يثبت الجمهور الكروى يوما بعد آخر تفاعله مع ما يجرى من أحداث وتأثيره فيها وبالتالى قدرته على تغيير الشكل والمضمون معا.. وما حدث منذ أيام فى النادى الأهلى لم يكن إلا دليلا قاطعا وبرهانا دامغا على أن الجماهير الواعية التى تمثل الأكثرية فى النسيج الكروى المصرى تملك القدرة على تعديل الأوضاع وتغيير المسار بمجرد أن ترفع أصواتها وتحرك أيديها وتختار ما تريد وقتما تشاء. وعندما رأيت بعينى ما كتبته الجماهير فى مباراة سابقة من عبارات كان لها مفعول السحر فى نفوس اللاعبين ومن بعدهم إدارة النادى الأهلى أدركت أن المواطن المصرى بكل ألوانه ومختلف انتماءاته يستطيع أن يغير إذا أراد وأن يرسم صورة فريقه أو مجتمعه ووطنه على كافة الأصعدة لو شاء ولم يكن تصرفه فى كرة القدم إلا شكلا من أشكال التعبير الحقيقى التى يمكن أن تعمم فى كل المواقف والمواقع.. فردية كانت أو جماعية.. رياضية أو حتى سياسية.. وأظن أن جماهير الأهلى عندما تحركت وطالبت بالتغيير خوفا على مستقبل فريقها كانت تعكس حالة من التفاعل مع الأحداث وتعطى تفسيرا منطقيا لأوضاع يجب تغييرها الآن قبل الغد. وكلى أمل أن تكون تلك الخطوة وسيلة من وسائل الإصلاح داخل أكبر الأندية المصرية وأكثرها شعبية.. وأن تؤتى بمن يحسن ويطور للأفضل بغض النظر عن الأسماء والأشكال.. كما أننى أتمنى أن تعم هذه الروح الجماعية.. بمعنى أن يكون تصرف الجمهور الأحمر درسا لباقى الجماهير وأن يكون لديها ثقافة التغيير بأسلوب مقنع ومقبول. واليوم هناك معترك آخر ربما يكون أكثر أهمية وأشد تأثيرا ويحتاج من كل الجماهير أن تتغير وأن يكون لديها ثقافة المشاركة والتفاعل والتغيير أيضا وإذا كانت جماهير الأهلى قد أبلت بلاء حسنا للدفاع عن وجهة نظرها فيما يخص ناديها فإنها الآن ومعها كل جماهير الأندية الكبيرة والصغيرة على حد سواء مطالبون بأن يكون لهم دور فى رسم صورة لمستقبل الوطن عندما تبدأ عملية الاقتراع لاختيار نواب الشعب فى كل الدوائر.. من شمال مصر وجنوبها.. وشرقها وغربها.. وأتمنى أن تكون الجماهير على مستوى الحدث وكما تهتم بكرة القدم كشكل من أشكال الترفيه فعليها أن تهتم أكثر بانتخابات سيكون لها دور مؤثر فى مستقبل الجميع فى السنوات المقبلة وعليها أن تختار من يمثلها من أجل المصلحة العامة.. والعامة فقط.. وأن تلقى بالمصالح الشخصية جانبا.. وإذا كانت كرة القدم قد فرقت بين الجماهير ولونت كل منهم بلون فريقه.. بين الأحمر الأهلاوى والأبيض الزملكاوى والأصفر الإسماعيلاوى.. فإنها الآن مطالبة بأن يكون الجميع على قلب رجل واحد وأن يختاروا بعناية شديدة وعلى ضوء مقارنة الماضى بالحاضر وما يحلمون به من مستقبل لهم ولأبنائهم. وأظن أن الجماهير المصرية تستطيع الآن وقبل أى وقت مضى أن تحكم على الأمور بكل وعى فكل شىء بات واضحا مثل الشمس ولم يعد لأحد القدرة على التخفى وراء ستار المال والنفوذ كما كان فى الماضى بعد أن أصبح المواطن البسيط يعلم كل كبيرة وصغيرة عما يدور حوله من أحداث.. وإذا كانت كرة القدم والحياة الرياضة تأخذه بعض الوقت فإن اهتماماته بالواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى لا تنقطع فى ظل ما تتناقله وسائل الإعلام بكل صورها ووسائلها فى كل لحظة وفى أى مكان.. وكلى أمل أن ينعكس كل هذا على حالة المواطن المصرى اليوم وأن يحرص على المشاركة فى الانتخابات كحرصه على مشاهدة مباراة فى كرة القدم.. وأن ينشغل بالكلام عن مرشحه وما سيحققه قبل وبعد الانتخابات كما تشغله المباريات.. ولو تحقق ذلك اليوم سنكون بالفعل قد تغيرنا.