جامعة الإسكندرية تتألق في 18 تخصصًا فرعيًا بتصنيف QS العالمي 2024    مدبولي: تكليفات رئاسية بسرعة الانتهاء من المشروعات المتعثرة ودخولها الخدمة    الرئيس الأمريكي وزوجته ينشران إقرارهما الضريبي    الأهلي يطلب السعة الكاملة للجماهير في مواجهة مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا    تجديد حبس تشكيل عصابي يتاجر في النقد الأجنبي ب15 مايو    شديد الحرارة ورياح مثيرة للرمال والأتربة.. الأرصاد تحذر من طقس الغد    20 أبريل.. انطلاق عروض مهرجان بؤرة لمسرح المدرج بجامعة دمنهور    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    بعد ال 700 جنيه زيادة.. كم تكلفة تجديد رخصة السيارة الملاكي 3 سنوات؟    القاصد يشهد اللقاء التعريفي لبرامج هيئة فولبرايت مصر للباحثين بجامعة المنوفية    توقف العمليات في مطار دبي الدولي مؤقتاً بسبب عاصفة شديدة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    رئيس ريال مدريد يرد على ماكرون بشأن مبابي    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    غدا.. انطلاق بطولة الجمهورية للاسكواش في نادي مدينتي    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2024    وزير الري يتابع تطوير منظومة صيانة المجاري المائية    الملابس الداخلية ممنوعة.. شواطئ الغردقة تقر غرامة فورية 100 جنيه للمخالفين    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    إيرادات الأفلام..«شقو» يواصل صدارة شباك التذاكر.. والحريفة في المركز الأخير    مصطفى كامل يوضح أسباب إقرار الرسوم النسبية الجديدة على الفرق والمطربين    الأوبرا تحيي ذكرى الأبنودي وصلاح جاهين بالإسكندرية    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    فى ذكرى ميلاده.. تعرف على 6 أعمال غنى فيها عمار الشريعي بصوته    وزير الصحة: 700 مليون جنيه تكلفة الخطة الوقائية لمرضى الهيموفيليا على نفقة التأمين الصحي    "بعد السوبر هاتريك".. بالمر: أشكر تشيلسي على منحي فرصة التألق    جامعة الإسكندرية الأفضل عالميًا في 18 تخصصًا بتصنيف QS لعام 2024    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    الطب البيطرى بالجيزة يشن حملات تفتيشية على أسواق الأسماك    مؤتمر كين: ندرك مدى خطورة أرسنال.. وتعلمنا دروس لقاء الذهاب    تفاصيل المرحلة الثانية من قافلة المساعدات السادسة ل "التحالف الوطني" المصري إلى قطاع غزة    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    يعود بعد غياب.. تفاصيل حفل ماهر زين في مصر    وزارة الأوقاف تنشر بيانا بتحسين أحوال الأئمة المعينين منذ عام 2014    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    ضبط 7 آلاف قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة شروط تعاقد خلال 24 ساعة    تجديد حبس 3 أشخاص بتهمة تزوير محررات رسمية بعابدين    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    بضربة شوية.. مقتل منجد في مشاجرة الجيران بسوهاج    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار والعواصف وصواعق البرق فى باكستان ل 41 قتيلا    موعد مباراة سيدات يد الأهلى أمام بطل الكونغو لحسم برونزية السوبر الأفريقى    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    برلماني يطالب بمراجعة اشتراطات مشاركة القطاع الخاص في منظومة التأمين الصحي    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    بالتزامن مع تغيير الفصول.. طرق الحفاظ على صحة العيون    بعد تصديق الرئيس، 5 حقوق وإعفاءات للمسنين فى القانون الجديد    الرئيس الصيني يدعو إلى تعزيز التعاون مع ألمانيا    الصادرات السلعية المصرية تسجل 9 مليارات و612 مليون دولار بنسبة ارتفاع 5.3%    ننشر قواعد التقديم للطلاب الجدد في المدارس المصرية اليابانية 2025    الصين تؤكد على ضرورة حل القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    دعاء ليلة الزواج لمنع السحر والحسد.. «حصنوا أنفسكم»    أحمد كريمة: تعاطي المسكرات بكافة أنواعها حرام شرعاً    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفوظ عبدالرحمن كتب مشهد لحظة وفاته مبتسمًا
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 08 - 2017

فى حواره مع «الشروق» قبل عامين قال إن أجمل لحظة فى الحياة هى الموت.. واعترف انه حينما يرقد فى غرفة العمليات لا يفكر فى حالته المرضية وإنما يبحث عن فكرة لرواية جديدة
من أصعب اللحظات تلك التى أمر بها حاليا وانا أكتب خبر رحيل الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن.. هذا الرجل الذى تعاملت معه عن قرب فى اطار الصداقة والعمل، وشعرت بفخر وانا اجلس امامه.. أمنح أذنى له بكل إنصات، وهو يتحدث عن الفن والحياة، عن الدراما ومستقبلها، عن اعماله وأعمال غيره من الكتاب الكبار والصغار، وهو يتحدث عن المعارك التى خاضها، عن الصعوبات التى واجهها، عن النجاحات التى حققها، على المكانة التى وصل اليها وهو مستند على خبرة طويلة مصقلة بثقافة ودراسة وبحث.. فلقد كان وسيظل صاحب قامة وقيمة كبيرة.
ورغم أننا جميعا نؤمن بالموت.. وندرك أن تلك اللحظة آتية لا محالة، لكن تزداد مهمتى صعوبة وانا اكتب خبر رحيل كاتبنا الكبير، وهو الذى خصنى بالحديث معى عن هذه اللحظة قبل اكثر من عامين، فى حوار نلت عنه جائزة التفوق الصحفى، حيث فاجأنى برسمه لمشهد وفاته كما يتخيله، ويتوقعه، ولم يتقبل انزعاجى من الخوض فى هذا الموضوع وقال لى «أنا من الذين يعتقدون أن أجمل لحظة فى الحياة هى الموت، وهذا ليس تشاؤما بل أشعر اننى بذلك فى قمة التفاؤل».
الغريب أنه لم يكن يتحدث بنبرة حزن، أو قلق، او بشرود، ولكنه كان مبتسما، وكان يتحدث عن هذه اللحظة بشغف وقال:
أشعر اننى عشت كثيرا، واستطرد ضاحكا «ولم يكن لدى رغبة فى هذا حقيقة الامر».. ثم أكمل
«مع كبر سنى تعرضت لحالات مرضية صعبة لا يعرفها أحد، فهناك من يظن اننى أعانى مرضا فى الأعصاب، ولكنى اجريت سلسلة من العمليات الجراحية ليس لها علاقة بالأعصاب، وأذكر أنه اثناء وجودى بغرفة العمليات فى مرة من المرات تركونى بعض الوقت وحدى ففكرت فى رواية، وأنا دائم التفكير فى الكتابة ولدى أكثر من 20 فكرة، ولم أخش لحظة الموت، بل فكرت فى طريقة استقبال هذه اللحظة، ليس من باب التشاؤم، ولكن من باب تخيل هذه اللحظة المتوقعة بين وقت وآخر.
محفوظ عبدالرحمن أكد أن أصعب اللحظات التى مر بها فى حياته، تلك التى تلقى فيها خبر وفاة صديق له، وقال «رغم أن فكرة الموت لا تخيفنى لكننى أخاف ان افقد الناس، وأصعب شىء فى حياتى حينما أتلقى خبر وفاة احد المقربين لى، وأشعر بفجيعة كبيرة، وأظل متألما حزينا فترة طويلة، لأننى ارتبط بالناس بشكل كبير، وفكرة خسارة أحدهم، شىء صعب على نفسى، لكن ان اتعرض نفسى للامر ذاته فهذا لا يخيفنى ولا يقلقنى ابدا.
شعرت أننى كنت قاسية حينما سألته عن كيفية انتظاره للحظة الموت وتصوره له، وعما إذا ترك وصية ام لا.. فبادرت بالاعتذار له على الفور وطلبت الا يجيب عن السؤال اذا لم تكن لديه رغبة، ولكنه قال لى جملته الشهيرة التى طالما كررها لى مع أى سؤال اشعر انه قد يسبب له حرجا او ضيقا «اسألى كيفما شئت».. ثم أجاب «لم اكتب أى وصية فليس لدى أموال أورثها لأبنائى، فأنا رجل ولدت وكبرت وعشت وسأموت وأنا منتمٍ للطبقة المتوسطة، ولكن هناك اشياء طلبتها من أسرتى منها عدم اقامة سرادق عزاء لى، لأننى لا أود أن تكون لحظة وداعى مسألة تقليدية، أو أن أتسبب فى اجهاد الناس، لكن اسرتى رفضت هذا الطلب تماما».
لم استغرب من طلبه بعدم اقامة سرادق عزاء له، فلقد كان دائم الحرص على الناس، وعدم اجهادهم، والتسبب فى أى ضيق لهم.. وأذكر حينما أقيمت له ندوة تكريم ضمن فاعليات معرض الكتاب.. شهد هذا اليوم رياحا خماسينية صعبة، كما تزامن اليوم مع مغادرة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لمصر، واغلاق بعض الطرق ادت إلى حالة ازدحام مرورى غاية فى الصعوبة.. وهنا أشفق محفوظ عبدالرحمن على اصدقائه ومحبيه، الذين انهالوا عليه بالتليفونات يؤكدون حضورهم، فطلب من أسرته ان تقول انه لن يذهب للندوة بسبب سوء الاحوال الجوية حتى لا يرهقهم.. ولكن أصدقاءه ومحبيه لم يصدقوا هذا الكلام، فمحفوظ عبدالرحمن لن يخل بوعده الذى منحه للقائمين على الندوة، ولن يخيب ظن جمهوره، مهما ساء الجو، وتوقفت الحركة المرورية، وذهب محفوظ للندوة ليجدها مكتظة بالجمهور والاصدقاء، وبدأ المنظمون يستعيرون «الكراسى الشاغرة» من القاعات المجاورة، فى محاولة لاستيعاب هذا العدد الكبير، التى لم تكف فى كل الاحوال، وشارك كثيرون الندوة ومنهم انا وقوفا.
وهنا اندهش محفوظ عبدالرحمن كثيرا وقال لى متأثرا: «لقد شعرت بخجل شديد وانا اشاهد هذا الحشد الذى جاء ليحضر ندوة تكريمى رغم كل الظروف الصعبة التى شهدها هذا اليوم، وشعرب بحب الناس لى ومكانتى فى قلوبهم».
وبعد نشر الحوار تلقيت مكالمة من كاتبنا الكبير، قال لى انه شعر بندم حينما تحدث عن لحظة وفاته، ذلك انه بعد نشر الحوار تلقى كمًّا هائلا من الاتصالات من الاهل والاقارب والاصدقاء فى مصر وخارجها وكلهم متألمون من كلامه، يعاتبونه عن تفكيره فى الموت، وقال انه لم يكن يتوقع ان يتسبب فى ازعاجهم، فلم يكن يريد ان يشاهد نظرات الحزن فى عيونهم بهذا الشكل، وقال لى «يبدو ان خبر رحيلى سيسبب صدمة كبيرة لكل المقربين».
انزعجت وقلت له «أطال الله فى عمرك، فخبر رحيلك سيسبب صدمة لكل عشاق فنك فى مصر وخارجها».
فعاد لضحكته قائلا«الموت قادم لا محالة».
لتاتى تلك اللحظة التى كان ينتظرها، وتحدث الصدمة لكل جمهوره وعشاقه، رحم الله فقيد مصر الغالى، صاحب جائزة «نجيب محفوظ فى الدراما» صاحب جائزة الدولة التشجعية، الفائز بالعديد من الاوسمة والنياشين، الفائز بمحبة وتقدير واحترام الناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.