تدفع كل أسرة في ألمانيا 17.50 يورو شهريا، رسوما للقناة الأولى والقناة الثانية بالتلفزيون الألماني، إضافة للإذاعة الألمانية، على أي حال حتى نهاية 2020، وليس من المعروف حتى الآن كيف سيكون الوضع بعد هذا التاريخ. ودت هذه المؤسسات الإعلامية الثلاث لو حصلت على مزيد من المال. ولكن الولايات الألمانية تتمتع بكلمة حاسمة بشأن هذه الرسوم. ليس كل رئيس وزراء ولاية ألمانية على قناعة بأن عليه أن ينضم لقائمة الموافقين على استمرار هذه الرسوم، عام 2021. وبصرف النظر عن احتمال تغير موازين القوى في ثلاث ولايات شرقي ألمانيا، فإنه، وتبعا لتركيبة كل حكومة والدور المستقبلي لحزب البديل من أجل ألمانيا في برلمانات الولايات، فإن النقاش بشأن الرسوم التي يدفعها المواطنون من أجل الإعلام العام في ألمانيا، تزداد صعوبة يوما بعد يوم. غير أن هناك نقاشات مشابهة في دول أوروبية أخرى. * سويسرا: كان هناك في ربيع عام 2018 نقاش ساخن بين مؤيدي هذه الرسوم ومعارضيها، وكان ذلك بمناسبة الاستفتاء الشعبي الذي أيده حزب الشعب السويسري، وهو الاستفتاء الذي أراد به الحزب إلغاء رسوم الإذاعة والتلفزيون، حيث رأى الحزب أن فرض مثل هذه الرسوم يعد وصاية على المواطن، وأن العاملين في هذه المؤسسات الإعلامية يكسبون أموالا طائلة، وأن عروض الشركة السويسرية للإذاعة والتلفزيون، تقلص فرص المؤسسات الإعلامية الخاصة. رفض هذا الاقتراح في مارس عام 2018، بشكل قوي، حيث بلغت نسبة الرفض 71.6%. ولكن الحكومة السويسرية كانت قد أعلنت قبل النقاش الذي استمر عدة أشهر، أنها ستخفض الرسوم اعتبارا من عام 2019، من 451 إلى 365 فرانك (نحو 330 يورو). كما خضعت الشركة السويسرية للإذاعة والتلفزيون لبرنامج تقشف، من أجل زيادة فعاليتها. * النمسا: كان مستقبل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العام النمساوي على حافة النهاية، في الأشهر الماضية. ولكن أصبح باستطاعة مؤيدي استمرار تمويل الإعلام العام في النمسا تنفس الصعداء منذ انهيار الحكومة الائتلافية، ذات التوجه اليميني المحافظ. أكد حزب الحرية النمساوي مرارا أنه يفضل تمويل المؤسسة من موازنة الدولة. حصلت المؤسسة على 637 مليون يورو من الرسوم التي جمعتها من المواطنين، ولكن من المقرر أن ينخفض هذا المبلغ إلى نحو 500 مليون يورو، عندما تموله الدولة، حسبما تردد مؤخرا. يقال إن حزب الحرية النمساوي كان قد اتفق بالفعل مع حليفه داخل الائتلاف الحكومي، حزب الشعب النمساوي، على إلغاء رسوم الإذاعة والتلفزيون. ولكن ليس من المعروف ما إذا كان حزب الحرية سيظل على موقفه الناقد لوسائل الإعلام، خاصة بعد "فضيحة مقطع فيديو إبيزا"، فمن ناحية فإن الحزب سيضطر أولا لأن يصبح شريكا في الحكومة، ومن ناحية أخرى فإن محاولة تأثير الدولة على وسائل الإعلام ستكون بالغة الحساسية، وذلك لأن الرئيس السابق لحزب الحرية، هاينس كريستيان شتراخه، كان يلمح في الفيديو، بنوع من شراء صحيفة "كرونين تسايتونج" النمساوية، ذات النفوذ الواسع. تعالت في النمسا أيضا، الأصوات الناقدة لمثل هذه الاعتداءات على وسائل الإعلامي. * فرنسا: يبدو أن الإعلام العام في فرنسا يواجه تغيرات جذرية، حيث أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أثناء المعركة الانتخابية، عن تغيرات عميقة في الإعلام العام، أسوة بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". تنتمي مجموعة قنوات "فرانس تليفزيون" والإذاعة الفرنسية للمؤسسة الإعلامية العامة في فرنسا، وتعمل المؤسستان الإعلاميتان حاليا بشكل منفصل عن بعضهما البعض، وكان هناك اقتراح بضمهما، ولكن وزير الثقافة الفرنسي، فرانك ريستر، استبعد هذا الاندماج مؤخرا. تبلغ رسوم الإذاعة والتلفزيون في فرنسا 139 يورو سنويا، ولكن وزير المالية العامة، جيرالد دارمانين، اقترح مؤخرا، إلغاء هذه الرسوم. ويتم تمويل المؤسسة الإعلامية العامة، بنسبة كبيرة، من هذه الأموال. ولم تطرأ أي زيادة على هذه المساهمة، عام 2019، وذلك للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ويعتزم وزير الثقافة التقدم الخريف المقبل بمشروع قانون لإصلاح المؤسسة الإعلامية العامة. * إيطاليا: يشيع عن الإعلام العام في إيطاليا أنه يخضع كثيرا لسيطرة الأحزاب، وليس ذلك فقط منذ تولي الحكومة الشعبوية، المؤلفة من حزب حركة خمس نجوم وحزب الرابطة اليمينية، السلطة. وهذان الحزبان دأبا على الهجوم على وسائل الإعلام ويفضلان استخدام قنواتهما الإعلامية الخاصة بهما. ولكن أصبح هناك منذ عدة أشهر، حديث عن "ثورة" داخل المؤسسة الإعلامية العامة في إيطاليا، حيث وعد زعيم حزب حركة خمس نجوم ليوجي دي مايو، بأن المؤسسة على وشك أن تشهد ثورة ثقافية، "لكي نتحرر من المتطفلين والمنتفعين". وقوبل تعيين المدير الإعلامي مارسيلو فوا، المقرب من حزب الرابطة، بالاستنكار على صعيد الساحة الإعلامية في إيطاليا، حيث علقت صحيفة "جارديان" البريطانية على ذلك قائلة إن تولي فوا هذا المنصب يعني مجيء "صحفي أخبار كاذبة" على رأس المؤسسة الإعلامية العامة في إيطاليا. كما تسببت عودة كارلو فريكيرو، المقرب من حزب حركة خمس نجوم ، رئيسا للمؤسسة الإعلامية العامة، في استياء واسع في الأوساط المعنية في إيطاليا، حيث ألغى برامج تلفزيونية محببة، وتسبب في صخب إعلامي بتصريحاته التي رأى فيها أنه يجب أن تكون التسلية هي السائدة في التلفاز، وليس السياسة. * بريطانيا: هناك نقاش حاد في بريطانيا بشأن قرار "بي بي سي"، بشأن إعادة إلزام المسنين فوق 75 عاما بدفع رسوم الإذاعة والتلفزيون، حيث تطالب الهيئة هؤلاء بالعودة لدفع الرسوم البالغة 154.50 جنيه استرليني، سنويا (ما يعادل نحو 172 يورو" للهيئة، وذلك بعد أن كان هؤلاء المسنون مستثنين من هذه الرسوم منذ عام 1999. وفقا ل"بي بي سي" فإنه إذا لم يتم تنفيذ هذا الاقتراح فسيكون هناك عجز في ميزانية الهيئة بنحو 830 مليون يورو. واقترحت الهيئة الإبقاء على إعفاء المسنين الذين يحصلون على مساعدات اجتماعية، من الرسوم. وهناك اتهامات ل"بي بي سي" من وقت لآخر بالتحيز، ولكن، وحيث إن هذه الاتهامات تصدر من الساحة اليمينية والساحة اليسارية على السواء، فإنها لم تكن محرجة حتى الآن للمؤسسة الإعلامية. كما كانت الأجور المرتفعة لمذيعي "بي بي سي" موضوعا للسجال من وقت لآخر، وذلك بعد أن أصبحت "بي بي سي" تنشر هذه الأجور. ولكن ليس هناك نقاش جاد حتى الآن لإلغاء هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، التي تأسست عام 1927. * الدنمارك: بدأ الدنماركيون لتوهم إعادة ترتيب الأوراق فيما يتعلق برسوم الإعلام، حيث كان على كل من يمتلك جهازا صالحا لاستقبال البث الإعلامي ملزما بدفع رسوم سنوية، بلغت مؤخرا نحو 2500 كرونة دنماركية (ما يعادل 335 يورو) لكل أسرة. ولكن أصبح هناك الآن تعديل مستمر على هذا النظام الذي يتم من خلال تمويل هيئة إذاعة الدنمارك. ومن المنتظر أن يتم بدلا من ذلك تمويل هذه الهيئة مستقبلا، من خلال أموال الضرائب، ووستنخفض ميزانية الهيئة بواقع الخُمس. كان الانتقاد الرئيسي الموجه لنظام المساهمة المعمول به حتى الآن يتركز على أن كل دنماركي ملزم بدفع نفس المساهمة المالية، بصرف النظر عما إذا كان من أصحاب الأجور المرتفعة أم كان طالبا. من المنتظر أن توفر الأمهات المعيلات، وفقا للنظام الجديد، أكثر من نصف الرسوم اللاتي كن يدفعنها سابقا، كما سيعفى الأزواج من جزء منها. * النرويج: تعتزم الحكومة النرويجية إلغاء هذه الرسوم نهاية العام الجاري، وتمويل الإعلام العام من خلال أموال الضرائب، وذلك حسبما أعلنت وزارة الثقافة النرويجية، في مارس الماضي، وتسعى النرويج من خلال ذلك لضمان أن تظل قنوات الإعلام العام خالية من الإعلانات. سيستفيد من النظام الجديد، وبشكل خاص، العزاب، أي الذين يعيشون بمفردهم في منزل. يدفع النرويجيون حتى الآن ما يعادل أكثر من 300 يورو سنويا، لكل منزل، رسوما للإعلام العام. ولكن الضريبة المنتظرة ستبلغ نحو 1700 كرونة نرويجية، أي ما يعادل 170 يورو لكل شخص. ويتم توزيع هذه الضريبة على شكل شرائح مختلفة، وسيلزم بها كل مواطن يزيد عمره عن 18 عاما.