادة «241» يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بإصدار قانون العدالة الانتقالية. وإذا كان كل من ينتوى الترشح لمجلس النواب القادم على دراية بهذه المهام فلماذا إذن لا تُثار قضية لائحة مجلس الشعب التى تمثل أول عائق حقيقى أمام البرلمان القادم لتنفيذ مهامه؟ ولماذا تتشكل التحالفات الحالية بشكل ينمّ عن عدم مسؤولية حقيقية كأن الموضوع يقتصر على توزيع غنيمة، فنسمع كل يوم عن تحالفات غريبة تجمع بين أحزاب متناقضة من حيث الأفكار والمبادئ؟ ولماذا لم تطرح تلك التحالفات مسألة اللائحة؟ فلائحة مجلس الشعب هى القانون المنظم لعمل النواب، وسيواجه المجلس القادم أزمة حقيقية، حيث إن اللائحة الحالية لا تتماشى مع الدستور الجديد، فوفقًا للمادة 118: «يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه وكيفية ممارسته لاختصاصاته والمحافظة على النظام داخله وتصدر بقانون»، وبالتالى كيف سيعمل النواب الجدد حتى وضع لائحة جديدة؟ فإذا كان العمل سيتم وفقًا للائحة القديمة، فنحن نتحدث إذن عن تشكيل لجان المجلس ومكتبه وفقًا للائحة القديمة! واسمحوا لى أن أطرح عليكم بعض مشكلات تلك اللائحة، والتى مثلت دومًا سلاحًا فى يد الأغلبية، وأولى هذه المشكلات تتمثل فى مكتب الرئيس الذى يضم رئيس المجلس والوكيلين والذى يسيطر بشكل كبير للأسف على أعمال المجلس! وإذا شُكل مكتب المجلس الجديد ولجانه وفقًا للائحة القديمة، هل سيسمح هؤلاء بتعديل اللائحة بشكل يحد من سلطاتهم؟ هل فكّرت الأحزاب فى بعض الموضوعات المهمة مثل أهمية وجود لائحة طويلة وتفصيلية كالقديمة التى ضمت 415 مادة، أم الأفضل إصدار لائحة مختصرة؟ كيف يمكن الحد من سلطات رئيس المجلس؟ كيف يمكن تفعيل لجان المجلس؟ كيف يكون لدينا مجلس معبِّر عن الجميع؟ وغيرها من الأسئلة التى لم تُطرح للأسف حتى الآن. يبقى القول: إن الفرصة الأخيرة أمام الجميع للعب دور سياسى ستكون من خلال مجلس النواب القادم، ومن ثم على الأحزاب مسؤولية جسيمة فى اختيار مرشحيها للمجلس، وعلى الإعلام دور فى تعريف المواطنين ببرامج الأحزاب وطرح أفكار حقيقية، وعلى الناخب مهمة أساسية فى اختيار أفضل من يمثله ويحافظ على مصالح الأمة، وإذا لم يُحسن الجميع الاختيار فيمكن القول إن السياسة قد تشهد موتًا حقيقيًّا.