تابعت كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أثناء إعلان البدء فى حفر قناة السويس الجديدة بدقة، وتوقَّفت عند عديد من الجمل التى تحمل فى طياتها معنىً واحدا فقط، هو فى الحقيقة مهم جدا، لأنه يُوضِّح حقيقة أغلب الذين يحيطون الرئيس ويلتفّون حوله من رجال أعمال وإعلاميين وفنانين وغيرهم... الرئيس يوضِّح للجميع أنه لن ينهض بمصر من أزمتها وحده (ويعيد ويزيد فى الجملة)، وتوقفت كثيرا عند هذه الجمل، وتوقفت أيضا عند الحضور من النخبة السياسية والإعلامية والفنية وأخذت أسأل: كام واحد اتبرَّع لصندوق «6/30»؟ كام واحد فعلا مدرك الخطر الذى يحيط بالبلد؟ كام واحد فعلا عنده استعداد حقيقى للوقوف جنب مصر؟ ولقيت نفسى باضحك فجأة على أسئلتى هذه، المفروض أسأل: كام واحد ماتصوَّرش «سيلفى» مع أصدقائه فى الاحتفال؟ وكام واحد ماتصوَّرش «سيلفى» أيضا مع الرائد أحمد محمد على، ليسرع وينزّلها على ال«انستجرام» و«الفيسبوك» لزوم الواجهة؟ ما هو النخبة السياسية والإعلامية والفنية طبعا بتحب الشو، وبيحبوا التباهى أمام زملائهم أنهم اختيروا للذهاب مع الرئيس وفرحانين بهذا اليوم التاريخى ويشاركون فيه بصور «السيلفى»!! بتكسبوا كام من مصر يا أساتذة؟! والنخبة السياسية والمحللون الاستراتيجيون اللى بيطلعوا فى البرامج أقل واحد بياخد 2000 جنيه فى الطالعة، فكّر يقسّم مع مصر؟! ولا حُب مصر أصبح مكلمة من أجل المكسب وتكوين الذات! حُب مصر يا أساتذة مش كلام، حب مصر عبَّرت عنه سيدة لا تمتلك سوى حلق ذهب، قرَّرت التبرع به من أجل مصر، حُب مصر يا أساتذة مش صور «سيلفى» ورحلة لقناة السويس، أعلم أن كلماتى هذه ستجلب لى بعض المشكلات من بعض زملائى وأصدقائى، ربما سيعتقدون أننى أهاجمهم، لكن فى الحقيقة حب مصر هو الغالب علىَّ وإحساسى بالمسؤولية، ودائما ما أقول وتتفقون معى بأن الحب أفعال وتصرفات لا كلمات وصور، فما أسهل التعبير بالكلمات والصور، يستوى عندها الكثير منا، لكن الأفعال وحدها هى التى تصنع التفرُّد، وتعبر عن عمق الحب، اختلف معى أحد الأصدقاء فى رأيى هذا، ورغبتى فى أن الجميع يجب أن يقف إلى جانب مصر ماديا أيضا، قال لى إن مَن صنع هذه الأموال هو الجهد والتعب، فهى مِلك لصاحبها، وليس لمصر، فمن أراد التبرع يقوم بهذا، ومن لا يريد فليس هناك ما يلزمه، قلت له هذه المشاريع والأراضى والأموال أصلها من خير مصر، فردّ قائلا فلماذا لم يعم هذا الخير على الجميع دون جهد ومشقة وتعب وفكر ومغامرة؟ إنما هذا الخير ملك فقط لمن فكر واجتهد وحارب من أجله، قلت له أوافقك، لكن لا تدعى -حينئذٍ- حب مصر وإحساسك بالمسؤولية تجاهها بكلماتك، هذه منتهى الأنانية وحب الذات، وسألته إذن ما الفرق بمَن جمع ماله فى الغربة فى دول لا ينتمى إليها ومَن جمعها فى بلاده! هذا المنطق أقبله عندما تتكلَّم عن دولة تعيش فيها فقط ولا تنتمى إليها، وإحساسك بالمسؤولية تجاه أهلك وناسك فين؟ هنا تذكَّرت إحدى جُمل الرئيس السيسى لرجال الأعمال فى أحد الاجتماعات «مصر لو جرالها حاجة لا سمح الله كلكم هتركبوا طيارتكم وتطيروا على دول تعيشوا فيها مستريحين، أما باقى أهل مصر هيموتوا على أرضها، وأنا جاى رئيس للناس دى علشان أظبط لهم عيشتهم، ولكن للأسف أخشى أن يكون الرئيس «سيلفى» مع حب مصر بعد كلمات صديقى هذا. على فكرة أنا مش ضد «السيلفى» بس نفسى أشوفها حقيقى من أمام حساب «6/30» (اتصوَّر سيلفى وأحبك مع صندوق «6/30» )، (6/30 «السيلفى» هتطلع أحلى).