هل آن الأوان ان تكون ثورتنا التصحيحية من داخلنا بالفعل، أن تغيرنا من الجذور، أن تصلح جميع أحوالنا، لا أدرى لماذا دائما أشعر بسعادة تغمرنى كلما تذكرت مرحلة دراستى المدرسية و فى المقابل أشعر بالحزن و الأسى من أجل أبنائى و جيلهم لما يمرون به فى مراحلهم الداسية بالمدارس. ربما لأنى اجتازت دراستى هذه ببلد عربي حبيبا و غالى على قلبى، كنت حينها أحب الدراسة و المدرسة و متعلقة بها و سعيدة بل أشعر بمتعة أثناء الدراسة و أشعر طوال الاجازة بحنين إلى بدء الدراسة. لم يكن لدينا كتب خارجية و لم نكن نلجأ للدروس الخصوصية و كانت مدرساتنا دائمات التشجيع لنا و الفخر بنا فلت تكن علاقتنا بهم قائمة على أى نوع من أنواع المنفعة، كنت أشعر بنفسى ملكة متوجة بفضل حب و تشجيع مدرساتى و حتى الموجهين الذين يأتوا من الوزارة ليتفقدوا أحوالنا إذا توصلت لإجابة سؤال عجزت زميلاتى عن التوصلل لاجابته، كنت أشعر إن كدرساتى هن أمهات حقيقيات لنا يدفعن بنا إلى التفوق و سعادتهم كانت من أشد ما يكون إذ حققن ذلك، و مدرساتى هؤلاء كانت الأغلبية منهم مصريات الجنسية و حتى هؤلاء الموجهين كانوا مصريين. و لكن انظر الأن إلى حال أبناؤنا فأجد إنه مختلف أشد درجات الاختلاف. لا يتعامل المدرس مع طلابه إلا تحت سياسة المنفعة، فتوقف المدرس عن الشرح بضمير و تشجيع طلابهم فى المدارس و توقفت روح الأبوة و الاستاذية و بقيت لغة المادة لتحكم التعاملات. و بدل من أن يلجأ المدرس إلى الشرح و التشجيع، أصبح الشعار السائد الدروس الخصوصية مهما كانت نوع المدرسة التي ينتمى الطالب إليها حكومية، خاصة، أو لغات. و ما يلفت إنتباهى إن المقولة الثابتة الأن أصبحت أنه لا ثانوية عامة بدون دروس مع أن الدروس لم تتوقف على الثانوية العامة بل شملت كل المراحل و ياللسخرية بدأت من الأول الابتدائى. لا أدرى ماذا سيحدث لو أخلص المدرس فى عمله و تعامل المعلم بمنطق الأب و القدوة، و ماذا لو راعت الدولة أمر هذا المدرس و وفرت له الأجر المناسب؟! أجد أنه من المهم جداً أن ينشأ الأولاد فى ظل مفهوم المدرس القدوة لأنى أرى أن التعليم هو فى الأصل تربية و تأسيس و من المهم جداً لنا كبلد أن يتربى أبناؤنا و أن يؤسسوا ثم يتعلموا و هكذا تكون ثورتنا التصحيحية أتت ثمارها.