"فرح" اسم على غير مسمى، فأن تولد في عام 1998 وبالتحديد في قطاع غزة، يعني أنك عاصرت ثلاث حروب، شاهدت الآلاف من أبناء وطنك يموتون بنيران الاحتلال، أطفال تتهشم عظامهم تحت أنقاض منازل قصفتها الطائرات أمريكية الصنع. «فرح بيكر» فتاة فلسطينية لم تتجاوز ربيعها ال16، قررت أن تكون صوت فلسطين من داخل القطاع المحاصر، فمع تواطؤ العالم على 1.8 مليون فلسطيني معرضة حياتهم لخطر الموت بقذائف الجيش الإسرائيلي، وتجاهل الإعلام العالمي لدماء الأطفال والنساء، لم تجد أمامها سوى جهازها المحمول وحسابها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لنقل صورة حية للمأساة التي تعيشها هي وأسرتها، في منزلهم بالقرب من مستشفى الشفا، تحت نيران القصف الإسرائيلي. وذكرت التدوينات التي ترسلها فرح لأكثر من 140 ألف متابع لها على "تويتر"، "أنا وأفراد عائلتي جميعا في إحدى الغرف، لا نعلم هل سيقصف المنزل..؟"، "لا يوجد كهرباء لأكثر من 6 أيام"، "طائرات الF16 تقصف بكثافة"، صور لبيوت ومساجد مهدمة، وفيديو يظهر فيه أزيز الطائرات. "سأتوقف قليلا عن الكتابة عن القصف، لأن القصف لا يتوقف، فلا داعي لتكرار نفس الشيء" تدوينة قصيرة لا تتخطى ال 140 حرف التي يسمح بها الموقع، كتبتها فرح في أحد أيام الحرب، التي راح ضحيتها أكثر من 1800 شهيد وآلاف الجرحى، كافية أن تجعل قادة العالم يخجلون من التصريحات البالية التي يخرجون بها بعد كل مذبحة يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في القطاع المحاصر. فبدلا من أن تكون أحلامها مشابهة لأحلام الفتيات الأخريات في نفس عمرها، تلخصت أحلامها في أن تتوقف أصوات الطائرات، وأصوات بكاء الأمهات التي فقدن أطفالهن، وصراخ أطفال فقدوا أسرهم، وأصوات جرحى يصرخون من الألم لا يجدون أسرة شاغرة في مستشفيات امتلأت ثلاجاتها بالموتى. فرح، التي تعيش بالقرب من مستشفى الشفاء في غزة حيث يعمل والدها باسل بيكر كجراح أعصاب فيها، قالت عنها مجلة التايمز الأمريكية أنها مثال لإرادة غزة وأصبحت صوت الفلسطينيين غير الرسمي. إذ أعلنت فرح في إحدى تغريداتها أنها تريد توسيع نشاطها ليتخطى ال 140 حرفا، فترغب في دراسة القانون، موضحة "أريد المساعدة في النضال من أجل حقوقنا ومساعدة فلسطين في طريق الحرية".