رئيس جامعة طنطا يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    اتصالات النواب: تشكيل لجانا مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    متحدث الحكومة: الانخفاضات مستمرة في أسعار السلع.. والتراجع وصل إلى 35 %    البرلمان الأوروبي يوافق على القواعد الجديدة لأوضاع المالية العامة لدول الاتحاد الأوروبي    خبير استراتيجي مصري: بالوثائق.. إسرائيل المتهم الحقيقي في تهريب الأسلحة للفلسطينيين    براءة عدلي القيعي من تهمة سب وقذف رئيس نادي بيراميدز    تشكيل تشيلسي لمواجهة أرسنال في الدوري الإنجليزي    العميد يؤجل طلب إضافة عناصر لجهاز المنتخب لبعد مباراتي بوركينا فاسو وغينيا    تحرير محاضر لمخالفات بالمخابز ومنشآت طبية خاصة في بني سويف    غلق وتشميع مركزين طبيين لعلاج الأمراض الجلدية والبشرة بدون ترخيص بالبحيرة    بدء احتفالية اتحاد الناشرين المصريين بمناسبة اليوم العالمي للكتاب    محمد ممدوح يكشف عن شخصيته بفيلم السرب: الأمير أبو أسعد الحمراوي    المقاولون يواصل الاستعداد لسموحة تحت قيادة معتمد جمال    قضايا الدولة تشارك في فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي "ويبو"    خلال زيارته لشمال سيناء.. وزير الشباب والرياضة يشارك في مغامرة يلا كامب بالعريش    المعهد القومي للملكية الفكرية بجامعة حلوان ينظم برنامج "محكم"    قناة السويس تعلن تعديل الرسوم للسفن الأجنبية والمصرية والوحدات الصغيرة (تفاصيل)    تعليم البحيرة: تخصيص 125 مقراً لطلاب الثانوية العامة والشهادة الإعدادية للمراجعة النهائية    "مع السلامة يا توماس".. الحزن يخيم على الوسط الفني بعد رحيل تامر عبدالحميد    المغربية لبنى أزابال رئيسا للجنة تحكيم الفيلم القصير في مهرجان كان    تعاون مع مؤسسة مجدى يعقوب لإجراء جراحات القلب لمرضى «الرعاية الصحية»    للحوامل.. نصائح ضرورية لتجنب المخاطر الصحية في ظل الموجة الحارة    لمخالفتهم السعر الجديد..تموين القاهرة تحرر 25 محضر مخابز وتحريز 5 أطنان دقيق    حذر من تكرار مصيره.. من هو الإسرائيلي رون آراد الذي تحدث عنه أبو عبيدة؟    عمال سوريا: 25 شركة خرجت من سوق العمل بسبب الإرهاب والدمار    يسرا توجه رسالة إلى الجمهور السعودي بعد العرض الأول ل فيلم "شقو" في الرياض    كشف ملابسات سير النقل الثقيل في حارات الملاكي بطريق السويس الصحراوي    التوقيت الصيفي 2024.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    مش بنتي.. أم بريطانية تكتشف استبدال رضيعتها في المستشفى بالصدفة    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    مجرد إعجاب وليس حبا.. رانيا يوسف توضح حقيقة دخولها فى حب جديد    وزير الدفاع الروسي: القوات الأوكرانية خسرت نصف مليون عسكري منذ بداية الحرب    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    قبل الامتحانات.. أطعمة تزيد التركيز وتقوي الذاكرة للأطفال    الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في اليمن    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا بكفر طهرمس    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيوان لا يتنفس
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 11 - 2021

قرأت فى فبراير 2020 مقالا حول حيوان فريد تخلص بمرور الوقت من الجينات المسئولة عن التنفس وأصبح كائنا أكثر بساطة يعيش فى بيئات لاهوائية، جاء ذلك فى مجلة بى أن إيه أس (PNAS) العلمية التى تُعنى منذ عام 1915 بنشر خلاصة أبحاث الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم. وقفت مليًا عند تفاصيل الموضوع ونحن فى خضم أزمة الكورونا وتوابعها، وقد شغل الاهتمام بالتنفس حيزا أكبر فى حياتنا بحكم الأحداث. صرنا نتوقف أكثر لدى عمليات الشهيق والزفير واشتد الذعر من أى ضيق فى التقاط الأنفاس.
أعود لقصة الحيوان الطفيلى الموجود بشكل شائع فى لحم سمك السلمون وينتمى لشعبة اللواسع مثل قناديل البحر والشعب المرجانية، واسمه العلمى Henneguya Salminicola. يُرجح العلماء أن هذا الكائن خُلِق مثلنا وسائر الكائنات متعددة الخلايا وهو يحتاج إلى الأكسجين ليعيش ويوفر الطاقة اللازمة له، لكنه مع تعاقب الأجيال أسقط الجينات الخاصة بالتنفس الهوائى لأنه يعتمد بالكامل على السلمون فى القيام بمعظم الوظائف ويحيا بداخله، مع العلم أنه ليس طفيليا ضارا.
•••
شطح بى الخيال إلى عالم المستحيلات والعجائب، وتساءلت: هل ممكن أن يتكيف الإنسان هو الآخر مع الظروف ويعيش فى بيئة خالية من الأكسجين ويلغى خاصية التنفس الهوائي؟ أعلم أن الأمر غير وارد علميا ولا يمكن تصوره، لكن الواقع يأتينا أحيانا بأشياء غريبة. من منا كان يتوقع أن يفرض علينا فيروس لعين متناهى الصغر لبس الكمامات لفترات طويلة والمشى فى الشوارع ونحن نخبئ وجوهنا ولا نستطيع التنفس؟ نجلس أمام شاشات الحواسب لساعات بما أن الكثيرين يعملون عن بُعد، والوضع الذى تتخذه أجسامنا يجعلنا لا نتنفس بطريقة صحيحة. نشعر بالتوتر العصبى الشديد نظرا للضغوط المتزايدة، وهو ما يؤثر أيضا على عملية التنفس.
نود لو نملأ الرئتين بالهواء النقى، ونتحاشى رذاذ الزفير والزعيق، ونخرج فى نزهة بين الأشجار، فتتوالى حولنا عمليات التخلص من الحدائق كما لو أن المدينة المكتظة بالسكان لا تحتاج إلى مساحات خضراء واسعة تسمح بسهولة التنفس والحركة. تظل لدينا فقط السيارات وعوادمها وأدخنتها فنختنق أكثر وأكثر. نحاول أن نقنع أنفسنا أن كل شيء على ما يرام وأن السماء صافية والنسيم عليل ولا ينقصنا إلا وصلة غنائية أو مسرحية. نفرح بعودة الأنشطة الثقافية والمهرجانات الفنية التى قد تسمح بالقليل من الترفيه وخلو البال، ونقول نريد متنفسا للراحة والتفكير والاسترخاء، فتتوالى أزمات الوصاية والحظر بمنع أصناف من الموسيقى التى يعتبرها البعض دخيلة أو مبتذلة أو غير أصيلة بغض النظر عن رأى الجمهور، ثم الرقابة على بعض الأفلام منها المصرى والأجنبى، هذا يسيء إلى صورة البلاد وهذا إلى الأخلاق العامة وهذا ربما يحمل فى طياته أفكارا غير مطلوبة. ومن بعدها يحتدم النقاش حول مسرحية مقتبسة عن عمل أدبى لجان بول سارتر سبق أن قدمها المسرح المصرى فى الستينيات وكتب عنها ناقد بحجم محمد مندور، وهو من هو، بجريدة الأهرام. لم تشتعل الدنيا وقتها لأن المسرحية عنوانها «المومس الفاضلة»، وكان النقاش يدور حول المحتوى والقيمة الفنية وقدرة الفرقة القومية للمسرح على فهم وترجمة فلسفة العمل.
***
الأفكار تطير مثلما الأغنيات، تنتشر بين الناس إذا أحبوها أو اقتنعوا بها، ونحن بحاجة إلى متنفس، إلى رئة، إلى مساحة للراحة والارتياح، إلى أكسجين، بما أننا لسنا متأكدين من أنه فى وسعنا التحول إلى كائنات من شعبة اللواسع ونستغنى عن الهواء مثل الحيوان صديق السلمون. وعلى أى حال استغرق منه الأمر أجيال وأجيال لكى يعتمد بالكامل على كائن آخر ويلقى بجينات التنفس الهوائى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.