بدأت الحملة الانتخابية للمرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية مبكرًا، بدأت من قبل أن يستكملا الأوراق المطلوبة للترشح، وهو أمر إذا كان يشير من ناحية إلى سخونة المعركة الانتخابية وثقة كل طرف فى قدراته على حسم السباق لصالحه، فإنه يشير من ناحية ثانية إلى حالة تحفز لدى أنصار الطرفين. حالة بدأت تعكس ذاتها فى خروج غير مبرر على القواعد التى يفترض أن تحكم السباق الانتخابى، لا سيما أنها تجرى بين مرشحين ينتميان إلى تحالف 30 يونيو، هذا التحالف الذى وضع بذوره جبهة الإنقاذ بكل مكوناتها، وانحازت إليه القوات المسلحة بقيادة وزير الدفاع فى ذلك الوقت عبد الفتاح السيسى. وإذا كان تحالف 30 يونيو قد ضم كل ألوان الطيف فى التيار المدنى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فإننا كنا نعلم أن هذا التحالف ليس بمقدوره إزاحة الجماعة أو إحداث تغيير فى النظام ما لم يحظَ بمساندة القوات المسلحة وجهاز الشرطة، لذلك كان الشعب المصرى واعيًا منذ أول خروج إلى الشارع احتجاجًا على حكم المرشد والجماعة، أن الحسم بيد القوات المسلحة، ومن ثم فقد خرج ينادى الجيش لإنقاذ مصر، وكان يدرك من الوهلة الأولى أنه ما لم ينضم الجيش للشعب ويتبنى مطالبه فلن يتحقق شىء منها. كان واضحًا لنا أن الجماعة أعدت العدة لاستخدام العنف ضد المصريين، وأنها رتبت مع عناصر مسلحة من جماعة حماس وإرهابيين من شتى أنحاء العالم لاستخدام مكثف للعنف ضد المتظاهرين حتى يعودوا إلى بيوتهم ولا يفكروا فى الخروج مجددًا ضد حكم المرشد والجماعة. فى المقابل أدركت القوات المسلحة فكر الجماعة ومخططها لترويع المصريين، ومن ثم كانت كلمات وزير الدفاع تشدد على عدم السماح بترويع الشعب المصرى، استجاب الجيش لنداء الشعب فأصبح شريكًا فى تحالف 30 يونيو، وكان دوره حاسمًا فى نجاح هذه الثورة، ولولا هذه الاستجابة لدخلت مصر فى مشاهد سورية وليبية. السباق الرئاسى إذن هو بين مرشحين ينتميان لتحالف 30 يونيو، ولا مجال مطلقًا لإخراج أىٍّ منهما من هذا التحالف، ومن ثم فمن غير المقبول إشارة أنصار حمدين صباحى إلى وزير الدفاع السابق بأنه جزء من النظام القديم أو جزء من نظام ثار عليه الشعب مرتين، وللأسف الشديد جاءت مثل هذه التصريحات على لسان حمدين صباحى نفسه، وهو يعلم أن ما قاله غير صحيح، وكان بمثابة إشارة إلى أنصاره وتحديدًا من الشباب لشن حملة ضد عبد الفتاح السيسى. فى المقابل شن عدد كبير من الإعلاميين ممن لم يستوعبوا حقيقة التغيير الجارى فى مصر، ومن رجال زمن الاستبداد والأحادية الفكرية، حملة شرسة ضد حمدين صباحى شخصيًّا، وكالوا له الاتهامات دون سند أو دليل، وتدريجيا بدأنا نشهد اشتباكات بين أنصارهما أمام مكاتب التوثيق، وتراشق فى وسائل الإعلام. وهناك من استغل هذه الأجواء وتسلل كى يهاجم المؤسسة العسكرية ويعتبر مجرد ترشح السيسى انتكاسة للمسار الديمقراطى ورِدَّة كبيرة، وهناك من عاد إلى الحديث عن زمن مرسى والجماعة باعتباره زمن الديمقراطية، وأن المسيرة تعرضت إلى انتكاسة كبيرة فى الثالث من يوليو 2013، والمؤكد أن استمرار التراشق بين أنصار المرشحين سوف يشجع كل أعداء ثورة الثلاثين من يونيو على الظهور مجددًا وشن حملة تشويه بحق هذه الثورة ومكوناتها المختلفة. غاية ما نود تأكيده هنا هو أن الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى الشهر القادم تمثل خطوة مهمة على طريق تنفيذ خارطة المستقبل، ومن ثم لا بد من تكاتف مكونات تحالف 30 يونيو لإخراج انتخابات حرة نزيهة، تلتزم بقواعد الشفافية ولا تدخل فى منطقة التشويه المتبادل، وفى تقديرى أن أول خطوة على طريق معركة انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة هى استبعاد كل الوجوه القديمة شكلًا وفكرًا، فهذه الوجوه كانت جزءًا من مشاهد زمن الاستبداد، وهناك وجوه تنتمى فكريا إلى زمن الاستبداد، وظهورها فى المشهد يسهم فى تشويه المشهد الديمقراطى المصرى الذى نتطلع إليه ونؤمن به