كشف متحف الرسّام الهولندى الشهير، فان جوخ، فى أمستردام أنه قد تم العثور على لوحة أصلية له تصوِّر رسمًا بالقلم الرصاص لرجل عجوز يضع رأسه بين كفيه، ووصف الباحث البارز فى المتحف، تيو ميدندورب، الأمر ب «الاكتشاف المذهل» الذى يسلط الضوء على بداية مسيرة فان جوخ كفنان يعيش فى لاهاى، وهى فترة أقل شهرة من سنواته فى باريس أو جنوبفرنسا. وتبدو الرسمة مشابهة لواحدة أخرى شهيرة فى مجموعة المتحف التى تُسمى «Worn Out أو حُطام»، وقد تم رسمها فى أواخر عام 1882 عندما كان فان جوخ يبلغ من العمر 29 عامًا، وكان حينها بصدد رسم أكبر عدد ممكن من الأشخاص فى حالاتهم العاطفية والانفعالية المختلفة، وغالبًا ماكان يستعين بعارضين من دار المسنين والإصلاحيات، ويدفع لهم رسومًا متواضعة ربما تصل إلى 10 سنتات أو يبتاع لهم قدحًا من القهوة من أجل الموافقة على المشاركة فى الرسم. وقد أطلق على هؤلاء اسم «الرجال الأيتام» و«النساء اليتيمات»، أما الرجل البادى فى الرسم المُكتشف حديثًا يُدعى أدريانوس جاكوبس زويدرلاند، وهو الوحيد من بين هذه النماذج المعروف باسمه، وقد استخدم فان جوخ قلم نجار سميك ورسمه على ورق مائى خشن، وبلغ مقاس الورقة 48 سم × 30 سم، وقد أنهى الرسم عن طريق فرك كريات الخبز على الأجزاء الخفيفة من ملابس الرجل، ثم قام بطلاء الرسم بمثبت مصنوع من الحليب والماء، مما جعل تأثير القلم الرصاص أكثر عمقًا. وقام الخبراء بتأريخ الرسم لنهاية نوفمبر عام 1882، وربطوه بالعديد من الأعمال الأخرى التى تم إجراؤها فى ذلك الوقت؛ حيث إن الفنان الشهير قد تحدث عن مجموعة من الرسومات فى رسالة إلى شقيقه «ثيو» بها مواصفات مقاربة للرسمة المُكتشفة حديثا؛ حيث قال: «اليوم رسمت رجل عجوز مرفقيه على ركبتيه ورأسه فى يديه.. ربما سأقوم بعمل طباعة حجرية له»، وأشاد فان جوخ بالمنظر الساحر للرجل العجوز وهو جالس متموضعًا للرسم يبدو عليه أمارات الإرهاق والتعب من خوض معارك الحياة المتكررة، ووصفه ب «الرجل الجميل أصلع الرأس الذى يرتدى حُلة من نسيج البومبازين». وقد كان لدى فان جوخ فى ذلك الوقت طموحات للعمل كرسام لمجلة حتى يتمكن من كسب المال ويكون أقل اعتمادًا على أخيه، وكان الرسم موجودًا فى مجموعة خاصة بأحد جامعى التحف والأعمال الأصلية بهولندا منذ حوالى عام 1910. ويسوف يتم عرضه فى المتحف حتى مطلع العام القادم، على أن يعود بعدها إلى المالك، نقلًا عن صحيفة «الجارديان» البريطانية. ومن طرائف الأمور أن المتحف يتلقى سنويًا ما يصل إلى 300 ادعاء من أشخاص يعتقدون أنهم يمتلكون لوحات أصلية مفقودة لفان جوخ، وبعد البحث والتقصى يتضح أن قلة قليلة من تلك الأعمال أصلية بالفعل، أما غالبيتها العظمى مزيفة. وعبر «ميدندورب» عن سعادته الغامرة بهذا الاكتشاف؛ لاسيما بعد أن أفنى عمره فى دراسة لوحات فان جوخ، وقال إن تلك المجموعة من الرسومات من لاهاى تحديدًا مبهجة للغاية، وتجعلك تقع فى غرام الطريقة التى يستعمل بها فان جوخ القلم الرصاص للرسم، وأردف: «كلما ألقيت نظرة عن قرب على رسومات مثل هذه، فأنت تريد أن تلتقط قلم رصاص بنفسك وتبدأ الرسم».