أستاذ علم المصريات «باركنسون»: «لقد غفل التاريخ عن ذكر أسماء العديد من المشاركين فى ذلك الاكتشاف الأثرى العظيم.. وهدفنا أن ننسبه لأبطاله الحقيقيين» أستاذة تاريخ مصر الحديث والمعاصر بجامعة المنيا: «إن مصر هى منشأ علم الآثار ومن ثم تأتى أهمية توثيق تلك التجربة بالتفاصيل وعرضها للعالم» احتفالًا بمرور 100 عام على الاكتشاف الأثرى الشهير لمقبرة الملك «توت عنخ آمون» والذى قام به المستكشف الإنجليزى الراحل، هوارد كارتر، قرر أستاذ علم المصريات بجامعة أكسفورد، ريتشارد بروس باركنسون، إقامة معرض جديد للصور والمواد الأرشيفية فى الجامعة يحمل عنوان «توت عنخ آمون: استكشاف الأرشيف» والذى يوثق من خلاله مراحل فتح تلك المقبرة ويمنح الفضل للعشرات من فريق «كارتر» والذين غفل التاريخ عن ذكرهم. وفى أعقاب اكتشاف غرفة الدفن التى ضمت جثمان الملك الصغير الذى توفى عن عمر ناهز 19 عامًا عام 1922، أصبح ذلك أحد أعظم الاكتشافات فى علم الآثار على مر التاريخ، ودفع باسم هوارد كارتر ومصوره هارى بيرتون إلى الشهرة فى جميع أنحاء العالم؛ حيث تصدر الخبر عناوين الصحف آنذاك، وأضحى جزءًا أصيلًا من الثقافة الشعبية بعدها لعقود من الزمن. وقال «باركنسون»: إن هذه الصور تخفى حقيقة التاريخ، وأردف: «هناك ثمة صورة نمطية فى العالم الغربى عن البطل الأبيض البشرة الذى يقوم بالمغامرات ويسبر أغوار المجهول، وهى واحدة من الصور النمطية الاستعمارية التى تطارد علم المصريات بكثرة، وبإمكاننا رؤية ذلك النمط بوضوح فى شخصية مثل شخصية المستكشف الأثرى إنديانا جونز الذى كان الشخصية الرئيسية فى سلسلة أفلام أمريكية حملت نفس الاسم، وأيضًا فى معظم الأفلام الغربية التى تتحدث عن المومياوات المصرية الفرعونية«، وتابع: «هدفنا أن نحاول تحديد هذا الاكتشاف العظيم وننسبه لأبطاله الحقيقين». ويشتمل المعرض على صور فوتوغرافية ورسائل ورسومات ومجلات من الأرشيف الضخم الذى قام المستكشفون بتجميعه وهو موجود الآن فى معهد جريفيث بجامعة أكسفورد، وقال «باركنسون»: إن الأرشيف بريطانى تم تجميعه فى فترة استعمارية عندما بدأت مصر تصبح دولة مستقلة، نقلًا عن شبكة «سى بى إس نيوز» الإخبارية. ومن بين تلك المحفوظات، عرض «باركنسون» عدة قطع مثل ثلاث صور لصبى مصرى يرتدى قلادة تم استخراجها من النعش، بينما أظهرت صور أخرى فى المعرض أعضاء الفريق المصريين الذين قاموا بفتح المدخل إلى المقبرة وتحديد عمر القطع الأثرية ونقلها. وعن أعضاء ذلك الفريق، قال «باركنسون»: «لقد كانوا ماهريين للغاية، ولكنها مهارة الفطرة حيث لكنهم لم يكن لديهم التعليم الجامعى الذى نتوقعه من عالم آثار هذه الأيام»، مضيفًا أنه لأنهم لم يتمكنوا من سرد قصصهم وظل معظمهم مجهولين إلى يومنا هذا. وأوضح «باركنسون» أن كارتر قام بتوجيه الشكر من خلال الوثائق لأربع من أعضاء الفريق المصريين الذين ساعدوه فى فتح المقبرة، وهم: أحمد جيريجار وجاد حسن وحسين أبو عواد وحسين أحمد، لكن حتى اليوم، لا يمكن للمنسقين مطابقة أسمائهم مع وجوههم فى الصور الفوتوغرافية. وكشف «باركنسون» أن أستاذة تاريخ مصر الحديث والمعاصر بجامعة المنيا، هند محمد عبدالرحمن، تعكف الآن على تحديد أسماء المزيد من العمال المصريين المشاركين فى الحفر باستخدام المحفوظات فى معهد «جريفيث» والتحدث مع أحفاد أهل الأقصر حيث تم العثور على المقبرة، وقد جمعت بالفعل أسماء حوالى 15 عضوا من بين ما تعتقد أنه كان حوالى 200 عضو من فريق «كارتر». وقالت «عبدالرحمن»: إنها متأكدة أن «كارتر» قد وثّق أسماء جميع المشاركين عبر أحد السجلات، ولكن بطريقة ما، فُقد هذا السجل عبر الزمن، وأضافت: «أعتقد أننا فى يوم من الأيام سوف نجد السجل الكامل لتلك المقبرة، وستكون إضافة حقيقية لعلم الآثار، لأننى أعتقد أن كارتر كان مثاليًا فى تسجيل كل شىء»، وتابعت: «إن مصر هى منشأ علم الآثار، ومن ثم تأتى أهمية توثيق تلك التجربة بالتفاصيل وعرضها للعالم». ومن المقرر أن يستمر المعرض حتى أوائل فبراير 2023.