وصلت رواية «دوخي... تقاسيم الصَبا» للكاتب الكويتي طالب الرفاعي، الصادرة عن دار ذات السلاسل في الكويت 2025، إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها العشرين لعام 2026 في روايته «دوخي... تقاسيم الصَبا» (ذات السلاسل، الكويت 2025)، يقدم الروائي الكويتي طالب الرفاعي سيرة الفنان الكويتي عوض دوخي، متجاوزاً حدود استعادة حياة مطرب متميّز، ليغوص في بنية المجتمع الكويتي والخليجيّ ويعيد بناء تاريخ منسيّ عبر الأغنية، محوّلًا السيرة الفردية إلى حكاية جماعية تعكس التحولات الاجتماعية والثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين. تنطلق الرواية من سنة 1979، في الساعات الأخيرة من حياة دوخي، حيث يرقد على فراشه محاطًا بالعائلة والأصدقاء، وسط الليل الكويتي العاصف. الرفاعي يستخدم تقنية المشاهد المتتابعة، فتتداخل اللحظة الراهنة مع ومضات الذاكرة، وتتقاطع أصوات متعددة: الطبيب، الإخوة، الأم، الزوجة، الأصدقاء، والمقرئ وصوت البحر، لتنشئ بنية صوتية تشبه الحفل الغنائي الأخير، حيث تتلاقى الغرفة الصغيرة مع تاريخ الفن والمجتمع. تتوزع الشخصيات حول محور واحد هو دوخي، حيث تمثل العائلة وجوهاً مختلفة للتجربة الإنسانية: الأم التي تتحمّل الهمّ، الأخ يوسف كمرآة للصوت وذاكرة الفنان، الزوجة أم فهمي بين القلق والصبر، والأخت أم بدر التي تعبّر عن حزنها بالدعاء. أكثر الشخصيات فرادة هو «الصاحب» الغامض، الذي يرافق دوخي منذ الولادة وحتى الموت، رمز لصوت الفن والموسيقى، حاضراً في الأحلام والمرض والاحتضار، ليحوّل السيرة الغنائية إلى تجربة وجودية وروحية. كما تعكس الشخصيات الثانوية التحولات الكبرى في المجتمع الكويتي، من زمن السفن والغوص إلى عصر الإذاعة والتسجيلات، من مجتمع البحر إلى مجتمع المدينة. الرواية تؤكد دور دوخي كصوت خالد في الغناء الخليجي، يربط بين التراث الموسيقي القديم وظهور الأغنية الحديثة، ويبرز كيف يمكن للصوت المحلي أن يصبح جزءاً من الذاكرة الجماعية، ممتداً إلى الخليج والعالم العربي، حاملاً هموم الداخل والانفتاح على الخارج. تتداخل في الرواية الحقيقة والخيال؛ فقد قدم باسم عوض دوخي، ابن الفنان، مقدمة معنونة «نوخذة الطرب»، تُبرز بعداً عاطفياً وذاكرياً، فيما يحوّل الرفاعي السيرة الواقعية إلى مادة روائية، معزّزاً الحكي بشخصية «الصاحب» الغامض، لملء الفجوات العاطفية والوجودية التي لا تستطيع التوثيقات الرسمية أن تغطيها. من هنا، تتحوّل الرواية إلى كتابة هجينة بين السيرة الروائية والسيرة الغيرية، تمزج بين الواقع والخيال، لتعيد تعريف العلاقة بين التوثيق الفني والتخييل الأدبي، حيث تمنح الشخصيات روحاً ثانية تتجاوز حدود الزمان، وتستحضر ما كان ممكناً أن يُقال، ليخرج القارئ بذاكرة مركبة عن فنان حقيقي وشخصية روائية، عن الفن الذي يعكس المجتمع ويقاوم صمته، وعن الأدب الذي يحاور التاريخ ويعيد الحياة للصوت والمكان والزمن.