قادها الشغف بما تدرسه، وإيمانها بأهمية دورها في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى تحقيق حلم كان يراودها منذ أن كانت طالبة بالجامعة، لخدمة أبناء قريتها بمركز أطفيح. تقول ياسمين ياسين خريجة كلية الآداب قسم علم النفس، إنها كانت تحلم بأن تقدم يد المساعدة لأبناء قريتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، نظرًا لما يعانينه من ظروف مادية قاسية وندرة في الخدمات، وهو ما قادها إلى السعي للتطوع بالمركز التخصصي للتخاطب بأطفيح؛ وهو مركز تابع للجمعية العربية لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، أسسه ثلاثة من الأطباء، لتكون وجهة آمنة لكل من يعاني من الإعاقة. وبناءً على الإحصاءات الصادرة عن الأممالمتحدة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، يُمثّل ذوو الاحتياجات الخاصة 10 : 15% من سكان العالم، وترتفع النسبة في العالم العربي ودول العالم النامي إلى أكثر من ذلك بقليل، وذلك تبعًا للظروف البيئية والسياسية وحالات الحروب. كما تشير الإحصائيات، إلى أن نسبة كبيرة من هذه الفئة لا تحصل على الحد الأدنى من الاهتمام والرعاية والدعم والتوجيه والتربية والتعليم المطلوبة حتى تتحوّل إلى فئات مُنتجة ومُفيدة في المجتمع. ونظرًا لأن مركز أطفيح الواقع بمحافظة الجيزة، يعاني من ندرة الخدمات، فلم يكن هناك اهتمامًا بمراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى أن جميعها كان لها دور هامشي، لأنها ملحقة بمراكز طبية أخرى. وكان ذلك المركز بمثابة طوق النجاة لأبناء مركز أطفيح ممن يعانون من إعاقات مختلفة؛ إذ حرص القائمون عليه على توفير جلسات مدعمة بأسعار رمزية، لم تتعد ال7 جنيهات؛ وذلك حتى لا يشعر أولياء الأمور بالحرج من أنهم يعالجون أبنائهم بالمجان. وتقول الأخصائية التي لم تتعد عمرها الخامس والعشرين بعد، أن الفكرة تبادرت إلى ذهنها منذ أن لاحظت انطواء غريبا تعاني منها طفلة لأحد أقاربها، حتى علمت أنها مصابة بالتوحد، وربما ذلك ما جعلها تضع ذلك الحلم نصب عينيها، حتى تدرك معاناة أبناء بلدتها. ويؤكد الدكتور أحمد شحات الحاصل على الدكتوراه في التربية الخاصة بجامعة عين شمس، أنه حرص على إنشاء المركز "التخصصي للتخاطب"، حتى يزيل الكثير من الأعباء المادية عن أهالي بلدته، مشيرًا إلى أن الكثير من أولياء الأمور يتكلفون جهدًا ومالًا ليس بالقليل للسفر إلى القاهرة لمعالجة أبنائهم، وهو ما يثبطهم عن استكمال جلسات العلاج. وأوضح أحمد شحات أحد مؤسسي المركز قائلا: "الكثير من أهالي أطفيح يجدون حرجا في تفاعل أولادهم ممن يعانون من الإعاقات ودمجهم بين أقرانهم في المجتمع بيتكسفوا منهم وبيحسوا إنهم وصمة عار والمفروض يخبوهم". ويتابع أنه حرص على إنشاء مركز التخاطب لتذليل الصعاب أمام الأهالي وتقديم رسالته برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وإعادة تأهيلهم بالشكل المناسب لدمجهم في المجتمع. وأكد أن المركز، لم يقتصر على الجلسات العلاجية وحسب، وإنما يشمل برامج ترفيهية واجتماعية، طبقا لدرجة ونوع الإعاقة، فضلا عن توفير مشروعات صغيرة للشباب، لإعطائهم الفرصة في التعامل مع المجتمع ومنحهم مهام تناسبهم، حتى يشعروا بأنهم فاعلين ومنتجين بالمجتمع. وأضاف: "نظرا للضغوطات النفسية والجسدية التي يواجهها أولياء الأمور، يحرص المركز على توفير بعض النواحي الترفيهية من خلال تنظيم الحفلات والرحلات للطفل مع أسرته، مثل الذهاب إلى الحدائق والمكتبات العامة". ويختتم الشحات بأنه يطمح أن يشمل المركز جميع أقسام التربية الخاصة بالطفل، وتوفير المعدات التي تساعده في تقديم رعاية صحية شاملة لذوي الإعاقة.