منذ الساعات الأولى لانتهاء الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025، بدأت تتوالى الشكاوى حول عدد من المخالفات، أبرزها عدم تسليم صور محاضر الفرز للوكلاء، وتفاوت غير مفسّر بين أعداد الناخبين في اللجان الفرعية وما ورد في اللجان العامة، هذه المؤشرات لم تكن مجرد أخطاء شكلية، بل كانت أسبابًا جدية تهدد سلامة العملية الانتخابية. وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الهيئة الوطنية للانتخابات بالتدقيق الكامل في الطعون والمخالفات، مع التأكيد على حصول كل مرشح أو وكيله على نسخة من محاضر حصر الأصوات، لضمان الشفافية والمصداقية في كل مرحلة من مراحل الانتخابات. كما شدّد الرئيس على أن يتم اتخاذ القرارات بما يعكس إرادة الناخبين الفعلية دون أي تدخل خارجي.
استجابة لهذه التوجيهات، ألغت الهيئة نتائج 19 دائرة انتخابية في 7 محافظات، بعد ثبوت مخالفات جوهرية تهدد نزاهة التصويت والفرز، منها خروقات في لجان الاقتراع، وعدم توثيق المحاضر، وعدم تسليم المرشحين نسخًا من محاضر حصر الأصوات. وتم تحديد مواعيد لإعادة الانتخابات في هذه الدوائر لضمان تمثيل حقيقي للمواطنين في البرلمان.
لم تتوقف حماية نزاهة الانتخابات عند حدود الهيئة الوطنية، بل امتدت إلى القضاء، حيث استقبلت المحكمة الإدارية العليا نحو 200 طعن على نتائج المرحلة الأولى. وأصدرت المحكمة حكمها بإبطال نتائج 29 دائرة، مؤكدة سيادة القانون وقدرة القضاء على تصحيح أي انحرافات، فيما أُحيلت بعض الطعون إلى محكمة النقض للفصل في صحة العضوية، بما يعكس احترام الاختصاصات الدستورية المختلفة.
رحبت الأحزاب السياسية بهذه الإجراءات، معتبرة إياها خطوة مهمة لاستعادة الانضباط في المشهد الانتخابي، وشددت على أن احترام أحكام القضاء ليس مجرد إجراء قانوني، بل التزام وطني يعيد الاعتبار لقيمة صوت الناخب، ويؤكد أن إرادة المواطنين هي المرجعية الأساسية في اختيار ممثليهم.
القضاء هنا لم يكتفِ بالتدقيق الشكلي، بل أعاد بناء الصورة الكاملة لكل دائرة قبل الحكم، وهو ما يعكس استقلالًا قويًا ويؤكد أن الإرادة الشعبية لا تمر دون تدقيق.