تبدأ 8 مايو.. إعلان جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني في كفر الشيخ    بالصور.. تسريب مياه داخل إحدى السفن بغاطس البحر المتوسط في بورسعيد    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    مقاطعة الأسماك في بورسعيد.. أفران ومحلات تغلق أبوابها والتجار والصيادون يتبادلون الاتهامات- صور    بدء الجلسة العامة للنواب لمناقشة بيان الموازنة العامة    قرار جديد من الحكومة بتحديد أيام إجازات عيد العُمال وشم النسيم    اطلاق المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ| مايو المقبل    «الزراعة» تتابع حصاد محصول القمح في جميع المحافظات.. إنفوجراف    توقيع بروتوكول تعاون بين البيئة ومؤسسة حارتنا المصرية للتنمية المستدامة    وزيرة الداخلية الألمانية: مزاعم التجسس الجديدة "خطيرة للغاية"    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    تفاصيل اصطدام طائرتين خلال عرض عسكري في ماليزيا.. مصرع 10 أشخاص (فيديو)    "جوميز لا يصلح".. نجم الزمالك السابق يطلق تصريحات نارية ويصدم شيكابالا    قبل نهائي أفريقيا للطائرة.. لاعب الأهلي: نُريد تعويض الجماهير عن اخفاقات الموسم الماضي    اليوم.. انطلاق المهرجان الطلابي "سيناء أولا" احتفاءا بالذكري 42 لتحرير سيناء    "ضد رغبته".. أراوخو أول المرشحين للرحيل عن برشلونة    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    كولر يشرح خطة مواجهة مازيمبي الحاسمة في محاضرة فنية    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    19 مليونًا في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    سلاح ومخدرات.. الداخلية تداهم أوكار المجرمين بالمحافظات    التعليم: عقد امتحانات طلاب الدمج بالأول والثاني الثانوي ورقيًا    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    سباك ينهي حياة سيدة مُسنة لسرقتها بحدائق القبة    وقف نظر دعوى مدير حملة أحمد طنطاوي بقضية تزوير التوكيلات الشعبية    محمد سامي ومي عمر بمسلسل جديد في رمضان 2025| تفاصيل    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    916 ألف جنيه إيرادات فيلم شقو في السينمات خلال 24 ساعة    وفاة السيناريست تامر عبدالحميد مؤلف"القبطان عزوز"    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    مجلس النواب يستمع إلي البيان المالي للحكومة لموازنة 2024-2025    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    حالات لا يشملها المخالفات المرورية السعودية..طريقة طلب اعفاء من المخالفات المرورية    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    جامعة القاهرة: دخول جميع الطلاب امتحانات نهاية العام دون حرمان غير المسددين للمصروفات    زلزال بقوة 5 درجات يضرب المنطقة البحرية قبالة محافظة هوالين فى تايوان    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    إسماعيل بامبا: مستمر مع بتروجت.. ولدي بعض العروض    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصار المحتوى

قبل أكثر من قرن، حصل الشيخ على يوسف رئيس تحرير جريدة المؤيد على وثائق تثبت أن جيش الاحتلال البريطانى يتعرض لهزائم على يد «دراويش المهدية»، فى الحملة العسكرية الإنجليزية التى استهدفت السودان.
كان رائد الصحافة المصرية الذى أسس «المؤيد» عام 1889 قد شن حملة على الاحتلال الإنجليزى، وانتقد إرسال الجيش المصرى لحملة غير محسوبة إلى السودان بقيادة السردار كتشنر ونشر فى جريدته سلسلة تقارير وتحقيقات أثارت اللورد كرومر المعتمد البريطانى فى القاهرة.
ربط يوسف فى حملته الصحفية بين ما يحدث فى جبهة أدغال إفريقيا من هزائم للجيش وما يحدث فى الجبهة الداخلية من سقطات سياسية، فصدر أمر من ناظر الحربية بمنع وصول أنباء الحملة العسكرية إلى «المؤيد» بتعليمات من كرومر، مع ذلك لم تتوقف الجريدة، ونشرت ما يلقاه الجنود المصريون وضباطهم الإنجليز من هزائم.
كان يوسف قد تمكن من تجنيد مصدر سرى حصل منه على أخبار الحملة أولا بأول، ففى 22 يوليو من عام 1896 أرسل السردار كتشنر برقية إلى ناظر الحربية مكونة من 566 كلمة يخبره فيها بتفشى وباء الكوليرا بين رجال الحملة، وأن الوباء وصل شمالا حتى جنوب مصر. فى اليوم التالى نشرت «المؤيد» نص البرقية فى صدر صفحتها الأولى، تحت عنوان «أحوال الجيش المصرى على الحدود»، ما أثار الذعر بين عائلات الجنود المصريين وفى صفوف الضباط الإنجليز الذين كانوا يخدمون فى مصر.
أحرج الخبر اللورد كرومر، فأمر ناظر الحربية بالتحقيق، واتجهت أصابع الاتهام إلى توفيق أفندى كيرلس موظف التلغراف بمكتب الأزبكية، وألقى القبض عليه وهو ينسخ إحدى البرقيات ووجهت إليه تهمة إفشاء أسرار الحاكم الإنجليزى.
أحيل يوسف ومصدره «موظف التلغراف» إلى المحاكمة التى قضت بحبس الموظف 3 شهور فقط، وحصل رئيس تحرير «المؤيد» على البراءة، ف«الرجل قصد عن طريق نشره للمعلومات الصحيحة التى حصل عليها دق ناقوس الخطر، وإعلام الرأى العام أن القيادة الإنجليزية تعرض أبناء الجيش المصرى للخطر، وأخذتهم إلى مغامرة غير محسوبة».
الشاهد من القصة أن الصحافة المصرية، كانت قبل قرن من الزمان تمارس حقها فى إخبار الرأى العام بمعلومات صحيحة حصلت عليها من مصادر سرية وعلى الرغم من حساسية المعلومات فإنها نشرتها وتحملت تبعات النشر.
كان الصحفيون يمارسون دورهم الطبيعى فى خدمة المحكومين، ينقلون لهم ما يجرى باعتبارهم عين الشعب على مؤسسات الحكم، لذا استحقت الصحافة فى تلك الفترة وما تلاها من عقود استمرت حتى وقت قريب أن تكون «سلطة رابعة»، سلطة فوق كل سلطات الدولة.. سلطة استمدت شرعيتها من إعلام الناس وإخبارهم.
الآن وبعد أن تطورت الأنظمة والمؤسسات وتطورت معها الصحافة فى كل العالم، وصارت حرية الصحافة والإعلام هى الدليل الأول على تطور الدول وحيوية المجتمعات، أصيبت مصر بردة أعادتها إلى عصور ما قبل الصحافة.
تحول محتوى الصحف فى نسخها «الورقية والالكترونية» إلى نشرات حكومية لا يستطيع القارئ تمييزها عن بعضها البعض، حُظر على أهل المهنة الاقتراب من أى قضية تهم المواطن، فعاقبنا المواطن بالهجر وفقدان الثقة وهو معذور، لكنه لا يعلم أننا أيضا معذورون فنحن ما بين فئة اختارت أن توالس، وأخرى آثرت السلامة وابتلعت لسانها من أجل لقمة العيش، وفئة ثالثة قليلة تصرخ عسى أن يصل صوتها إلى أحد.
لو استمر حصار الصحافة ومنعنا من تقديم الإجابات التى يبحث عنها الناس فى كل القضايا «ماذا حدث؟، وكيف حدث؟، وما النتائج المترتبة على ما حدث؟»، ستغلق الصحف ويتشرد الصحفيون.
فك الحصار عن الصحافة، وفتح الباب أمام تداول الأخبار والأفكار والاشتباك مع قضايا الوطن ليس ترفا يا سادة، بل ضمانة أساسية لنهضة المجتمعات واستقرار الدول.
أخيرا، على نقيب الصحفيين المنتخب ضياء رشوان ومجلس النقابة، وضع أزمة حصار المحتوى الصحفى على أولويات أجندة عملهم ودعوة الزملاء رؤساء التحرير إلى اجتماع عاجل يعقبه مؤتمر عام يشارك فيه أعضاء الجمعية العمومية للوصول إلى تصور لفك هذا الحصار وفتح حوار جاد مع مؤسسات الدولة المعنية لإفهامهم أن الصحافة الحرة هى الضمانة الأولى للاستقرار، وأن حجب المعلومات وتغييب الحقائق بات مستحيلا فى ظل وجود بدائل على مواقع وفضائيات أجنبية لها سياسة تحريرية ربما تكون أحد أهدافها ضرب استقرار الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.