جامعة أسيوط تعقد ورشة عمل حول جودة التعليم كمدخل للتحول لجامعات الجيل الرابع    جداول امتحانات الفصل الدراسى الثاني 2023- 2024 بالجيزة لكل الصفوف    تحسين معيشة المواطن وزيادة الإنتاجية.. وكيل "قوى عاملة النواب" توضح مستهدفات الموازنة الجديدة    مدبولي لرؤساء المجالس التصديرية: نستهدف زيادة صادراتنا "من 15-20 %" سنوياً    وزير الخارجية السعودي: جهود وقف إطلاق النار غير كافية    الزمالك يطلب السعة الكاملة لاستاد القاهرة في مواجهة دريمز    مانشستر يونايتد يدخل صراع التعاقد مع خليفة تين هاج    بمشاركة 1500 لاعب .. انطلاق بطولة الجمهورية للاسكواش في مدينتي    سوبر هاتريك «بالمر» يشعل الصراع على الحذاء الذهبي    بالفيديو والصور .. الحماية المدنية تحاول السيطرة على حريق هائل بمول تجاري بأسوان    إصابة فني تكييف سقط من علو بالعجوزة    «مالمو للسينما العربية» يُكرم المخرج خيري بشارة.. و4 نجوم في ضيافته (تفاصيل)    بالأسماء.. رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات تعيين وتجديد ل 19 رئيسا لمجالس أقسام علمية    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    «طب قناة السويس» تكرِّم أساتذة ومؤسسي قسم الباطنة العامة    في فصل الربيع.. كل ما يخص مرض جفاف العين وكيفية العلاج (فيديو)    تأجيل محاكمة 16 متهما بتهريب المهاجرين ل 13 مايو    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    قرعة علنية لعروض مهرجان بؤرة بجامعة دمنهور (صور)    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    جامعة الإسكندرية تتألق في 18 تخصصًا فرعيًا بتصنيف QS العالمي 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    القاصد يشهد اللقاء التعريفي لبرامج هيئة فولبرايت مصر للباحثين بجامعة المنوفية    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    مصطفى كامل يوضح أسباب إقرار الرسوم النسبية الجديدة على الفرق والمطربين    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    فى ذكرى ميلاده.. تعرف على 6 أعمال غنى فيها عمار الشريعي بصوته    على مدار 4 أيام.. فصل التيار الكهربائي عن 34 منطقة ببني سويف الأسبوع المقبل    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    هل يحصل على البراءة؟.. فيديو يفجر مفاجأة عن مصير قات ل حبيبة الشماع    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ناقد رياضي يوضح أسباب هزيمة النادي الأهلى أمام الزمالك في مباراة القمة    مؤتمر كين: ندرك مدى خطورة أرسنال.. وتعلمنا دروس لقاء الذهاب    دورة تدريبية حول القيادة التطوعية في مركز شباب سفاجا    ضبط خاطف الهواتف المحمولة من المواطنين بعابدين    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    الطب البيطرى بالجيزة يشن حملات تفتيشية على أسواق الأسماك    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    رئيس وزراء الهند: الممر الاقتصادى مع الشرق الأوسط وأوروبا سيماثل طريق الحرير    مرسى مطروح تعلن عن كشوف قبول طلبات التصالح ومعاينات ملفات التقنين    حسن الرداد يكشف عن أحدث أعماله السينمائية مع إيمي سمير غانم    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    اقتراح برغبة حول تصدير العقارات المصرية لجذب الاستثمارات وتوفير النقد الأجنبي    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    برلماني يطالب بمراجعة اشتراطات مشاركة القطاع الخاص في منظومة التأمين الصحي    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    الرئيس الصيني يدعو إلى تعزيز التعاون مع ألمانيا    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغييب قيمتى العدل والمساواة
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 08 - 2018

على الطرف الآخر من الحكومات الديمقراطية، تأتى الحكومات السلطوية التى تشترك فى إهدارها لقيمتى حكم القانون الأساسيتين. القيمة الأولى هى قيمة العدل المستندة إلى موضوعية القواعد القانونية وشفافية إجراءات التقاضى وضمانات حقوق الإنسان والحريات، والقيمة الثانية هى قيمة المساواة المستندة إلى امتناع المحاكم عن التمييز بين المواطنين وإقدامها على محاسبة المؤسسات العامة والخاصة حين تتورط فى ممارسات تمييزية. وعلى الرغم من القواسم المشتركة بينهم، إلا أن السلطويين ليسوا دائما على حال واحد فيما يتعلق بتفاصيل وطرق تعاطيهم مع المؤسسات القضائية، وتوظيفهم لأداة التشريع أى إصدار القوانين الجديدة وتمرير التعديلات على القوانين القائمة لإدارة شئون الدولة والمجتمع والمواطن، وحدود الالتزام بتنسيب قراراتهم وسياساتهم وبغض النظر عن مضامينها إلى «القوانين واللوائح المعمول بها» بحيث تصطنع صورة الحكم المحترم لسيادة القانون.
فنجد أن قليلا من الحكومات السلطوية المعاصرة لا ينكر عداءه الصريح لوجود مؤسسات قضائية مستقلة، ولا يتوقف عن التغول على المحاكم والتدخل فى أعمالها بطرق شتى. قليل منها يضرب عرض الحائط بالقوانين واللوائح، ويمعن فى ممارسة القمع باتجاه المواطن والضبط باتجاه المجتمع والإخضاع باتجاه المؤسسات القضائية (وكذلك المؤسسات التشريعية) معتمدا فقط على المتاح له من أدوات القوة الجبرية والعنف الرسمى. قليل منها لا يسعى للتجمل بإبعاد شكلى للمكون الأمنى عن واجهة الحكم وتمكينه من إدارة شئون الدول والمجتمعات من وراء ستار، بل يخرج على الناس، مهددا المعارضين بالإسكات والقمع وصولا إلى التصفية والإفناء ومحذرا العازفين من مغبة عدم تأييد الحكم. فقط القليل من الحكومات السلطوية هو الذى لا يعنيه تزييف وعى الناس بالترويج لكون حكم الفرد ليس حكما للفرد والحزب الحاكم ليس حزبا حاكما واحدا والانتخابات الرئاسية والبرلمانية معلومة النتائج سلفا ليست سوى انتخابات جادة تترجم الإرادة الشعبية بحرية ونزاهة، ولا يخجل من أن يعلن أن الحكم هو حكم الفرد أو حكم الحزب الواحد وأن صناديق الاقتراع لا أهمية لها وأن دون ذلك ستسقط الدول وتدمر المجتمعات وينهار الأمن ويذهب إلى غير رجعة الاستقرار.
وإن كان هذا هو حال القليل من الحكومات السلطوية فى التعاطى مع المؤسسات القانونية والقضائية، فأين يقف، إذن، العدد الأكبر من سلطويى القرن الحادى والعشرين؟ وأين تتشابه أو تتباين على سبيل المثال حكومات بلدان كروسيا والمجر وتركيا فيما خص التعاطى مع المؤسسات القضائية وتوظيف أداة التشريع وحدود تنسيب قرارات وسياسات الحكام إلى القوانين واللوائح المعمول بها؟

***
تصر أغلبية السلطويين المعاصرين وحكوماتهم على أنها تحترم سيادة القانون، وتعلن على رءوس الأشهاد امتناعها عن التدخل فى أعمال المؤسسات القضائية والمحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها. تشدد أيضا على أن القضاء المستقل يمثل فرض ضرورة لتحقيق استقرار الدولة والمجتمع، ولا تمانع أن يتم النص دستوريا على استقلال المؤسسات القضائية وحياد القضاة وإرساء مبادئ الفصل والتوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. غير أن تواتر إعلانات النوايا الحكومية الحميدة وحضور الضمانات الدستورية القاطعة لا يحولان دون السعى المستمر للسلطويين المعاصرين إلى استتباع القضاء وإخضاعه لأهوائهم، تماما مثلما يضغطون على المؤسسات التشريعية لتقزيمها إلى برلمانات دورها الوحيد هو تمرير مشروعات القوانين التى تطرحها الحكومات والموافقة على قرارات وسياسات الحكام دون إعمال جاد ومستقل للأدوات الرقابية. لا يريد العدد الأكبر من أولئك السلطويين فى القرن الحادى والعشرين أن يبدو كمن ينتهك القوانين وهو يقمع ويتعقب ويضبط ويخضع أو أن يظهر العداء الصريح للمؤسسات القضائية المستقلة وهو يستتبع القضاء والقضاة. باستثناءات قليلة، يهدر سلطويو القرن الحادى والعشرين القيم الأساسية لحكم القانون وهم يدعون أنهم يحترمون سيادته، ويقضون على معانى العدل والمساواة فى إدارة شئون الدولة والمجتمع بتمرير قوانين وتعديلات قانونية ظالمة وتمييزية. حكام بلدان كروسيا والمجر وتركيا ينسبون قراراتهم وسياساتهم إلى القوانين واللوائح، والأخيرة تتم هندستها لغرض وحيد هو التمكين للسلطوية وإطالة أمدها.
فى روسيا يقمع الإعلام الحر ويراقب المجتمع المدنى أمنيا بالقوانين واللوائح. وفى المجر تنزع شرعية الوجود عن منظمات حقوق الإنسان ويتعقب من يعمل بالقوانين واللوائح.
وفى تركيا يعزل الرئيس رجب طيب أردوغان ومعه حكومة حزب العدالة والتنمية القضاة وأساتذة الجامعات وموظفى العموم وفقا لأهواء أردوغان السياسية لأن القوانين واللوائح تمكنه من ذلك. فى تركيا أيضا، وافق البرلمان الذى يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية فى بدايات 2017 على تعديلات دستورية تغير النظام السياسى من برلمانى إلى رئاسى وتمنح رئيس الجمهورية صلاحيات تنفيذية واسعة من بينها الاشتراك فى تعيين القضاة ومدعى العموم وتلغى منصب رئاسة الوزراء. وفى ربيع 2017، أقرت التعديلات الدستورية فى استفتاء شعبى بأغلبية ضئيلة (5‚5۱٪).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.