كثير هم خصوم النظام الحالى وأعداؤه، يقع فى القلب منهم التنظيم الدولى لجماعة الإخوان والحركات والجماعات والمنظمات القريبة منه فكريا وسياسيا، ومجموعات من السياسيين المحترفين والإعلاميين ورجال الأعمال الذين تبنوا الرؤية الأمريكية التى تقول بأن الجماعة سوف تحكم مصر لعقود طويلة قادمة، ومن ثم وفقنا أوضاعهم مع ما اعتبروه واقعًا ممتدًّا ونسجوا روابط وأقاموا علاقات مع الجماعة. وإذا أردت معرفة هؤلاء فسجِّل كل من غادر مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو وفرّ إلى قطر وتركيا ويجوب العالم اليوم تشهيرًا بمصر، وأيضًا ممن تبقى داخل البلاد وواصل التحريض ضد النظام، قناعة أو رد فعل على خطأ الحسابات والذهاب فى طريق لم يعد بالإمكان العودة منه. كل هذا معروف لدى الرأى العام المصرى الذى بات قادرًا على الفرز والتمييز ولم يعد قابلًا للانخداع من جديد فى وجوه وشخصيات كما حدث معه فى ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011. وفى تقديرى أن أخطر أعداء النظام الحالى فى البلاد، بقايا النظام القديم فى الاقتصاد، السياسة والإعلام، فلول الحزب الوطنى الذين تواروا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وتحديدًا بعد تخلى مبارك عن السلطة فى الحادى عشر من فبراير 2011 وسقوط مخطط التوريث. الغالبية الساحقة من هؤلاء لزموا بيوتهم خجلًا وخوفًا، منهم مَن سافر إلى الخارج جبرًا من البلاد وإدراكًا منه أن مصر انتهت ولن تعود، منهم من عرض نفسه لخدمة الجماعة ومكتب الإرشاد، بعضهم تطوع للتبشير بحكم عادل ونزيه فى ظل المرشد والجماعة، وبعضهم الآخر دخل فى صفقات مع الجماعة ووافق على لعب دور العراب فى كثير من الصفقات بما فيها صفقة تتعلق بالعزل السياسى لقيادات «الوطنى» من أجل مواجهة ترشح عمر سليمان للانتخابات الرئاسية. عمومًا خرج الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو لإسقاط حكم المرشد والجماعة، خرج مطالبًا القوات المسلحة بإعادة المرحلة الانتقالية من جديد، بوضع خارطة للمستقبل، خرج لتفويض وزير الدفاع فى التصدى للعنف والإرهاب المتوقع، ودفع ثمنًا غاليًا فى استرداد ثورته، حريته وكرامته وبدأت مرحلة بناء النظام الجديد فى البلاد على أسس من الحرية، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. هنا خرج رموز «الوطنى» من سباتهم، عاد بعضهم من الخارج، بدؤوا فى الاحتفال والرقص، تصورا أنهم استردوا نظامهم المتهاوى وظنوا أن عجلة الزمن قد عادت إلى الوراء وأن نظام مبارك عائد عائد. بدؤوا فى التماهى مع النظام الجديد فى مصر، لم يلتقطوا رسائل النظام الجديد بأن 25 يناير كانت ثورة شعبية على الظلم والفساد والطغيان، وأنه لا عودة إلى الوراء، وتم تسجيل ذلك فى ديباجة الدستور الجديد الذى شدد على ثورتى الخامس والعشرين من يناير و30 يونيو. ولأن أزلام «الوطنى» وفلوله من رجال الأعمال والإعلام، لهم ثأر خاص مع ثورة 25 يناير، فقد بدؤوا حملة قوية لتشويه هذه الثورة، والترويج لمقولات من قبيل أن 25 يناير هى مؤامرة كبرى على مصر، وأن كل من شارك فى هذه الثورة هم خونة وعملاء، وبدؤوا حملة تصفية حسابات مع كل من أيد ودعم ثورة الخامس والعشرين من يناير. استعانوا ببعض التسجيلات لشباب ظهر فى الثورة، تفيد تلقيهم تدريبات وأموالًا، وهى أمور فى حاجة إلى التحقيق القانونى الشفاف من قبل مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، وأن لا تترك مثل هذه القضايا مفتوحة دون حسم وإغلاق. المؤكد أن 25 يناير هى ثورة شعب ضد الظلم والفساد والاستبداد، ضد التوريث والدولة البوليسية، لم تكون أبدًا مؤامرة، ولولا 25 يناير ما كانت 30 يونيو وما كانت التحولات العظيمة التى تشهدها مصر اليوم. إن مستقبل مصر وأمنها واستقرارها، وبناء نموذجها الجديد يقتضى طى صفحة «الوطنى» ورجاله فى المجالات كافة، ووقف مخططهم الرامى إلى شيطنة 25 يناير، فاستمرار هذا المخطط يسىء إلى الشعب المصرى وإنجازاته، فقد آن أوان غروب وجوه «الوطنى» الفاسدة والكريهة التى أفسدت كل مناحى الحياة فى البلاد، اليوم يتمسكون بالنظام الحالى ويربطون أنفسهم به، وهو أمر يضر أبلغ الضرر بثورة مصر ومسيرتها نحو المستقبل.