كتب - محمود السيوفي مصر رفعت سعر الغاز المصدَّر لإسرائيل إلى 1.5 دولار فى حين كان سعره العالمى 12 دولارًا فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها مصر فى الوقت الراهن، وفى ظل فساد الذمم وغياب الضمير الذى تسبب فى إهدار ثروات مصر المختلفة، ومنها الثروات البترولية وتحديدا الغاز الطبيعى، خصوصًا مع نقص الكميات التى تحتاجها السوق المحلية، فقد تسبب إهدار ثروة مصر من الغاز الطبيعى، وتصديره إلى إسرائيل وإسبانيا والأردن، وبيعه إلى إسرائيل بأسعار تقل حتى عن التكلفة الحقيقية لإنتاجه، كما تسبب قلة من عديمى الضمير أصحاب الذمم الخربة فى العهد السابق فى بيع الغاز المصرى لإسرائيل بأقل من دولار واحد للمليون وحدة حرارية، ثم تمت زيادة السعر ليصل إلى 1.5 دولار، فى الوقت الذى كان سعره فى الأسواق العالمية لا يقل عن 12 دولارًا. فساد الدولة كان خلف أكبر عملية لنهب ثروة مصر من الغاز الطبيعى على الرغم من احتياج السوق إلى كميات الغاز، التى كانت تصدر، وهو ما تسبب فى حالة الظلام التى تعيشها البلاد فى الوقت الحالى، التى تهدد بصيف قادم مظلم، إذا لم تتحرك الدولة سريعًا، خصوصًا أن إنتاج الحقول من الغاز لا يكفى حجم الاستهلاك. الشركات الأجنبية تضغط على الحكومة لاستيراد الغاز الإسرائيلى لتشغيل مصانع الإسالة بدمياط وإدكو وبعيدا عن الفساد وإهدار ثروت الدولة، فقد زاد فى الآونة الأخيرة الحديث عن استيراد الغاز الإسرائيلى، خصوصًا بعد توقيع عدد من الشركات الخاصة لخطابات نوايا مع شركات إسرائيلية لاستيراد الغاز، وبدأت وسائل الإعلام فى الحديث عن حجم الصفقة وقيمتها، حيث أعلنت إحدى وسائل الإعلام أنها تصل إلى 60 مليار دولار سنويا. على الجانب الرسمى فقد أعلنت وزارة البترول عن أنها لم توقع أى اتفاقيات لاستيراد الغاز الإسرائيلى، وأنها وضعت شروطًا للموافقة على استيراد الغاز الإسرائيلى، ومنها ضرورة موافقة الحكومة المصرية والأمن القومى على الاستيراد، وأن يحقق استيراد الغاز الإسرائيلى قيمة مضافة إلى صناعة البترول المصرية، وأن تنتهى قضايا التحكيم المرفوعة على الدولة من بعض الشركات الأجنبية وتحديدا الشركة الإسبانية، إلا أن كل الطرق تؤدى إلى استيراد الغاز الإسرائيلى لعدة أسباب سنذكرها، لكن فى هذه المرة فإن التعاون سيكون تجاريا وليس كالاتفاق السابق، حيث كان اتفاق إسرائيل مع مصر لتصدير الغاز المصرى بين دولة ودولة، لكن الآن الاتفاق تجارى بين شركات وشركات، ويخضع للأسعار العالمية. فى البداية، نوضح لماذا تزيد فرص استيراد الغاز الإسرائيلى، حيث اكتشفت إسرائيل حقلين، هما حقل ليفى سيان، وهو حقل كبير يصل المخزون فيه إلى 19 تريليون قدم مكعب غاز، ومتوقف العمل فيه لعدم وجود منفذ لبيع الغاز، حيث تم حفر عدد من الآبار، وعمل تقييم للاحتياطات، وثبت أن إنتاجه اليومى قد يصل إلى 1.5 مليار قدم مكعب، وتقوم بتشغيله شركة «نوبل إنرجى» الأمريكية. الحقل الثانى هو حقل تمار، الذى تم اكتشافه، ويصل إنتاجه اليومى إلى 400 مليون قدم مكعب، وفشلت إسرائيل فى تسويق إنتاجه، حيث يزيد على احتياجات السوق الإسرائيلية، وهو ما استغلته الشركات الأجنبية العاملة فى مصر، وتحديدا شركة «يونيون فينوسا» الإسبانية، التى تمتلك مصانع الإسالة بدمياط، وبالمشاركة مع وزارة البترول قامت بالتوقيع على خطابات نوايا مع «نوبل إنرجى» لاستيراد الغاز الإسرائيلى من هذه الحقول، كما قامت شركة «بريتش جاز» الإنجليزية المالكة مصانع الإسالة بإدكو بالمشاركة مع وزارة البترول أيضا، بالتوقيع على خطابات نوايا لاستيراد الغاز الإسرائيلى لتشغيل مصانع الإسالة، حيث يتضمن الاتفاق إذا وافقت الحكومة المصرية على مد خط أنابيب من حقل تمار وحتى مصانع الإسالة بدمياط، وخط آخر لمصانع الإسالة بإدكو من خلال خط بحرى لهذه الحقول. ومع اعتراض الحكومة فى الوقت الحالى على استيراد الغاز الإسرائيلى، ووجدت إسرائيل نفسها فى مأزق بسبب أن الغاز الموجود فى الحقول أكبر بكثير من احتياجات السوق الإسرائيلية، وهو ما يتطلب تصديره إما من خلال مصانع للإسالة وإما مد خطوط أنابيب لأقرب بلد على علاقة تجارية مع تل أبيب، وهو ما يزيد من فرص السوق المصرية لقربها من الحدود الإسرائيلية، إضافة إلى أن خطوط الأنابيب موجودة بالفعل منذ فترة تصدير الغاز المصرى لإسرائيل، والممتدة من خلال شركة شرق البحر المتوسط من الأراضى المصرية وحتى إسرائيل، ونظرا لارتفاع تكلفة إنشاء مصانع الإسالة، التى تصل من 6 إلى 7 مليارات دولار، ويحتاج إنشاؤه إلى فترة زمنية طويلة تصل إلى 6 سنوات، وهو ما يزيد من فرص الخطوط البحرية، التى تصل تكلفتها إلى ما يقارب 2 مليار دولار، وتستغرق وقتًا أقل فى إنشائها، وباستغلال الضواغط الموجودة فى مخازن شركة «فجر» الأردنية، وهو ما جعل اتفاقيات الغاز اتفاقيات طويلة الأجل، مما يزيد من فرص مصر أيضًا، ويجعلها تحصل على سعر مناسب للغاز الإسرائيلى يصل من 6 إلى 10 دولارات بأقل من السعر العالمى، الذى يصل إلى 14 دولارًا. الأمر الآخر، الذى يزيد من فرص استيراد الغاز الإسرائيلى، هو التعاون المصرى القبرصى، وعلاقة قبرص الجيدة مع إسرائيل، حيث اكتشفت قبرص كميات من الغاز تزيد على احتياجاتها فى حقول بلوك 12، إضافة إلى حقل أفروديت، ومن المنتظر أن يصل إنتاجه اليومى إلى مليار قدم مكعب، ومن السهل مد خط أنابيب منه إلى الحقول المصرية، خصوصًا بعد زيارة وزير البترول المصرى قبرص والإعلان عن تعاون مصرى قبرصى لاستيراد الغاز القبرصى.