تتعرض الجماعات المسلحة الموجودة على الأراضى الليبية لهجوم من قبل قوات الجيش الليبى واللواء المتقاعد خليفة حفتر، لا سيما تلك الموجودة فى شرقى ليبيا، القريبة من الحدود مع مصر، ويهدف الهجوم إلى تمكين البرلمان والحكومة من السيطرة على الأراضى الليبية تدريجيا. وقد بدأت هذه الحملة بعد زيارة رئيس الحكومة الليبى للقاهرة ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسى، والاجتماعات التى عقدت بين العسكريين من البلدين، والتى أعلن على أثرها أن مصر سوف تتولى تدريب الجيش والشرطة الليبيين. وبدا واضحًا أن مصر وبعد أن استعادت عافيتها، بدأت فى التحرك لبسط الاستقرار فى المنطقة، فهناك تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الإماراتية فى رسالة واضحة باهتمام مصر بأمن منطقة الخليج العربى، وهناك توجه جديد للتعامل مع مشكلة سد النهضة الإثيوبى من أرضية التعاون، لا الصراع، وقد نجح التوجه الجديد فى فرض بداية جديدة لمعالجة القضية تقوم على عدم إضرار أىٍّ من الطرفين المصرى والإثيوبى بالأمن القومى للطرف الآخر أو مصالحه الحيوية. وبشأن ليبيا تحركت مصر فورًا بهدف دعم الحكومة الليبية الجديدة وتمكينها من السيطرة على كامل التراب الوطنى الليبى ومواجهة الجماعات المسلحة المنتشرة فى كل أنحاء ليبيا، وكانت الخطوة الأولى هى المساعدة فى انتخاب برلمان ليبى جديد وتشكيل حكومة جديدة تبدأ فى بسط سيطرتها على الأراضى الليبية تدريجيا، وهو ما بدأ يتحقق بمبادرة من اللواء خليفة حفتر الذى شكّل قوات خاصة به لمحاربة الجماعات المتطرفة، ونجح فى ذلك إلى حد بعيد، ثم بدأ التحرك لدمج قواته فى الجيش الليبى الوليد، وهى المهمة التى لعبت فيها مصر دورًا مهمًّا. بدأت قوات الجيش الليبى تفرض سيطرتها على مناطق الشرق الليبى، وهى مناطق توجد فيها جماعات مسلحة تنتمى إلى تيارات إسلامية متشددة، هدفها بسط السيطرة على الشرق الليبى ثم التحرك لشن الغارات على الحدود المصرية من أجل زعزعة الاستقرار فى مصر، على النحو الذى تكرر فى الهجمات على عناصر القوات المسلحة المصرية فى الفرافرة، كما أصبحت هذه الجماعات مصدرًا رئيسيا لإمداد الجماعات الإرهابية فى مصر بالسلاح. ومن أجل التشويش على التعاون المصرى الليبى، سربت بعض المصادر الغربية أنباء عن شن طائرات مصرية وإماراتية غارات جوية على مواقع تمركز الجماعات المسلحة فى شرقى ليبيا، وهو ما أكدته مصادر أمريكية، وردت عليه القاهرة وأبو ظبى بالنفى، فاضطرت واشنطن إلى تأكيد عدم وجود دلائل على شن طائرات مصرية وإماراتية غارات جوية على مواقع الجماعات المسلحة فى شرقى ليبيا تحديدًا. يبدو واضحًا أن مصر وليبيا وضعتا خطة متكاملة لتمكين الحكومة الليبية من بسط سيطرتها على كامل التراب الوطنى الليبى وتمكين الدولة الليبية من العودة وتصفية بؤر الجماعات الإرهابية المسلحة التى مزقت الأراضى الليبية وسعت إلى تهديد الأمن القومى المصرى، وإذا ما تحققت سيطرة الحكومة الليبية على كامل التراب الوطنى فإن مرحلة جديدة من التعاون المصرى الليبى سوف تبدأ، تلعب فيها مصر دورًا مهمًّا فى إعادة إعمار ليبيا، وتسعى الأخيرة إلى الاستعانة بملايين المصريين للعمل والإقامة فى مناطق مختلفة من ليبيا، فهذه الدولة التى تقترب مساحتها من ضعف مساحة مصر، يقطنها نحو ستة ملايين إنسان فقط، وتحتاج إلى الأيدى العاملة والخبرات المصرية، الأمر الذى يمكن أن يوجِد صيغة جديدة من التكامل المصرى الليبى الذى يصب فى مصلحة الطرفين.