محمود بيومي أعلن قائد حملة الكرامة، اللواء خليفة حفتر، ليلة 14 أكتوبر بَدء ما سمَّاه «معركة تحرير بنغازى» لطرد قوات مجلس شورى ثوار بنغازى من المدينة، أما القوات المقابلة المنضوية تحت لواء مجلس شورى ثوار بنغازى، فهى تضم كلا من أنصار الشريعة وكتائب الثوار السابقين ذات الطابع الإسلامى، وعلى رأسها كتيبة 17 فبراير، وكتيبة راف الله السحاتى القريبة من جماعة الإخوان المسلمين، وعدد من الكتائب الصغيرة، مثل كتيبة مالك بقيادة زياد بلعم، بالإضافة إلى قوات درع ليبيا 1 التى يقودها وسام بن حميد. وقد أتت معركة دخول بنغازى لتدشن مرحلة جديدة من الصراع الليبى البينى الذى تأزم منذ منتصف عام 2013، مع إقرار قانون العزل السياسى الذى هدفت مدينة مصراتة وحلفاؤها من الإسلاميين عزل خصومهم السياسيين. وقد شنّ حفتر عملية الكرامة منذ يوم 16 مايو 2014، لطرد الجماعات المسلحة من المدينة، وعلى رأسها تنظيم أنصار الشريعة، وكتيبتا 17 فبراير وراف الله السحاتى، لكن حملة حفتر واجهت صعوبات متعددة، أوصلتها للفشل بحلول شهر يوليو بعد عجزها عن اقتحام المدينة والسيطرة على أحيائها. ومع الأسبوع الأخير لشهر رمضان تشكَّل مجلس شورى ثوار بنغازى فى 21 يوليو ليشكِّل المظلة الأوسع للكتائب الإسلامية فى المدينة، ويضم لأول مرة تنظيم الشريعة لمواجهة قوات حفتر. وقد نجحت قوات المجلس فى طرد القوات الخاصة «الصاعقة - المظلات» المتحالفة مع قوات حفتر من معسكراتها، وعلى رأسها معسكر الكتيبة 21 صاعقة، ومعسكر الصاعقة الرئيسى المعروف بالمدرسة، ومعسكر اللواء 319 مشاة، ومعسكر 2 مارس، فى حملة أطلقوا عليها «وادخلوا عليهم الباب»، وقد مثلت هزيمة قوات الصاعقة نكسة عسكرية لحفتر الذى تراجعت قواته خارج المدينة، وخسرت عدة معسكرات، على رأسها معسكر الدفاع الجوى ببو هادى، ووصلت قوات الأنصار والمجلس إلى أبواب قاعدة بنينا الجوية، معقل حفتر الأساسى، وهددتها بالسقوط. أتت هذه النكسة العسكرية مع تقدم ميدانى كبير لقوات فجر ليبيا التى تضم تحالفا واسعا من 12 مدينة غرب ووسط ليبيا تقوده مدينة مصراتة، ويضم مدن غريان والزاوية وصبراتة، وأدى إلى طرد قوات الزنتان «كتيبة الصواعق - كتيبة القعقاع - لواء محمد المدنى»، والقوات المتحالفة معها «جيش القبائل بورشفانة» من مدينة طرابلس، والسيطرة على ورشفانة وتهديد الزنتان فى عمق جبل نفوسة. تزامن فشل حفتر العسكرى وتراجعه مع انتخاب البرلمان الجديد الذى سعى لتعديل الأوضاع العسكرية ومن ثمّ السياسية، فقد اختار البرلمان العقيد عبد الرزاق الناظورى، المقرَّب من حفتر وأحد ضباط عملية الكرامة، رئيسا للأركان، كما أجبر قائد منطقة طبرق العسكرية العقيد سالم الرفادى، أحد خصوم حفتر، على التنحى عن منصبه، وتزامن هذا مع تعزيزات مستمرة لقوات الجو الليبية التى يقع قسم منها تحت سيطرة حفتر، فظهرت فى المعارك لأول مرة طائرة «ميج 23» فى مدينة درنة، كما تواردت الأنباء عن وصول أسلحة وذخائر وقطع غيار للمعدات الليبية المتقادمة عن طريق مجلس النواب. وعيّن المجلس فى وقت لاحق العقيد أحمد أبو زيد المسمارى، متحدِّثا رسميا باسم الجيش، ثم شكّل غرفة عمليات المنطقة الغربية برئاسة العقيد إدريس محمد مادى لقيادة المعارك فى الغرب ضد تحالف فجر ليبيا، بينما أعلن دعمه للعمليات العسكرية فى بنغازى، معلنا أن العمليات فى الشرق والغرب تجرى تحت قيادة وإشراف الناظورى، رئيس الأركان. وجاءت العملية العسكرية الأخيرة محاولة من حفتر فى الشرق والزنتان فى الغرب لتعديل موازين القوى المختلة على الأرض. وتهيَّأت لتلك الأوضاع عملية عسكرية واسعة أطلقها حفتر تحت شعار «انتفاضة 15 أكتوبر»، لطرد المسلحين من المدينة خلال انتفاضة مسلحة لسكان بنغازى المؤيدين للجيش، لتسهيل دخول قواته الآتية من الخارج والإطباق على المسلحين، كما حصل حفتر على تأييد آخر قوتين نظاميتين فى بنغازى، وهما الكتيبة 21 مشاة صاعقة المعروفة بكتيبة شهداء الزاوية، وكتيبة 204 دبابات. ومدعوما بغطاء جوى محسن ودعم بشرى من مدن الشرق ولوجيستى من مصر، أعلن حفتر عن عمليته ليلة 14 أكتوبر، لتبدأ بعدها عمليات عسكرية هى الأوسع منذ ثورة 17 فبراير. إن العملية الحالية تعدّ الأوسع خلال فترة ما بعد الثورة، وسيكون على حفتر العمل فى ظروف صعبة لكتابة نهاية مشرّفة لمسيرته العسكرية، كما سيكون عليه العمل للسيطرة على جزء على الأقل من المدينة لإتاحة الفرصة لمجلس النواب للعودة إلى المدينة، قبيل حكم الدائرة الدستورية فى المحكمة العليا الليبية حول صحة انعقاد جلسات مجلس النواب فى مدينة طبرق.