منذ انتقاله إلى ليفربول قادمًا من روما قبل ثمانية أعوام، كان محمد صلاح محور النجاحات الحديثة للنادي وأحد أبرز أساطيره في العصر الحديث. ويرى كثيرون أن النجم المصري يستحق أن يُدرج ضمن أعظم ثلاثة لاعبين في تاريخ "الريدز"، إن لم يكن الأعظم على الإطلاق، إذ يحتل المركز الثالث في قائمة الهدافين التاريخيين للنادي ب250 هدفًا في 417 مباراة، إلى جوار أسماء خالدة مثل ستيفن جيرارد والسير كيني دالجليش. لكن الموسم الحالي حمل ملامح مختلفة تمامًا، فصلاح، الذي اعتاد أن يكون الحل، أصبح جزءًا من المشكلة، بحسب تقرير لمجلة فوربس. أداء باهت أمام مانشستر سيتي في الخسارة القاسية أمام مانشستر سيتي بثلاثية نظيفة الأحد الماضي، بدا صلاح خارج نطاق التأثير تمامًا. فشل في التسجيل أو الصناعة للمرة الأولى أمام السيتي منذ خمس سنوات، وظهر عاجزًا أمام الشاب نيكو أورايلي الذي لم يكن ظهيرًا أيسرًا أصلاً، لكنه تفوق عليه بدنيًا وتكتيكيًا، وأغلق أمامه كل المنافذ. وزاد الطين بلة أن أورايلي استغل المساحات خلف صلاح ليقود هجمات خطيرة ساهمت في فوز مريح لرجال بيب جوارديولا، الذين عززوا موقعهم كمنافسين رئيسيين لآرسنال على لقب الدوري. فلسفة سلوت.. ونتائج معكوسة منح المدرب الهولندي آرني سلوت نجمه المصري حرية هجومية أكبر، مع إعفائه من المهام الدفاعية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة إنتاجه الهجومي. وقال صلاح في مقابلة سابقة مع شبكة "سكاي سبورتس" في أبريل الماضي:" طالما أُعفي من الأدوار الدفاعية، سأعوّض ذلك هجوميًا." وبالفعل، أثمرت تلك السياسة نجاحًا هائلًا الموسم الماضي، إذ قاد صلاح ليفربول للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي مسجلًا 29 هدفًا وصانعًا 18 تمريرة حاسمة، ليعادل الرقم القياسي لعدد المساهمات التهديفية في موسم واحد (47 هدفًا) والمسجل باسم آلان شيرر وآندي كول. كما توّج بجائزة الحذاء الذهبي للمرة الرابعة، وحصد لقب أفضل لاعب في الدوري للمرة الثانية، إلى جانب فوزه بجائزة رابطة اللاعبين المحترفين للمرة الثالثة، حينها، كان صلاح في ذروة المجد، يوصف بأنه "لا يُوقف". تجديد مثير للجدل رغم تلك الإنجازات، أثار قرار ليفربول بتمديد عقد صلاح في أبريل الماضي الكثير من التساؤلات. فبعد مفاوضات طويلة، وقّع النجم المصري عقدًا جديدًا لمدة عامين، رغم تلميحاته السابقة إلى أن الموسم الماضي ربما يكون الأخير له في "أنفيلد"، وسط اهتمام قوي من أندية سعودية. وبموجب العقد الجديد، يحصل صلاح على نحو 500 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا (ما يعادل نحو 658 ألف دولار مع الحوافز). لكن منذ ذلك الحين، أنفق النادي قرابة 446.5 مليون جنيه إسترليني في سوق الانتقالات الصيفي الماضي، في رقم قياسي بتاريخ ليفربول، دون أن تحقق الصفقات الجديدة النتائج المنتظرة. فشل ألكسندر إيزاك القادم من نيوكاسل (125 مليون جنيه) في إثبات نفسه مكتفيًا بهدف وحيد في 8 مباريات، ولم يقدم فلوريان فيرتز (116.5 مليونًا من باير ليفركوزن) الأداء المأمول، بينما لم ينسجم الظهيران الجديدان كيركيز وجيريمي فريمبونج بعد. الاستثناء الوحيد ربما كان الفرنسي هوجو إكيتيكي، الذي أحرز 3 أهداف في 10 مباريات بالدوري. أما صلاح، فاقتصرت حصيلته على 4 أهداف في 11 مباراة بالدوري، وهدف وحيد في 4 مباريات بدوري الأبطال. أزمة بين الماضي والمستقبل تشير "فوربس" إلى أن الصيف الماضي ربما كان الفرصة الأخيرة لليفربول لبيع صلاح وهو في قمة عطائه، وتحقيق مكاسب مالية ضخمة مع الحفاظ على إرثه الأسطوري. لكن قرار الإبقاء عليه جعل المدرب سلوت عالقًا بين جيلين: جيل جديد باهظ التكلفة يحتاج إلى مساحة للتطور، وأسطورة تاريخية بدأت مؤشرات تراجعها تظهر. كما أن التبديل المستمر بين خطتي 4-3-3 و4-2-3-1 لاستيعاب فيرتز، أدى إلى اضطراب منظومة الفريق، وظهر صلاح غير منسجم مع الإيقاع العام. وزاد رحيل ترينت ألكسندر-أرنولد إلى ريال مدريد الطين بلة، إذ فقد الجناح المصري شريكه الأبرز في الجبهة اليمنى، ما جعلها نقطة ضعف واضحة في منظومة ليفربول الدفاعية والهجومية على حد سواء.