حوار- إسماعيل الوسيمي: تصوير- نادر نبيل: مصلحة الجمارك هى البوابة الأولى لدخول البضائع والسلع والمعدات إلى مصر، وبالتالى فهى تقوم بدور مهم فى الحفاظ على صحة المواطن وحماية الصناعة الوطنية، إلى جانب دورها كمصدر لدخل الدولة، ويوما بعد آخر تعلن مصلحة الجمارك المصرية عن ضبطها بضائع مهربة فى المنافذ المختلفة، وتعد ظاهرة التهريب أحد أهم المشكلات التى تواجه الجمارك، وفى الوقت الذى يترقب فيه كثير من المستوردين والمصدرين قانون الجمارك الجديد، يشكو كثير أيضا من تأخر الإفراج الجمركى عن البضائع. «التحرير» فتحت عديدا من ملفات الجمارك مع رئيس المصلحة الدكتور مجدى عبد العزيز، الذى لم يمر على توليه المنصب سوى ثلاثة أشهر، حيث تولاه فى منتصف أغسطس الماضى بقرار من وزير المالية. ظاهرة التهريب تمثل أهم المشكلات التي تواجه مصلحة الجمارك.. ما الإجراءات الجديدة التي اتخذتها المصلحة لمواجهة هذه الظاهرة؟ بالطبع تمثل ظاهرة التهريب أحد أهم أولويات مصلحة الجمارك التى تسعى لمكافحتها وإيجاد الآليات المناسبة للتعامل معها فى ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة، وعليه فقد قامت الجمارك باتخاذ حزمة من الإجراءات للتصدى لهذه الظاهرة تتمثل فى تشديد الرقابة على كل السلع المستوردة والمصدرة، من خلال مضاعفة معدلات المعاينة الفعلية للرسائل، وكشف كامل مشمول الحاويات، والسعى نحو إمداد معظم المنافذ الجمركية بأجهزة فحص بالأشعة لإحكام الرقابة الجمركية، فضلا عن التنسيق الدائم مع الجهات المعنية ذات الصلة كالتجارة والداخلية وأمن الموانى والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وذلك بهدف الحفاظ على حقوق الخزانة العامة للدولة، وحماية المواطنين من الأضرار الناجمة عن استيراد سلع غير مطابقة للمواصفات القياسية، كما يتم التعاون مع مجتمع الأعمال والمجتمع التجارى بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم لمكافحة التهريب والتجارة غير المشروعة للسلع. وما أبرز أشكال التهريب الآن؟ يُعرف قانون الجمارك التهريب الجمركى على أنه إدخال البضائع من أى نوع إلى البلاد وإخراجها منها بطرق غير مشروعة، ودون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة، كما يعد فى حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، وتمثل أهم أشكال التهريب فى تقديم مستندات أو فواتير مزوَّرة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات، أو ارتكاب أى فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها، أو بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة. وفى ما يخص أشكال التهريب المستحدثة، التى ابتكرها المهربون، فقد تلاحظ تقديم عديد من المستوردين فواتير بقيم متدنية، سواء عن طريق الاصطناع أو التزوير، وذلك بغرض التهرب من سداد الضرائب والرسوم المستحقة، وهو الأمر الذى قامت معه مصلحة الجمارك بالتنسيق مع مكاتب التمثيل التجارى بالخارج لموافاتنا بالقيم الحقيقية للأصناف المصدرة إلى مصر، تمهيدا لإصدار منشور أسعار استرشادية بشأنها يتم إعلانها على المواقع الجمركية المختلفة للاعتداد بها عند ورود مثل هذه الأصناف. وهل يمكن الوصول إلى مرحلة القضاء على التهريب؟ القضاء على التهريب من الأمور التى يصعب تنفيذها بشكل كامل على أرض الواقع، إلا أن المصلحة لا تدخر جهدا فى إحباط كل محاولات التهريب الجمركى واتخاذ الإجراءات التى من شأنها الحد من هذه الظاهرة، ومصلحة الجمارك بصدد إعداد قاعدة بيانات سعرية يمكن طرحها على كل المواقع الجمركية التنفيذية، لأخذها بعين الاعتبار فى مرحلة التقييم الجمركى، والتعاون مع كل الجهات المعنية بالدولة، للقيام بحملات على أوكار التهريب واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها. إلى أى جهة تسلم مصلحة الجمارك السلع المهربة التى يتم ضبطها؟ طبقا لقانون الجمارك فإنه يجوز لوزير المالية أو من يفوَّضه التصالح فى جرائم التهريب فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى الجنائية مقابل أداء مبلغ التعويض كاملا، وإذا كانت البضائع محل الجريمة من الأصناف الممنوعة أو المحظور استيرادها يتم احتساب التعويض على أساس الضريبة الجمركية أو قيمة البضائع محل الجريمة أيهما أكبر، وفى حالة التصالح ترد البضائع المضبوطة بعد دفع الضرائب المستحقة عليها، ما لم تكن من الأنواع الممنوعة أو المحظور استيرادها كما ترد وسائل النقل والأدوات والمواد التى استخدمت فى التهريب. من المقرر أن يصدر قريبًا قانون الجمارك الجديد.. فما أبرز ملامح مشروع القانون المتوقع صدوره؟ أهم ملامح مشروع قانون الجمارك الجديد، هو تبسيط الإجراءات الجمركية بما يحقق سيولة فى الإفراج عن البضائع فى أقصر فترة زمنية ممكنة اختصارا للوقت وتقليلا للتكلفة، ودعم دور الجمارك فى ضبط الجرائم الجمركية، ومراعاة أن تكون المنافذ والموانى بوابات عبور وليست أماكن تخزين، واعتناق إدارة المخاطر بما يتيح الإفراج عن البضائع دون كشف أو معاينة، إضافة إلى أخذ المشروع نظام المراجعة اللاحقة الذى يمكن الجمارك من إجراء تلك المراجعة بعد الإفراج عن البضاعة استكمالا وتفعيلا للدور الذى تقوم به إدارة المخاطر، وذلك مع استمرار نظام التحكيم كآلية مبسطة لفض المنازعات الجمركية، وجواز تأجيل سداد الضريبة الجمركية المستحقة وفقا لقوعد وضمانات وشروط تحددها اللائحة التنفيذية. كما تم استحداث نص يجيز تقسيط الضريبة الجمركية على الآلات والأجهزة وخطوط الإنتاج ومستلزماتها الواردة للمشروعات الزراعية أو الإنتاجية الصناعية تشجيعا لحركة الاستثمار، وتبسيط الإجراءات الجمركية على المستودعات وتشجيع تجارة الترانزيت وترشيد الإعفاءات، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة بتدعيم فكرة التجارة الإلكترونية، وتبادل وقبول وحفظ المستندات، ومراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية التى تكون مصر طرفا فيها، مع مراعاة أن تكون نصوص مشروع القانون واضحة لا لبس فيها، ولا غموض تجنبا للخلاف فى التفسير أو التأويل. مصلحة الجمارك كانت تعانى من المشكلات.. بصفتك رئيسًا جديدًا لها وتوليت المسئولية منذ شهور ما أبرز المشكلات التي وجدتها بالمصلحة؟ وما رؤيتك لتطوير المصلحة؟ فور صدور قرار بتعيينى لرئاسة مصلحة الجمارك، وجدت عددا من المشكلات المتراكمة، التى تعانى منها المصلحة منذ فترة طويلة، وتمثلت أهم تلك المشكلات فى زيادة أعمال التهريب بالمواقع الجمركية المختلفة، ونقص أجهزة الكشف بالأشعة، إضافة إلى وجود عدد من الاحتياجات الضرورية لبعض الإدارات الجمركية واللازمة لها لأداء أعمالها بكفاءة وفعالية، ومطالب السادة العاملين بهذه المواقع. ونحن نسعى للتغلب على هذه المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها فى ضوء الإمكانات المتاحة، والدعم الذى توليه وزارة المالية للنهوض بأداء المصلحة، باعتبارها خط الدفاع الأول ضد أى أخطار تهدد أمن وسلامة البلاد، حيث قمنا بالفعل باتخاذ عدد من الإجراءات للحد من التهريب والسعى نحو سرعة الانتهاء من طرح مناقصة تنفيذ المرحلة الرابعة من أجهزة الفحص بالأشعة، تمهيدا لتزويد المواقع الجمركية بها، كما قمنا بإجراء حصر كامل لاحتياجات الإدارات الجمركية ومطالب العاملين بها، تمهيدا للنظر فى إمكانية تلبيتها وفقا للأولوية والإمكانات المتاحة. وفى ما يخص القرار الخاص بحظر استيراد قطع غيار سيارات النقل المستعملة.. هل هناك نية للتراجع عن هذا القرار؟ وزارة التجارة والصناعة هى الجهة المنوط بها إصدار التعليمات والقرارات المنظمة لأعمال الاستيراد والتصدير، وتلتزم مصلحة الجمارك بتنفيذ ما يصدر عن الوزارة المذكورة من تعليمات فى هذا الشأن. ما آخر إحصائيات حصلية مصلحة الجمارك؟ وهل تتوقعون زيادة الحصيلة خلال العام المالى الجارى؟ الحصيلة الجمركية بلغت خلال العام المالى 2011/2012، 18.1 مليار جنيه بنسبة 82% من إجمالى المستهدف، وخلال العام المالى 2012/2013 بلغت الحصيلة 20.8 مليار جنيه بنسبة 81% من إجمالى المستهدف، وخلال الفترة من يوليو 2013 حتى سبتمبر 2014 بلغت الحصيلة 21.6 مليار جنيه بنسبة 82% من إجمالى المستهدف. وفى ما يتعلق بتوقع زيادة الحصيلة فإنه يتم عقد اجتماعات مع المواقع الجمركية بشكل دورى، لتأكيد أهمية استيفاء حقوق الخزانة العامة للدولة. بصفتك رئيسًا لمصلحة الجمارك.. هل حركة التجارة سواء الصادرات أو الواردات فى زيادة أم فى تراجع؟ دعنا نعرض أمام القارئ قيمة الواردات والصادرات خلال عام 2011 وحتى سبتمبر 2014.. ففى عام 2011 بلغت قيمة الواردات 458.18 مليار جنيه، بينما بلغت قيمة الصادرات 236.75 مليار جنيه، وفى عام 2012 بلغت قيمة الواردات 494.25 مليار جنيه، وفى عام 2013 بلغت قيمة الواردات 536.03 مليار جنيه، بينما بلغت قيمة الصادرات 302.33 مليار جنيه، وفى العام الحالى 2014 وحتى شهر سبتمبر الماضى بلغت قيمة الواردات 383.76 مليار جنيه، وسجلت قيمة الصادرات 151.40 مليار جنيه. ما مدى تأثير التغييرات السياسية على حركة التجارة المصرية؟ مما لا شك فيه أن استقرار الأوضاع السياسية فى البلاد انعكس على حركة التجارة المصرية بشكل إيجابى وزيادة الصادرات والواردات خلال الفترة الأخيرة. وهل هناك تأثير إيجابى لمشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة على حصيلة الجمارك فى مصر؟ مشروع تنمية محور قناة السويس الجديد هو مشروع قومى عملاق، يعكس ترابط البلاد قيادة وشعبا، وسيضع مصر فى مصاف دول العالم الحديث المعنية بحركة الترانزيت على المستوى الدولى، وسيسهم فى تدفق حركة البضائع من خلال لوجيستيات قطاع النقل البحرى المقرر إقامتها على ضفتى القناة، وهو الأمر الذى سيعود إيجابا على حركة التجارة، ومن ثم حصيلة الجمارك. ما التيسيرات الجديدة التى تطبقها مصلحة الجمارك؟ عملت الجمارك على تقديم عديد من التيسيرات اللازمة لتطوير إجراءات التصدير، ومنها العمل بجمارك الصادر على مدار 24 ساعة يوميّا، وإنشاء مجمعات متخصصة بالصادر بجميع الموانى، وإنشاء مكاتب جمركية فى المدن العمرانية الجديدة، التى تقوم بالإنتاج والتصدير مثل مدينة العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، كما امتد الأمر إلى إمكانية إيفاد لجان إلى مواقع الإنتاج أيّا كان مكانها بناء على طلب المصدرين وإنهاء الإجراءات الجمركية فى مواقع الإنتاج والتغليف، وبحيث لا تعاد الإجراءات مرة أخرى فى موانى التصدير. كما عملت المصلحة على تطبيق أفضل الممارسات المعمول بها فى مجال الاستيراد، وذلك بإنشاء خدمة الفاعل الاقتصادى المعتمد «AEO مصر»، التى تقوم بتقديم عدد من التسهيلات لكبار المتعاملين، الذين لم يسبق لهم ارتكاب أى مخالفات، وذلك فى ضوء عدد من الضوابط بما يتماشى مع أفضل الممارسات الصادرة عن منظمة الجمارك العالمية، كما تم إنشاء عدد من المراكز الجمركية المتطورة، التى أسهمت فى تخفيض معدلات زمن الإفراج، وتم استحداث نظام الإفراج المسبق، الذى يمكن من خلاله إنهاء كل الإجراءات الجمركية على البضائع قبل وصولها إلى الموانى المصرية من كشف وتثمين وسداد الرسوم، وذلك على مستندات الرسالة، بحيث لا يتبقى عند ورودها سوى مطابقتها مع المستندات المقدمة والتأكد من صحتها والإفراج عنها مباشرة. لكن البعض ما زال يشكو من تأخر البضائع فى المنافذ الجمركية؟ معدلات زمن الإفراج تنقسم إلى 3 مراحل، تتمثل فى وقت الإجراءات الجمركية، ووقت العرض على الجهات الرقابية، ووقت العميل، ويلاحظ وفقا للإحصاءات المقدمة والمعتمدة من البنك الدولى، أن وقت إنهاء الإجراءات الجمركية هو أدنى المعدلات المستخدمة، ومن ثم فإن التأخير فى زمن الإفراج عن البضائع قد يرجع إلى إنهاء إجراءات العرض على الجهات الرقابية التى تقوم بالرقابة النوعية على البضائع الواردة والصادرة، من خلال الإجراءات والاختبارات والتحاليل اللازمة فى هذا الخصوص، أو قد يرجع التأخير إلى تأخر تقدم العميل بالمستندات اللازمة للبدء فى إنهاء الإجراءات الجمركية. ما الذي تضمنه الدليل الإلكترونى الجديد للتعريفة الجمركية؟ وزارة المالية ممثلة فى مصلحة الجمارك انتهت من إعداد دليل قواعد منشأ البضائع والسلع المستوردة من الخارج، وذلك بهدف تسهيل عمليات الإفراج الجمركى عنها، خصوصا مع تعدد اتفاقيات مصر التجارية، التى تمنح مزايا خاصة فى التعريفة الجمركية المطبقة على السلع ذات المنشأ الأجنبى، حيث تخضع لتعريفة مختلفة حسب منشأها عربيا أو أوروبيا أو من دول تجمع «الكوميسا». ووزعت المصلحة هذا الدليل على جميع المنافذ الجمركية لتوحيد قواعد العمل، إلى جانب 400 أسطوانة «سى دى» تحتوى على جداول التعريفة الجمركية الموحدة طبقا لآخر تعديلات أجريت عليها، بحيث يتم الاستغناء عن الدليل الورقى للتعريفة ليجرى العمل بشكل كامل بصورة إلكترونية، كما تم ربط الإدارة المركزية للتحكيم إلكترونيّا مع جميع المواقع التنفيذية والمراكز اللوجيستية التابعة للمصلحة فى جميع أنحاء الجمهورية لتسهيل عمل إدارة التحكيم، والإسراع فى حل أى خلاف ينشأ مع المجتمع التجارى. ولم تتلق الأمانة الفنية للمجلس الأعلى للتعريفة الجمركية إلا عددا محدودا جدّا من الشكاوى الخاصة بوجود تشوّهات جمركية فى هيكل التعريفة، فى دلالة على تغلب مصر على تلك المشكلة، وتم تشكيل لجان متخصصة لمراجعة بنود التعريفة لتنقيتها وتحديثها بما يتناسب مع التطورات العالمية، إلى جانب العمل على إزالة التعارض والتكرار فى الإجراءات والاشتراطات التى تضعها بعض الدول للإفراج عن الصادرات المصرية. ويجرى حاليّا إعداد دراسة متكاملة حول جميع المجالات الجمركية بما فيها تجارة الترانزيت واتفاقية كيوتو والملكية الفكرية، ووضع مصر دوليّا فى مجال التجارة عبر الحدود ومتوسط زمن الإفراج الجمركى الكلى، لتحديد مستوى الأداء فى هذه المجالات والإجراءات المطلوبة للتطوير، وحل أى مشكلات تواجه المجتمع التجارى والصناعى فى التعامل معها. هل تعملون على تنمية الموارد البشرية داخل المصلحة والاعتماد على الشباب؟ المصلحة تعكف حاليّا على إعداد استراتيجية جديدة حتى 2030 لتنمية الموارد البشرية، من خلال استبدال 50% كوادر شابة بالمحالين إلى المعاش بصفة سنوية، وفى ضوء الاحتياجات الفعلية للمواقع التنفيذية التابعة للجمارك، وتجرى أيضا دراسة إنشاء معمل خاص للجمارك، وفقا لما هو موجود فى أجهزة الجمارك بدول العالم المتقدم، وبما يسهم فى مزيد من إحكام الرقابة على الحركة التجارية.