وزير الكهرباء يبحث مع البنك الدولي تعزيز التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    ارتفاع الصادرات الزراعية المصرية إلى 8.2 مليون طن منذ بداية 2025    محافظ المنوفية: مستمرون في إزالة التعديات الخطرة على فرع رشيد    وزير المالية: التسجيل المسبق للشحنات الجوية يُعزز موقع مصر في المؤشرات الدولية    اتحاد الكرة ينعى محمد صبري    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 53 مليون جنيه خلال أسبوع    ضبط مصنع دون ترخيص لتصنيع الأعلاف مجهولة المصدر بالقليوبية    عضو المجلس الدولي للمتاحف: سلوكيات بعض زائري المتحف الكبير دفعت لتشديد الرقابة حفاظا على الآثار    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    تعرف على تشكيل منتخب الناشئين أمام سويسرا بدور ال32 لبطولة العالم    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    الأمم المتحدة: التهجير الدائم للسكان الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة يرقى لجريمة حرب    اليوم.. مهرجان القاهرة السينمائي يعرض 26 فيلما    استقبال الشرع بواشنطن يقلق إسرائيل بسبب جبل الشيخ    إسرائيل ترفض منح رئيس وزراء النرويج تصريح دخول لهذا السبب    ضربة روسية عنيفة بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة فى أوكرانيا    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    رئيس كوريا الجنوبية يعلن زيارته لمصر والإمارات الأسبوع المقبل    وزراء التخطيط والزراعة والأوقاف يتفقدون المركز الزراعي المتكامل بسهل القاع    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات ضمن البرنامج الوطني لتنمية المجال    دار الكتب والوثائق تعيد إحياء تراث مجلات الأطفال في احتفالية الطفولة    وداع موجع لأيقونة الزمالك.. محمد صبري يرحل قبل أن يفي بوعده لجمهوره    رئيسة نايل تى فى: مقترح تغيير شعار القناة قدمه فريق التطوير والقرار للهيئة    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    رحيل زيزو المجاني يدفع الزمالك للتحرك لحماية نجومه    باحث إسرائيلي: بنيامين نتنياهو يتعرض ل "دهس ملكي" على يد ترامب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : سابق بالخيرات باذن الله ?!    حصن يومك.. أذكار الصباح والمساء ترفع الطمأنينة وتزيد البركة    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    خطا بورسعيد والصعيد الأعلى في تأخر قطارات السكة الحديد    انطلاق قافلة دعوية للأزهر والأوقاف والإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توافد الأعضاء فى الساعة الأولى من التصويت بانتخابات نادي هليوبوليس    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    موعد مباراة جورجيا ضد إسبانيا فى تصفيات كأس العالم 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 14-11-2025 في محافظة قنا    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    الصحة: فحص أكثر من نصف مليون طفل للكشف عن الأمراض الوراثية    الرئيس التنفيذى للمجلس الصحى: الإعلان قريبا عن أول دبلومة لطب الأسرة    طريقة عمل المكرونة بالسي فود والكريمة بمذاق أحلى من الجاهزة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة في شمال سيناء    اليوم العالمي لمرضى السكري محور فعالية توعوية بكلية تمريض «الأزهر» بدمياط    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية بجامعة الدول العربية    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    وزارة التعليم تضيف معلمي ثانية إعدادي للفئات المستحقة ل«حافز التطوير»    برباعية في أوكرانيا.. فرنسا تصعد لكأس العالم 2026 رسميا    غلق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر لرفع كوبري مشاة محطة المونوريل    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شيخ جاكسون».. عن الهروب من الحياة
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 09 - 2017

يمكنك أن تنظر إلى فيلم «شيخ جاكسون» الذى أخرجه عمرو سلامة، واشترك فى كتابته مع عمر خالد من أكثر من زاوية كلها تصب فى خانة رفض الهروب من الحياة؛ الفيلم الذى أعتبره أفضل أفلام مخرجه حتى الآن على كل المستويات، يقدم ببراعة دراسة نفسية لشاب يترجم تناقضات جيل بأكمله، ويعيش حيرة قاسية بين ما يريد، وبين ما تدفعه إليه ظروف حياته ومجتمعه، ولا يحل مشكلته إلا عندما يصبح هو نفسه، وإلا عندما يتحرر من الخوف، ويستعيد الثقة فى قدرته على الفعل.
أبرز ما يميز عمرو سلامة هو أن أبطاله مختلفون، وبسبب هذا الاختلاف فإنهم يعانون من المحيط الذى يعيشون فيه، وخالد (أحمد الفيشاوى فى أحد أفضل أدواره) بطل «الشيخ جاكسون» ليس استثناء من ذلك، كان يمكن أن يؤدى قهر الأب (ماجد الكدوانى فى دور مميز وجيد) له إلى استسلام وخضوع كامل، ولكن خالد ينتهز الفرصة لكى يذهب إلى عمه المتدين (محمود البزاوى)، يترك خالد عالم جاكسون وأغنياته، ليصبح شيخا يسجل تمثيليات وأغنيات التخويف من عذاب القبر!
يتجاوز حب خالد لجاكسون فكرة الشغف بِمغنٍ شهير، ليصبح تعبيرا عن الحياة بكل صخبها، وبكل حيويتها، وليصبح أيضا تعبيرا عن حق الاختيار، بينما يتجاوز تدين الشيخ جاكسون فكرة التشدد، ليصبح تعبيرا عن الموت وثقافته، وترجمة للانغلاق وسط جماعة تفصل نفسها عن محيطها حتى فى الملابس والهيئة، ولكن الماضى ممثلا فى أغنيات جاكسون ما زال حيا، وما زال يظهر فى أحلام خالد وكوابيسه، ومع موت مايكل جاكسون، تزيد أزمة الشيخ جاكسون النفسية، ليجد نفسه أخيرا فى العيادة النفسية، يشكو من مخاوف غريبة من انتكاس إيمانه، ومن عدم قدرته على البكاء.
يقدم السيناريو الذكى حكاية خالد منتقلا ببراعة بين الماضى والحاضر، وبين الواقع والكابوس، وتدريجيا نكتشف أن هروبه من الحياة لن يحل المشكلة، وأن زوجة (تلعب دورها أمينة خليل)، وطفلة صغيرة أنجبها، لم يعالجا علاقة مضطربة مع أب قاس يعاير ابنه بضعف شخصيته، وبحبه لمغنٍّ أمريكى مخنث، ولم يعالجا جرحا عميقا باقيا داخل خالد هو فقدانه لأمه (درة)، وفشله فى قهر مخاوفه من الأب.
ظهور جاكسون حتى أثناء الصلاة، وظهور خوف جديد هو الخوف من القبر، وحادث سيارة، مع الشعور العميق بالذنب، كل ذلك يجعل من الضرورى أن يواجه خالد نفسه، وأن يواجه كرتونة قديمة وضع فيها ماضيه، ومن خلال هذه المواجهة، وبمعاونة طبيبة نفسية (بسمة)، يحدث التنوير الذى يقود إلى نهاية الطريق، لا ينتهى الفيلم إلى شفاء تام، ولا إلى دمعة تسقط من عينى خالد انتظرها وانتظرناها طويلا، ولكنه ينتهى إلى رقصة العودة إلى جاكسون، إلى الحياة، ولو بجلباب أبيض ولحية.
ربما لم تعمق بشكل كافٍ علاقة خالد بزوجته، التى يبدو أنه يحبها أيضا، وربما تبدو النهاية كاريكاتورية نوعا ما، وقد يراها البعض حلا تلفيقيا مضحكا، ولكن منطق الحكاية يحتمل أن نراها بصورة أكثر عمقا، فما كان فيه خالد ليس تدينا نابعا من الفهم، بقدر ما كان محاولة فاشلة للهروب من عقده ومخاوفه، وما كان جاكسون بالنسبة إليه مجرد «مُغنى» رائع، ولكنه كان تعبيرا عن حبه للحياة، وعن استقلاله واختلافه.
ومجرد مواجهة خالد لنفسه، واستعادته لاسمه وهويته، هو البداية لحياة جديدة، قد لا تخلو أيضا من التناقض، ولكنه الآن فى موقف أكثر وعيا وقدرة على اتخاذ القرار، فإذا أضفنا إلى عمق الفكرة، جسارة طرحها والتعبير عنها، واقتراب عناصر العمل الفنية من التكامل، وتماسك السرد رغم انتقالاته الزمكانية، ونجاح الفيلم بالأساس فى رسم بورتريه لشخصية تكاد تتمزق من الانقسام، فإننا يمكن أن نتحدث بكل ثقة عن فيلم كبير وخطير، من أفضل وأهم ما قدمت السينما المصرية فى السنوات الأخيرة.
هذا فيلم عن تناقضات مجتمع وجيل، وليس عن تناقضات فرد فحسب، عن الحياة كسؤال أيضا وليست كإجابة فحسب، عن الإنسان كمشاعر وعواطف وأفكار، وليس كمجرد آلة لحساب الذنوب والحسنات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.