- 40 ألف كلمة و18 شهرا لفك طلاسم الأحداث فى المنطقة «المأزومة».. وغزو العراق الحدث المفصلى - رئيس تحرير المجلة: الأمر تطلب أحيانا وضع أوراق على الأرض وضرب رءوسنا فى الطاولات لفهم ما حدث - سيلفرستاين: العدد يمثل فرصة حقيقية وربما ضرورية للمجلات والصحف للتفكير خارج حدود ما تقوم به يوميا نشرت مجلة «نيويورك تايمز» الصادرة عن مجموعة «نيويورك تايمز» عددا «ملحميا» يحكى قصة ما وصفته ب«الكارثة التى كسرت العالم العربى» منذ غزو العراق قبل 13 عاما، ثم ثورات الربيع العربى، فظهور تنظيم «داعش»، وأخيرا أزمة اللاجئين العالمية. وقالت المجلة فى مقدمة عددها «الاستثنائى»، الذى بلغ عدد كلماته 40 ألف كلمة والذى استغرق انجازه من قبل المؤلف سكوت آندرسون والمصور باولو بيلجرين عاما ونصف العام، إن «جغرافية الكارثة واسعة وأسبابها متعددة ونتائجها الحرب وعدم الاستقرار فى جميع أنحاء العالم مألوفة لنا جميعا». وأوضح موقع معهد «بوينتر» للصحافة أن فكرة هذه الدراسة البحثية الطويلة، التى وصفتها بأنها أقرب لكتاب، جاءت خلال عشاء عمل فى إحدى ليالى 2014 بين رئيس تحرير المجلة التابعة ل«نيويورك تايمز» جاك سيلفرستاين، والكاتب سكوت آندرسون والمصور باولو بيلجرين، لكتابة «عدد كبير وملحمى» فى الذكرى الخامسة لثورات الربيع العربى بحيث يشغل كامل صفحات المجلة. وأوضح الموقع أن المساهمين فى هذه الدراسة لم يتوقعوا أن الموضوعات ستتسع وتكبر مع مرور الوقت، فنمت القصة لتشمل غزو العراق وصعود داعش وأزمة اللاجئين والمناخ السياسى المتقلب الذى وضعت جذوره فى العالم العربى فى السبعينيات. وأضحى الموضوع «أحجية عملاقة تتطلب عضلات تحريرية» كبيرة. وقال سيلفرستاين: إن «الأمر تطلب أحيانا وضع الأوراق على الأرض والمشى حولها.. وضرب رءوسنا فى الطاولات أثناء محاولة فهم كيف أن هذا من شأنه أن يؤدى إلى ذلك». لتظهر فى النهاية هذه القصة المكونة من 5 أجزاء واسعة النطاق «بصورة غير طبيعية» من خلال أعين 6 شخصيات من 5 بلدان عربية مختلفة، تحت عنوان «أراضٍ ممزقة.. كيف تفكك العالم العربى». وتتضمن الدراسة مقدمة لسيلفرستاين للتعريف بمحتوى الملف، ثم مقدمة أخرى مطولة يليها الأجزاء الخمسة للقصة والتى يعرض فيها مجريات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحولاتها فى الشرق الأوسط فى فترة زمنية تراوحت بين سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن، من خلال تجارب الشخصيات الستة وأبرزهم الدكتورة ليلى سويف، الناشطة السياسية والحقوقية المصرية ووالدة الناشط علاء عبدالفتاح، والتى عرضت تجربتها التى عكست التجربة المصرية مقسمة على الأجزاء الخمسة للملف. وتمثلت الشخصيات الخمسة الأخرى فى مجدى المنقوش من ليبيا، ومجد إبراهيم من سوريا، وخلود الزيدى ووقاظ حسن وآذار ميرخان من إقليم كردستان العراقى. وبينما اتخذ الملف من حرب العراق أساسا مباشرا للأزمات التى يعانيها الشرق الأوسط حاليا وتنعكس على العالم (لاسيما الإرهاب والهجرة)، تناول الجزء الأول «أصول» تلك الأزمات خلال الفترة (19722003)، وتناول الثانى فترة الحرب نفسها (20032011)، وجاء الربيع العربى (20112014) فى الفصل الثالث، وصعود تنظيم «داعش» (20142015) فى الرابع، ثم الهجرة والنزوح الجماعى (20152016) فى الفصل الأخير. وقد شارك مركز «بوليتزر» لتغطية الأزمات، فى وقت سابق من هذا العام، فى دعم المشروع عندما بدأت محادثات مع المركز لدعم بعض قصص الواقع الافتراضى بالمجلة. وتضمن المشروع فيلم بتقنية الواقع الافتراضى من إعداد المصور الصحفى بن سولومون، الذى سافر فى مهمة مع الجيش العراقى فى مايو الماضى بينما كانوا يقاتلون لاستعادة السيطرة على مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم «داعش». وقال سيلفرستاين إن الاتفاق أسفر عن أكبر منحة قدمها مركز «بوليترز» للمجلة، وهى ما يمكن أن تشكل سابقة لمنح تمويل ضخم لمشاريع طموحة فى المستقبل. وأضاف أنه ليس نموذجا لعدد عادى لمجلة أسبوعية، ولكنه يمثل فرصة حقيقية وربما ضرورية للمجلات والصحف للتفكير خارج حدود ما تقوم به يوما بعد يوم إلى تصور خوض مشاريع كبيرة. وتابع: «ما قدمناه مشروع مميز عابر للمنصات يعتمد على دمج تقنى للربط بين مجموعة متنوعة من المخرجات معا تحت فكرة واحدة كبيرة». وإعداد فيلم بتقنية الواقع الافتراضى، حسب سيلفرستاين، هو التجربة الأولى التى تخوضها المجلة لتصوير فيلم من منطقة الصراع، ما أثار رهانات وتحديات بالنسبة للمجلة. وأشار موقع «بوينتر» إلى أن جلب المشاهدين إلى الخطوط الأمامية للمعارك يصب فى مصلحة توفير تعاطف إنسانى فى مواجهة الصدمة التى قد ينقلها إليهم الفيلم. فعلى سبيل المثال، هناك مشهد كان سولومون متوترا فيه للغاية لاعتقاده بأن ما سمعه صوت قذيفة تقترب من استهداف المكان بينما كان العراقيون المحيطون به ينظرون إليه ويضحكون لأن ما سمعه كان صوت قذيفة أطلقوها هم». وتعد مجلة نيويورك، حسب موقع بوينتر، واحدة من عدد قليل من المجلات ذات الاهتمام العام فى الولاياتالمتحدة، التى لايزال لديها القدرات المالية الكافية والموارد اللازمة لتغطية قصة بهذا الحجم، وتقديم تقارير عبر عدة بلدان وعدة عقود. وحول سبب رهان المجلة على الربيع العربى، أوضح رئيس تحرير المجلة أن هذا الحدث كان له تأثير كبير على الأحداث فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك صعود تنظيم «داعش»، وأزمة اللاجئين واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى. وأضاف «انه نوع من أنواع الصدع فى وسط العالم، الذى أخرج هذا الشك والعنف والإرهاب الذى بات يحتل جنبات جميع الأشخاص».