في إطار خطة وزارتي الآثار والثقافة؛ لإعادة استغلال الأماكن الأثرية وتوظيفها، استعراض خالد عبد العال، محافظ القاهرة، والدكتورة إيناس عبد الدائم، وزيرة الثقافة، بالأمس، خطة تطوير المنطقة المحيطة بتكية محمد بك أبو الدهب بشارع الأزهر، تمهيدًا لتحويلها إلى متحف للأديب نجيب محفوظ، نظرًا لموقعها المتميز وتعبيرًا عن شخصيات وأماكن روايات نجيب محفوظ. وهو ما يثير التساؤل عن معنى مصطلح "التكية"، ودورها، وعن هل مازال يوجد تكايا في مصر؟.. * ما معنى كلمة "التكية"؟ "التكية" هي كلمة تركية اجتهد في تفسيرها كثيرون، يرجعها البعض إلى الفعل العربى «اتكأ» أى استند على شئ، خاصة أن معناها باللغة التركية الاتكاء إلى شيء للاسترخاء والراحة، وهو ما يعنى أن التكية مكان للراحة. * متى نشأت؟ ترجع نشأة التكية وهي من العمائر الدينية إلى العصر العثماني، سواء فى الأناضول أو فى الولايات التابعة للدولة العثمانية، وكانت تتألف مبانيها لعدد من القاعات، منها قاعة داخلية واسعة تسمى الصحن، وقاعة تسمى السمعخانة، وهي قاعة يستخدمونها للذكر والصلاة والرقص الصوفي، بالإضافة إلى غرف ينام فيها الدراويش، وغرفة أخرى لاستقبال العامة، وكان هناك قسم مخصص للسيدات من عائلات الدراويش، بجانب قاعة طعام جماعية، ومطبخ، ومكتبة، ودورة مياه، وحمام. * كيف هو شكلها؟ أسقفها قباب متفاوتة الحجم؛ فقبة حجرة الدرس كبيرة، وقباب سكن الدراويش أقل ارتفاعا منها، وقباب الظلات أقل ارتفاعًا من سكن الدراويش، وهي عبارة عن صحن مكشوف يأخذ الشكل المربع تحيط به من الجوانب الأربعة أربع ظلات، كل ظلة مكونة من رواق واحد، وخلف كل رواق توجد حجرات الصوفية السكنية، وهذه الحجرات دائما ما تتكون من طابق واحد أرضي. فليس للتكية مئذنة ولا منبر، لأنها ليست جامعًا ولا مدرسة، وتوجد بجهة القبلة حجرة صغيرة بها محراب للصلاة، ولاجتماع الدراويش فى حلقات لذكر الله. * متى نشأت التكيات في مصر؟ ارتبطت نشأتها إلى حد كبير بالحكم والعصر العثمانى، فأقيمت أول تكية عثمانية بمصر بعد عامين فقط من سقوط مصر تحت قبضة الحكم العثماني، ونشأت تكية وقبة «الكلشنى» «1519 – 1524»، وتكية السلمانية «1543 م»، وتكية السلطان محمود «1750م» ثم تكية الرفاعية «1774م». * دورها في مصر؟ أدت التكية في مصر أدوارا كثيرة؛ فهي كانت مخصصة للمنقطعين للعبادة من الفرق الصوفية، وخلال العصر العثمانى كانت تستقبل المرضى وعلاجهم، وهو نفس الدور التي كانت تقوم به «البيمارستانات» في العصر الأيوبى والمملوكي، المستشفيات حاليا، وفى العصر العثمانى أهملت البيمارستانات وأضيفت مهمتها إلى التكايا. تطور دور التكايا فيما بعد، وأصبحت مكان خاص لإقامة العاطلين من العثمانيين المهاجرين من دولهم والنازحين إلى البلاد الغنية، كمصر والشام، وأطلق عليهم الدراويش وكان أغلبهم ليس لهم مورد رزق؛ ووافقت الأوقاف على التكية، وصرفت لها رواتب شهرية، لذا سمى محل إقامتهم بالتكية، لأن أهلها كانوا متكئون في أرزاقهم على التكية. * ما هي أشهر التكايا العثمانية فى مدينة القاهرة؟ التكية السليمانية التى أنشأها الأمير العثماني، سليمان باشا، عام 950ه بالسروجية بمنطقة الدرب الأحمر، والتكية الرفاعية 1188ه ببولاق، ولازالت تخص الطائفة الرفاعية الصوفية. * هل مازالت التكايا عثمانية في مصر مستخدمة حتى الآن؟ مازالت تستخدم تكية الدراويش «المولوية» نسبة لطائفة الدراويش المولوية، وهي إحدى الطوائف الصوفية العثمانية، ويشغلها مسرح الدراويش وهو تابع لقطاع المسرح بوزارة الثقافة المصرية. * ما هو دور التكية المصرية خارج مصر؟ ظهرت التكية المصرية للمرة الأولى في الحجاز عام 1811 ميلادية بأمر من «محمد على باشا»؛ لخدمة الفقراء فى الحرم المكي من جميع الشعوب الذين لا يجدون مأوي، ولا طعاما، فضلًا عن خدمة أهل البلد أنفسهم. وبلغ عدد الأشخاص المستفيدين من التكية أكثر من 400 شخص، ويرتفع العدد فى شهر رمضان ليصل إلى أكثر من 4 آلاف فى اليوم الواحد، فضلاً عن موسم الحج. وكان يقدم لهم وجبتين في اليوم الواحد صباحا ومساء، وتتكون من رغيفين والشوربة، وتزيد الكميات كل خميس، وطوال أيام رمضان المبارك، وأيام الحج، وأتيح للمصريين دون غيرهم الإقامة والسكن داخل التكية طوال مدة أدائهم لشعائر الحج أو العمرة، واستمر عملها لأكثر من 170 سنة متصلة من خدمة المسلمين. * ما هو مصير تكية مصر في الحجاز بعد ثورة يوليو؟ غيرت وزارة الأوقاف المصرية، اسم التكية إلى «المبرة المصرية»، عقب ثورة يوليو، وضمها الملك عبد العزيز إثر ذلك إلى دولة السعودية، لتتولى الإشراف على إطعام فقراء الحرم بدلاً من مصر.