يستمر الصراع داخل الحكومة الإسرائيلية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه، الذي يحاول إمساك العصا من المنتصف لامتصاص جزء من غضب الولاياتالمتحدة، والوزراء المتشددين في حكومته اليمينية. وبينما أقرت الحكومة الإسرائيلية تخصيص ملياري شيكل (نحو 500 مليون دولار) للبلدات العربية وبرامج التعليم الفلسطينية في القدسالشرقية، التي يشكل الفلسطينيون ما يقرب من 40 بالمئة من سكانها وغالبيتهم تحت الفقر، تحدى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش القرار وأصدر أمرا بتجميده بدعوى وجود مخاوف من الجريمة ومخاوف تتعلق بالسلامة. ينظر العرب في إسرائيل إلى قرار سموتريتش بأنه مواصلة لسياسية اليمين المتشددة تجاههم، معتبرين القرار جزءا من سلسلة قرارات أخرى تغذي "العنصرية" في إسرائيل، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بالسعي إلى إضعاف البلدات العربية وجعل حياة العرب أكثر صعوبة. وتشير بيانات حكومية رسمية إلى أن وزارة العدل الإسرائيلية فتحت 415 قضية في شكاوى بالعنصرية العام الماضي، 32 بالمئة منها مقدمة من عرب، و18 بالمئة قدمها يهود تعود أصولهم إلى دول الاتحاد السوفيتي السابق، و17 بالمئة ليهود من أصول إثيوبية. ويشكل العرب حوالي 20 بالمئة من سكان إسرائيل، ومعظمهم فلسطينيون بقوا في إسرائيل بعد حرب 1948. وتعاني الأقلية العربية ارتفاعا في معدلات الفقر وضعف البنية التحتية وتمويل المدارس في المدن المكتظة بالسكان. وقال مازن غنايم، عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب القائمة العربية الموحدة، إن لدى المؤسسة الإسرائيلية خطة لإضعاف المجتمع العربي. وأبلغ غنايم وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن "الحكومات الإسرائيلية اليمينية تعمل على إضعاف المجتمع العربي بأي شكل من الأشكال، وهناك استيلاء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وبالأخص القدس. يريدون تفريغ القدس من أهلها". وأوضح أن الهدف الإسرائيلي من وراء هذه المخططات هي إحلال المستوطنين اليهود مكان العرب في القدس. وتابع: "لدى اليمين الأغلبية في الكنيست، وهو يمين يكن العداء والحقد للعرب بشكل عام وللفلسطينيين في الداخل بشكل خاص". ويرى غنايم أن القادم سيكون أسوأ بالنسبة للمجتمع العربي في إسرائيل في حال استمر حكم اليمين. ومضى قائلا: "اليمين الإسرائيلي يفكر ويخطط لسنوات عديدة، وهدفه الآن المجتمع العربي وكيفية إضعافه بأي شكل". * امتداد للفكر الصهيوني وصفت هبة يزبك، عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو بأنها امتداد للفكر الصهيوني الذي تعتمد عليه إسرائيل. وقالت يزبك لوكالة أنباء العالم العربي إن ما يحدث في هذه الحكومة "هو أقصى ما وصلت إليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تطرفا" على صعيد تشكيلها، مشيرة إلى أن ذلك يؤثر بشكل مباشر على واقع العرب في إسرائيل. وأضافت: "تأثير حكم اليمين المتطرف كان على مستوى الميزانيات، والتي تمت المصادقة عليها في السابق والموافقة على تمريرها للسلطات المحلية العربية"، ووصفت تلك الميزانيات بأنها "فتات ولا تفي بالحد الأدنى من متطلبات البلدات العربية، وعلى الرغم من ذلك تم إيقافها". وتابعت قائل "هذا المفهوم العدائي تجاه المجتمع العربي والفلسطيني هو عنوان المرحلة في إسرائيل وهذه الحكومة، التي تعمل على... ترسيخ فوقية اليهود والمجتمع اليهودي في البلاد على حساب الفلسطينيين". وأكدت عضو الكنيست أن "الحكومة الحالية هي وجه إسرائيل في الفكر والطابع الذي يميز دولة إسرائيل دون أي تجميل" منوهة بأن ما يحدث اليوم من خلل وصراع داخلي في إسرائيل ما بين القوى المختلفة هو صراع حول طابع الدولة. وقال سليم بريك، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن حال العرب في ظل الحكومات اليمينية الإسرائيلية "سيئ جدا". وبحسب بريك، تفشى الفقر في المجتمع العربي بإسرائيل وارتفع مستوى الجريمة، مشيرا إلى أن أكثر من 140 شخصا قتلوا خلال سبعة أشهر فقط "والشرطة الإسرائيلية لا تحقق أبدا في تلك الجرائم". وأثار تفشي العنف في البلدات العربية في إسرائيل القلق في الأشهر القليلة الماضية. وحمل آلاف من سكان إسرائيل من عرب ويهود أكفانا رمزية وجابوا بها شوارع تل أبيب أمس الاثنين في مسيرة احتجاجية على ما يقولون إنه تفش للعنف داخل بلدات الخط الأخضر. وقال منظمون، وبينهم جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني، إن انتشار العنف والجريمة المنظمة حصد أرواح 135 عربيا بينهم نساء وأطفال في مدن وبلدات الخط الأخضر في 2023. ومضى بريك قائلا: "كان هناك حوالي 110 ملايين شيكل مخصصة لمحاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي، لكن سموتريتش قرر تجميدها وتحويلها للأحزاب الدينية". وأكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "فاشية كارهة للعرب والمجتمع العربي". وقال باسم أبو عطايا، المتخصص في الشئون الإسرائيلية، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل على حسم الصراع مع الفلسطينيين وحسم الصراع داخل إسرائيل نفسها على أساس أنها دولة قومية لليهود فقط. وأضاف أبو عطايا في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي: "قرارات مثل تحرير الميزانيات والسماح بالبناء داخل البلدات العربية، بالإضافة إلى محاربة الجريمة داخل المجتمع العربي، مؤجلة وغير مطروحة على طاولة الحكومة الحالية". وتابع: "ما يجري الآن هو تغيير كامل لشكل النظام السياسي في إسرائيل بحيث لا تستطيع أي حكومة قادمة أخذ أي قرارات تتعلق بعمليات تنازل عن الأراضي أو تبادل الأراضي مع الجانب الفلسطيني".