مثلا: من «30 ستة» حتى اليوم، الجسد العريض للقوى الثورية لا يرى التصادم المباشر مع الدولة، أو الخروج ضدها فى مظاهرات سياسية، كما كان يحدث طوال تاريخ مصر الحديث، وتحديدا كما كان يحدث من سنة 2004، حين قادت حركة «كفاية» الحراك الثورى، وحتى «30 ستة»، تاريخ إسقاط دولة المرشد، الذى قادته حركة «تمرد». ومن ذلك التاريخ «30 ستة وحتى اليوم» لم تنزل القوى الثورية فى أى مظاهرة، إلا مظاهرة واحدة «تقريبا» كانت فى أثناء انعقاد لجنة إعداد الدستور، وفى أثناء جلسة التصويت قبل النهائى على مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين تحديدا، دون غيرها من مواد المؤسسة العسكرية.. وهو النزول اللى بيقول ضمنا، إن أولئك المتظاهرين غير معترضين على مجمل معادلة «30 ستة»، إنما يعترضون على أجزاء فيها.. وهو ما يعنى أنهم اكتفوا بالرفض الحقوقى «والبياناتى» لتجاوزات السلطة.. وكل هذا يعنى أنهم يناضلون من داخل معادلة «30 ستة»، لا من خارجها. عن نفسى أنحاز إلى هذا الموقف.. لماذا؟ لأنى بشوف إن الصراع الدائر على السطح، فى حقيقته، هو صراع بين القوى الفلولية وبين القوى الإخوانية، هو صراع على السلطة والثروة.. والطرفان «القوى الفلولية والقوى الإخوانية» من قماشة واحدة تقريبا، قسمناها نصفين.. نصفها الأول، فصلناه «بنطلون»، ونصفها الثانى، فصلناه «جلابية».. وهو صراع كعادة مثل هذا النوع من الصراعات بيكون بالحديد والنار.. وهدفه النهائى تحسين شروط المفاوض، حين يتم الجلوس على طاولة المفاوضات، على اقتسام السلطة والثروة. القوى الثورية نضالها حقوقى «نضال حقوق» حقوق فى العدالة والديمقراطية والمواطنة والتعددية واحترام حقوق الإنسان، وهو صراع «بطبيعة التكوين» بيعتمد على النضال السلمى المدنى، ومن ثم فهو يعنى الانتصار بالنقاط لا بالضربة القاضية.. وهذا اللى بيخلينى أصير فى غاية الانزعاج لما واحد يكلمنى عن واحد تم القبض عليه، لأن له نضالا سياسيا.. إنت تم القبض عليك لأنك حطيت نضالك فى سياق عراك القوى الإخوانية مع القوى الفلولية، وهو عراك على السلطة والثروة كما أسلفت: هو صراع بالحديد والنار.. لكل هذا عليك أن تكون حذرا، وتقيس حركتك بالمسطرة والقلم، حتى لا تتزحلق فى جب هذا النوع من الصراع، حتى لا تلقى حالك ورقة فى يد غيرك يستخدمك فى صراعه هو من أجل السلطة والثروة، لا صراعك أنت من أجل العيش والحرية والكرامة الإنسانية.