ماذا تفعل اي أم لو نهضت من النوم مروعة،علي قوة من رجال المباحث اقتحموا شقتها يبحثون عن ابنتها الطالبة ببكالوريوس إحدي كليات القمة، لتنفيذ حكم قضائي مستأنف بالسجن 15 عاما في جريمة ايصالات امانة ملفقة؟ روعت الأسرة، ولم تمت الأم بسكتة قلبية، جراء الصدمة المروعة، ولكنها أصيبت بانهيار عصبي، أما الأب فرجل أعمال ينحدر لعائلة رائدة في الصناعة من اربعينيات القرن الماضي، دخل في شراكة مع احد رجال الأعمال الذين أفرزهم عصر مبارك، والذين صعدوا لأقصي السلم الاجتماعي بالأسانسير، وبسرعة الصاروخ، بقانون زواج المال بالسلطة،الذي انجب لنا جيلاً من رجال الأعمال السفاح والفاسدين، يهربون الفياجرا من الجمارك علي انها بودرة سيراميك، ويستوردون الهيروين في شكائر دقيق،والحشيش داخل شحنات الخشب، ويهربون خامات مصانعهم ويدخلونها البلاد من وراء الجمارك، ولا يدفعون حق الدولة، ولا يتورعون عن سحق خصومهم وتلفيق الجرائم لهم،وقتلهم اذا تطلب الأمر! حاول الديناصور الاستيلاء علي حصة شريكه العصامي فلجأ الأخير للمحكمة، والمفروض ان للخصومة شرفاً في اخلاق الفرسان،لكن كيف يختصم رجل الأعمال الغلبان العصامي الصغير ديناصوراً كبيراً؟ كيف يتجرأ علي اسياده؟ فالباشا الملياردير بدأ موظفاً صغيراً حتي تزوج بابنة وزير مليونير(وليس في هذا عيب)، فانتقل من الطبقة الوسطي والناس الكادحين، والتحق بطبقة (الهاي كلاس) وصعد إلي اعلي درجات السلم الاجتماعي في حماية صهره الوزير، وفي دولة اتاحت فرص الثراء السريع واستباحة المال الحرام، مقابل الولاء للنظام الفاسد،والانضمام لحاشية الخدم في بلاط الرئاسة! دولة منحت الأوسمة والنياشين للوزراء اللصوص والنصابين، وسحقت الشرفاء والفقراء، من رجال الأعمال العصاميين! دولة صنعت طبقة من سفهاء البشر،والأثرياء الجدد (النوفو ريتش) محدثي النعمة،والمرضي النفسيين الممتلئة نفوسهم خواء وتفاهة،يتعالون علي من دونهم، يمتلكون قصوراً وطائرات خاصة ومنتجعات،ويمارسون سلوك البلطجية،ويهددون خصومهم بمفردات الحواري العشوائية ولغة العربجية،ولا يتعظون من قصة قارون الذي خسف به الله الأرض،لأنه علا في الأرض وتكبر وتجبر،ولا يعترفون برب عرش عظيم،قادر علي سحقهم،ونصرة ضحاياهم،وقبض أرواحهم! الأخ قارون ارتدي القفازات وارتكب الجريمة الكاملة.. اشتري من ملياراته ذمم من زوروا ايصالات الأمانة، ودبجوا بصمة مزورة للطالبة (كيف تبصم طالبة جامعية علي ايصالات امانة ولا توقع) واشتري محامي الشركة الذي يحمل توكيلاً ملغيا، وحضر المحامي كل درجات التقاضي وكيلاً عن (المتهمة) ومن دون علمها،حتي صدرت الأحكام القضائية النهائية في خمسة ايصالات امانة بالحبس15 سنة علي الطالبة! استجار بنا والدها، فاتصلنا بمكتب النائب العام، وقدم الأب بلاغاً بجريمة التزوير،وأصدر النائب العام قراراً بوقف تنفيذ الحكم،وبدأت تحقيقات النيابة مع التشكيل العصابي الذي ارتكب الجريمة المنحطة،تمهيداً لتقديمهم لمحكمة الجنايات! أي شر هذا وأي انحطاط اخلاقي وأي اجرام؟ أبشر هؤلاء أم وحوش آدمية؟ هذه القضية تعد اختزالاً مكثفاً لما جري في عصر مبارك،من زواج المال بالسلطة، وما اتبعه من خراب الذمم وفساد القيم وانحطاط الأخلاق، وتوحش فصيل من رجال الأعمال الجدد،الذين أسسوا لأنفسهم دولة داخل الدولة،يطبقون فيها قانون الغاب،ولا يعترفون فيها بدولة قانون، ويرفعون شعار كل انسان له ثمن،وكل شيء يشتري بالمال وأحسن من «الشرف» مفيش! انني اطالب النائب العام الدكتور عبد المجيد محمود بسرعة تحريك هذه القضية بنيابة شمال القاهرة إلي محكمة الجنايات،وأهم من ذلك اطالبه، بتوفير الحماية القانونية والشخصية، لهذه الأسرة الآمنة من تهديد وترويع الوحوش البشرية، ،واحتسب أمنهم وحياتهم.. أمانة في رقبته! نشر بتاريخ 26 / 3/ 2012