اليوم هو ثانى وآخر يومى الانتخابات الرئاسية المصرية، وإذا كان اليوم الأول قد شهد إقبالًا كثيفًا من المصريين مع أجواء احتفالية وتحدٍّ لتهديدات وجرائم الجماعة الإرهابية، فإننا نتطلع إلى أن يكون اليوم الثانى نموذجًا لاحتفال المصريين بثورتهم، فالعالم كله، بدون مبالغة، يتابع ما يجرى على أرض مصر لحظة بلحظة، وهناك عواصم إقليمية ودولية تتابع بسعادة بالغة ملحمة الانتخابات الرئاسية المصرية، وترى مشاركة المصريين فيها بمثابة تأكيد جديد على ثورة الشعب فى الثلاثين من يونيو، وهناك عواصم أخرى إقليمية ودولية تتابع بحسرة شديدة ما يجرى على أرض مصر وما يسطره المصريون من ملحمة جديدة. هذه العواصم ترتبط بمخطط واشنطن مع الجماعة، وكانت مصالحها مع هذه الجماعة، خططت ودبرت لاختراق مصر وأمنها القومى، هناك من حلم بوراثة دور مصر، وهناك من خطط لتطويع الدولة مصرية، وكان هناك أيضا من دبّر لتقسيم أرض مصر، هذه العواصم تعرضت إلى صدمة شديدة بفعل ثورة المصريين فى الثلاثين من يونيو، حاولت جاهدة وصف ثورة المصريين بأنها انقلاب عسكرى واتخذت من انحياز القوات المسلحة للشعب شاهدًا على ما تقول. قدم الشعب المصرى على مدار العام الماضى أكثر من رسالة للعالم، مفادها أنه لفظ حكم المرشد والجماعة، وأنه والجيش «يد واحدة» وأنه يقدم كل الدعم والمساندة لقواته المسلحة. كانت رسائل المصريين للعالم قد بدأت فى الخامس والعشرين من يناير عندما خرج شبابهم محتجًّا على استبداد النظام وعلى مخطط التوريث، وعلى مدار الثمانية عشر يومًا من الخامس والعشرين من يناير وحتى الحادى عشر من فبراير قدم المصريون ملحمة حقيقية فى مواجهة نظام مستبد وحقق ما أراد بإسقاط النظام ومشروع التوريث. وبعد أقل من نصف العام على حكم المرشد والجماعة خرج الشعب المصرى محتجًّا على تجاوزات مرسى وإعلانه الدستورى، ذهب إلى الحاكم فى قصره الرئاسى بالاتحادية ولم ترهبه تهديدات الجماعة ولا تواطؤ بعض رجال الأمن والنائب العام فى ذلك الوقت. ستة أشهر أخرى وثار الشعب المصرى مجددًا فى الثلاثين من يونيو وقرر إسقاط حكم المرشد والجماعة، خرج بالملايين فى أكبر خروج جماعى لشعب على وجه الأرض، خرج ينادى بإسقاط النظام، قضى ثلاثة أيام يطوف الشوارع والميادين مرددًا مطلب إسقاط النظام ومطالبًا قواته المسلحة بالتدخل لوضع حد لحكم المرشد والجماعة، طالبًا من جيشه الخروج لتأمينه وحمايته من حكم جماعة ترتبط بجماعات إرهابية مسلحة أعدت العدة لاستخدام السلاح ضد الشعب لإجباره على العودة إلى بيته. وعندما شعر الشعب المصرى أن قواته المسلحة ترغب فى توصيل رسالة للعالم مؤداها أن الشعب يريد تغيير النظام وأنه يطلب أن تكون الرسالة واضحة وحاسمة، خرجت ملايين من جموع الشعب فى الثالث من يوليو تجوب شوارع البلاد وميادينها تطالب بإسقاط النظام، فكان بيان القوات المسلحة بعزل مرسى وبدء مرحلة انتقالية جديدة. ومرة أخرى عندما طلب وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى من المصريين الخروج إلى الشوارع والميادين فى السادس والعشرين من يوليو لمنحه تفويضًا بمحاربة الإرهاب المتوقع، كان الخروج بالملايين فكان رسالة للعالم واضحة لا لبس فيها. أمس واليوم كان خروج المصريين عظيمًا للتصويت فى الانتخابات الرئاسية، فقد كان الشعب يعلم تمامًا أن رسالة أخرى مطلوب توصيلها للعالم، مؤداها أن الشعب المصرى يواصل دعم ثورة يونيو ويضع اللبنة قبل الأخيرة فى مسيرة بناء نظامه الجديد، وتبقت له رسالة الانتخابات البرلمانية.