اسمه الأول محمد عبد الرحمن، ووالده عبد الرؤوف وجدهعرفات، وأبو عمار أسمه الحركي، وعُرف باسم ياسر عرفات، مسميات عديدة لواحد من أهم الشخصيات المناضلة الفلسطينية، كرس عمره وحياته لهدف ومطلب واحد وهو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. تمر اليوم أربعة عشر عامًا على رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي وافته المنية في 11 نوفمبر 2004، عن عمر يناهز 75 عامًا، والذي إثر إصابته بتليف الكبد. ترصد الشروق في ذكرى وفاته أبرز المحطات في حياة ياسر عرفات.. اسمه وحياته: اسمه محمد عبدالرحمن بن عبدالرؤوف بن عرفات القدوة الحسيني، ولد في 24 أغسطس 1929، تربى ونشأ داخل حي السكاكيني في القاهرة، وأصبح مقربًا من المفتي أمين الحسيني الذي كان منفياً في القاهرة. اختار لنفسه اسم أول شهيد في الإسلام وهو "ياسر بن عامر"، وعرفات هو اسم الجبل المقدس، وكُنيته "أبو عمّار" على اسم والد الصحابي "عمار بن ياسر"، عند تقدم في السن أطلق المقرّبون منه عليه اسم "الختيار"، أي الرجل الكبير. درس الهندسة المدنية بجامعة الملك فؤاد "جامعة القاهرة حاليًا"، وتخرج عام 1950. حرب 1948 وبداية النضال: انضم عرفات إلى الجيش المصري في حرب 1948 ضد إسرائيل، وشارك في القتال مع الفدائيين الفلسطينيين، وفي عام 1949، عاد إلى القاهرة بعد أن كانت الحرب تتقدم لصالح إسرائيل. سفره للكويت وتأسيس حركة فتح: بعد عدوان 1956 ووضع قوات طوارئ دولية في سيناء قطاع غزة بناء على قرار الأممالمتحدة، قدم عرفات عام 1957، على طلب الحصول على تأشيرة الكويت التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وسافر إلى الكويت للعمل مهندسًا معماريًا، وقابل هناك قياديين فلسطينيين، وهما "صلاح خلف وخليل الوزير". بدأ خطواته الأولى في تشكيل مجموعات من أصدقائه القادمين من غزة، وتطورت تلك المجموعات حتى تكونت الحركة التي عُرفت باسم "حركة فتح"، واسم الحركة هو اختصار معكوس ل"حركة التحرير الوطني الفلسطيني". رفض عرفات الدعم المقدم من الحكومات العربية واعتمد على مقتطعات من رواتب المغتربين الفلسطينيين، حصل عرفات على مساعدات من رجال الأعمال والعاملين في صناعة النفط. بعد تجاذبات مع عدد من الأنظمة العربية سُجن عرفات مع بعض قيادات الحركة في سوريا، وفكر وقتها بالاعتماد على المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، واستخدام الرأي العام العربي لصالح القضية الفلسطينية. بداية الكفاح المسلح: بدأت الحركة الكفاح المسلح ضد إسرائيل من سوريا، وكان أعضاء الحركة مايقرب من 300 شخص، وفي ديسمبر 1964، حاول الذراع العسكري للحركة والمسمي "عاصفة"، التسلل إلى إسرائيل، إلا أنه تم إيقافه من قبل قوات الأمن في لبنان، بسبب قلة الخبرة والتدريب. وفي يناير 1965 بدأت أولى العمليات المسلحة للحركة من خلال تفجير نفق عيلبون، عقب هزيمة 1967، تسلل عرفات عبر الأردن إلى فلسطين. أول معسكر تدريبي: بعد الحصول على موافقة الأردن، أقامت الحركة معسكرات تدريب ومقر قيادة في "قرية الكرامة" بمنطقة غور الأردن، عام 1968، وحذرت الحكومة الأردنية ياسر عرفات من تحضير إسرائيل لتنفيذ هجوم على القرية، وطالبوه بمغادرتها المدينة والاختباء في التلال، إلا أن عرفات رفض التخلي عن المدينة. وفي مارس 1968، هاجمت إسرائيل قرية الكرامة بالأسلحة الثقيلة، والعربات المدرعة، والطائرات المقاتلة، وتدخل الجيش الأردني في المعركة مساندًا لحركة فتح، واضطر الإسرائيليون للتراجع لتفادي خطر معركة كبرى. وعقب المعركة عرف ياسر عرفات بطريقة رسمية، من خلال نشر مجلة التايم صورة عرفات على غلافها، وزاد وقتها الدعم المادي المقدم من العرب، وارتفع عدد المطالبين بالانضمام إلى الحركة. رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية: في فبراير 1969، تولى ياسر عرفات رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستمر في المنصب حتى وفاته، وأرسى عرفات وقتها سياسة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين، حتى انتخب رسميًا كرئيس فلسطيني بنسبة 88%، عام 1996. اتفاقية أوسلو: بعد انتهاء حرب لبنان 1982، ركز عرفات على العمل السياسي، وبدأ بإعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988، من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، وبعد إلقاء خطاب في ديسمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف، أطلق عرفات مبادرته للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والتي تعتمد إقامة دولة فلسطينية في الأراضي التي اُحتلت عام 1967 بجانب دولة إسرائيل. ورغم الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، استمرت إسرائيل في التعامل معها ورفضت حضور المنظمة كممثل للشعب الفلسطيني في مؤتمر مدريد في نهاية 1991، إلا أن اضطرت في النهاية إلى التعامل مع المنظمة والتفاوض معها. وأسفرت المفاوضات بين الجانبين عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو، حيث قام ياسر عرفات، بالاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين، في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. عودة العداء والخلاف الإسرائيلي: في يوليو عام 2000 التقى ياسر عرفات، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك في كامب ديفيد، تحت رعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ورفض عرفات التوقيع على الحل المطروح، الذي اعتبره عرفات منقوصا؛ لأنه لا يلبي طموحات الفلسطينين وهو أراضي عام 1967 بما فيها القدسالشرقية، واعتبرت إسرائيل أنها قدمت في هذه المباحثات أقصى ما يمكنها تقديمه. الحصار الإسرائيلي وترك السلطة: بعد مباحثات كامب ديفيد، وعقب عمليات فدائية أسفرت عن مقتل كثير من الإسرائيليين وعلى الرغم من استنكاره عرفات الواضح لهذه الأعمال، حملة رئيس الوزراء الإسرائيلي أريل شارون مسؤولية ما يحدث، وقامت إسرائيل بمنعه من مغادرة رام الله، وفي مارس 2002، حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره مع مجموعة من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية، حتى طلب في مايو من نفس العام، الرئيس الأمريكي جورج بوش، بتشكيل قيادة فلسطينية جديدة، واضطر عرفات للتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء محمود عباس.