لقد جاهدنا جهادا عظيما فى حركة كفاية من سنة 2004 فى القضاء على فكرة التوريث، التى حاول مبارك أن يدرجها فى مخططاته المستقبلية، ورفعنا شعارا مهما من ضمن أدبيات كفاية السياسية إنه لا للتوريث الذى خلق عراقيل تقدم مصر من خلال الدولة العميقة، التى تتوارث المناصب والمهن عن غير حق مقابل أن تأخذ امتيازات ليس من حقها، وهذا شكل من أشكال الفساد، التى تعرقل نمو الأمة من خلال الحصول على مزايا لفئات معينة مقابل السكوت على فساد، وهذا هو الذى كان يهدف إليه مبارك من خلال إعطاء هذه المزايا لخلق مجموعة من المنتفعين لحماية نظامه الفاسد، الذى أنتج فى النهاية نظاما مستبدا لا يعرف الرحمة، ولا يحكم إلا بالطوارئ والإرهاب، وأمامنا مثل لهذا الفساد المتمثل فى بشار الأسد، الذى دعا مجلس النواب السورى لترشيح بشار من خلال تعديل الدستور لإعطاء بشار أحقية فى الترشح. ونحن نرى الآن نتيجة الاختيار الفاشل لبشار الأسد، وفى آخر الأمر يؤدى هذا التوريث إلى الجمود فى كل مناحى الحياة لعدم تغيير القائمين على الأمر، وكذلك كان للإعلام دور كبير فى الترويج لهذا التوريث، وكذلك بعض الأحزاب السياسية التى وقفت متفرجة فى وسط هذا الهزل، الذى كان سيؤدى بالبلاد إلى مهالك كثيرة، لماذا إذن هذه القضية ما زالت موجودة، والتوريث على قدم وساق دون رادع، وكانت آخر هذه التوريثات ما حدث فى تولية مساعدى النائب العام الذى أثار غضب زملائهم لأنهم فضلوا أبناء القضاة على الآخرين، ونشرت جريدة المصرى اليوم هذا التميز بالأسماء، وفى كليات الطب حيث يساعد الأساتذة أبناء زملائهم لإعطائهم حقوقا لا يستحقونها، وهناك قضية مشهورة، حيث أحد عمداء كلية الطب ما زال فى السجن لتلاعبه فى كنترول الامتحانات لإنجاح أحد أبناء الأساتذة، ونحن نريد بناء دولة حديثة تقوم على الكفاءة، والحصول على الحقوق بحيادية ونزاهة، وعلى الجهات الرقابية متابعة كل التعيينات التى تتم فى الجهات المختلفة، وكذلك أصبح التوريث فى الإدارات الحكومية المختلفة والحجة إننى خدمت الدولة، ومن حقى أن أتمتع بميزة أن يرث ابنى منصبا فى الإدارة، التى سوف أخرج منها إلى المعاش كتقدير لى للخدمة. هذه الأفكار البالية لا توجد فى أى دولة من دول العالم، لأنك بخروجك للمعاش أديت لبلدك خدمة لا تُقدر بثمن ثم إنك تحصل على معاش بعد خروجك من الخدمة إلى جانب افتقاد هؤلاء الناس لمفهموم الخدمة الوطنية يجب أن نتعلم أننا نخدم وطننا دون النظر إلى مكافأة، لأن نصنع هذا الوطن من أجل أبناء الوطن وأحفاده، وليس لفرد أو جماعة أو أسرة، بعينها هذه المفاهيم يجب أن تتغير حتى نستطيع أن ننهض بهذا الوطن، الذى عانى كثيرا من المحسوبية والرشوة والفساد، وإذا لم ننظر فى هذه الأمور بسرعة لتقدم وطننا سوف يستشرى هذا المرض العضال واستمرار توريث المناصب سيؤدى فى النهاية إلى إحباط الأجيال الجديدة، ورغم قيام ثورة 25 يناير لم يتغير شىء بعد، نريد أن نسمع قريبا عن آليات تمنع هذه العادة الذميمة وإعطاء كل مواطن حقه كاملا دون تمييز، ولذلك أطالب الرئيس بإصدار مفوضية منع التميز على الفور لأنه تم الاستفتاء على الدستور، وأصبح الدستور قائما الآن فيجب الإسراع بترجمة ما جاء فى الدستور فى صورة قوانين ملموسة لو كانت مفوضية منع التمييز قائمة الآن لاستطعنا أن نمنع ما يحدث فى المجتمع من تمييز واستئثار بالسلطة، هذا هو الحل السريع للقضاء على فساد الدولة العميقة.