طرحت «دار الشروق» طبعة جديدة من «اللص والكلاب» للأديب العالمي نجيب محفوظ، وتعد الرواية من أشهر مؤلفات «محفوظ» بعد الثلاثية، حيث تمثل بداية مرحلة جديدة في أدبه، وهي المرحلة الفلسفية أو الذهنية، كما تناقش الرواية أفكار العبث والموت ومعنى الوجود، وبحث البطل عن العدل الضائع. لم يقدم نجيب محفوظ من خلال "اللص والكلاب" شخصية إنسان عادي انحرفت به الظروف إلى السرقة، بل شخصية واحد، من ذوي العقول المريضة بالتفكير العنيف الذي يجعله يكره ويتمرد ويفكر في الانتقام دائما. وهو أيضًا لم يحترف السرقة إلا ومعه فكرة تبرر له هذه السرقة وتفسرها تفسيرًا كاملًا. تلعب المصادفة السيئة دورها في مأساة البطل "سعيد مهران"، حيث يحاول أن يقتل أعداءه انتقاما من خيانتهم له، فيوفق في القتل ولكن الأعداء يفلتون منه ويصاب الأبرياء بالسوء. وهكذا يقع البطل في سوء حظ مرير لا مهرب منه، حتى تحل به الكارثة الأخيرة دون أن يشفي روحه ودون أن يُخدش الذين صنعوا مأساته من البداية. اللص والكلاب واحدة من روائع الأديب نجيب محفوظ، والتي تنتمى لتيار الوعي، وبرغم صغر حجم فالرواية عميقة بشخصياتها التي يرسمها نجيب محفوظ بحرفية عالية ويتتبع تطورها حتى النهاية، وكذلك بالحوارات الفلسفية الوجودية التي جاءت على لسان الشيخ علي الجنيدي ونور اللذان يُمثّلان بُعداً آخر من المجتمع، هو البُعد الديني والطيّب والمُحب، وبرغم السوداوية الموجودة في شخصية سعيد مهران لا يسع قارئ الرواية إلّا التعاطف معه ويعد ذلك من أوجه عبقرية «محفوظ» التي تشدّك إلى رواياته وشخصياته في كل ظروفها وأشكالها.