رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حول استعداد واشنطن للتفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد تعكس السياسة الحقيقية للإدارة الأمريكية ألا وهي أن تنفض يدها من سوريا وفي الوقت نفسه تأمل في إبرام اتفاق بشكل منفصل مع إيران حول برنامجها النووي وتتعاون معها لهزيمة تنظيم «داعش». وقالت الصحيفة - في مقال افتتاحي أوردته على موقعها الإلكتروني الثلاثاء- إنه «منذ أربع سنوات بدأ الناس في إرجاء سوريا بالخروج في مظاهرات سلمية للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، غير أن الدولة التي سعوا إلي تجديدها لم تعد موجودة بالمعنى الحرفي، فالموت والدمار واللاجئون والذعر.. جعل الحرب في سوريا تتفوق على أي حرب أخري في هذا القرن». وأشارت إلي أن تلاشي سوريا من انتباه الرأي العام لا يعكس تخفيف حدة الأزمة، بل يعكس تنصل الولاياتالمتحدة وقوى أخري من وعودها بمنع حدوث عمليات قتل جماعية. وأضافت الصحيفة أنه «منذ رد نظام بشار الأسد للمرة الأولي بالسلاح على المظاهرات، قتل نحو 6% من الشعب السوري أو أصيب بجروح، فضلا عن مغادرة 23% للدولة، وتحول معظم المدن الكبرى خارج دمشق إلي ركام، فضلا عن انقطاع 83% من الكهرباء «حسبما أظهرت مجموعة من الصور التقطت بالأقمار الصناعية». ولفتت إلي أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، التي أعلنت فيما مضى أن منع حدوث إبادة جماعية في سوريا هو إحدي أولوياتها، لم تتظاهر حتى بأن لديها استراتيجية بشأن سوريا منذ انهيار مؤتمر السلام في جنيف منذ 13 شهرا، فرغم أنها تقوم بتجنيد وتدريب بضعة آلاف من السوريين لقتال تنظيم داعش، ترفض الإدارة إلزام نفسها حتى بالدفاع عنهم إذا تعرضوا لهجوم من جانب قوات الأسد. ووفقا للصحيفة، يقول مسئولون بارزون بالإدارة الأمريكية إن «البيت الأبيض يخشى حدوث رد فعل معاد من جانب إيران، التي أرسلت قوات وميلشيات لتحارب لصالح النظام السوري». وأوضحت أن جون كيري أثار ضجة عندما أشار في تصريحاته الأخيرة إلي أن الإدارة الأمريكية مستعدة الآن للتفاوض مع الأسد، وفي الواقع، تبنت الإدارة الأمريكية منذ مدة طويلة موقفا يتلخص في أن النظام يمكن أن يشارك في تسوية سياسية طالما أن الأسد نفسه لا يشكل جزءا منها.