يعرض حالياً ضمن خطة المسلسلات القصيرة التي تنتجها منصة "واتش إت" المصرية، مسلسل "بالطو"، بطولة عصام عمر ومحمود البيزاوي ومحمد محمود وعارفة عبدالرسول ومحمود حافظ ودنيا سامي، وضيف شرف خالد الصاوي، وإخراج عمر المهندس، وتأليف أحمد عاطف فياض في أول تجربة تلفزيونية له. مسلسل "بالطو" مأخوذ عن يوميات أحمد عاطف التي سجلها خلال عمله بإحدى الوحدات الصحية، وكانت وحدة الحاج هيثم، وهي ليست رواية لها حبكة وشخصيات رئيسية وثانوية وصعود درامي للأحداث، وإنما يوميات تقوم بشكل أساسي على السرد الذي يقدمه الكاتب عن مواقف تمر به في حياته الشخصية، وينعكس في ظله شخصيات أخرى يروي عنهم ويحكي عن تفاصيلهم، ولكنه يركز على ذاته في هذا الحكي، وهو أقرب إلى الوضوح والمباشرة والتلقائية. يقول المؤلف الأدبي العراقي في مقال له عن اليوميات: "توفِّر كتابة اليوميات مادة أرشيفية غنية للدارسين في حقول معرفية متعددة: التاريخ، السياسة، علم الاجتماع، الأدب، الفن، الأنثربولوجيا، علم النفس وغيرها، لأنها تلقي نظرة فاحصة على صورة الحدث الشخصي الجاري على خلفية الحدث التاريخي العام". واليوميات هي المادة الأولى أو البذرة التي تصلح لتكون فيما بعد سيرة ذاتية، بحسب ما ورد في كتاب "فن كتابة السيرة الذاتية "، ويشير الدكتور عصام العسل في كتابه هذا إلى أن "اليوميات تتصل بالماضي القريب في الأغلب، حيث إن المساحة الزمنية التي تفصل بين زمن الكتابة والتجربة تكون أقصر مما هي عليه في أدب السيرة الذاتية، واليوميات تسجيل مباشر يكتب دون مراجعة، وإنما يتمثل في آلية اصطدام العين بما يحيط حولها" . وتدور يوميات أحمد عاطف عندما استلم تكليفه في إحدى القرى، وهي وحدة الحاج هيثم الصحية كما ذكر، وعمل فيها لفترة طبيبا، ثم نظرا للظروف الإدارية للمكان اضطر إلى تولي منصب مدير الوحدة، وهو مازال ذو خبرة قليلة، ويعتمد الكتاب (اليوميات) على مواقف حدثت معه أثناء قيامه وممارسته مهامه كطبيب في الوحدة، ويبدأ بسرد مواقف مختلفة، قسمها بين مواقف تخص المرضى سيدات ورجال، ويركز أكثر على مواقف النساء تحت عنوان "ستات كتشير"، وأخرى لطاقم التمريض والعاملين في المكان بعنوان "موظفين الوحدة"، ويوجد فصل آخر بعنوان "المأموريات الخارجية"، ويتحدث فيه عاطف عن مواقف خارج سور الوحدة الصحية، ولكن "كلها بسبب واحدة" على حد وصفه، وفصل عن مواقف المستشفى الخاصة. تظهر الروح الكوميدية لدى أحمد عاطف ككاتب في يومياته هذه وليس فقط في كتابته للمسلسل، ويقول في مقدمته: "مش هكتب مقدمة عشان مبحبش المقدمات، أنا أصلا مكنتش عايز أعمل غلاف وأدخل في الموضوع على طول بس يلا"، يذكر أن غلاف الكتاب عبارة عن شخص لا يظهر وجهه يرتدي بالطو الطب وأسفله تيشيرت عليه صورة الفنان أحمد عبدالعزيز. كما يظهر تعلق عاطف بالشخصيات الدرامية والسينمائية المصرية في توظيفه لها في المواقف التي يرويها لنا عبر صفحات يومياته، يقول على سبيل المثال في حديثه عن حفل التخرج: "هديت بعد ما كل واحد نزل صورته على الفيسبوك بالطربوش والبالطو الأسود بتاع التخرج اللي شبه البتاع اللي كان لابسه يونس شلبي في مسرحية العيال كبرت لما كان عامل نفسه مخبر متنكر وبيراقب أبوه، يدوب انتهت الهيصة دي، ولاحت هيصة جديدة في الأفق.."، في جزء آخر يقول: "الحمد لله أنا من زمان أصلا كان نفسي أبقى إقطاعي زي أحمد مظهر في رد قلبي". يخصص عاطف فصلا بعنوان "شوية تحاليل"، يركز فيه على مشاهد سينمائية وتلفزيونية كان يشاهدها أثناء عمله ويقضي وقت فراغه معها: "الفصل دا أنا بحلل فيه مشاهد من أفلام أو مسلسلات اتفرجت عليها أثناء تواجدي في نبطشيات الوحدة الصحية اللي مكنش بيبقى فيها شغل فراغ بقى"، والمشاهد التي اختارها منها للفنان أحمد عبدالعزيز، وأخرى لنجلاء فتحي وفاروق الفيشاوي ونادية الجندي وأروى جودة وغادة عبدالرازق وأحمد زاهر وغيرهم، وتطرق لها بصورة نقدية ساخرة لعدم منطقية الأحداث التي تجري من وجهة نظره.