حسن المستكاوي: ما بعد بركان الثورة

"كرامة الوطن من كرامة المواطن".. تلك واحدة من أهم ما جاء في الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. إنها قضية الأجيال القادمة، والتي ستنقل مصر إلى دولة عصرية بشبابها وشعبها، بعد امتلاكه لوطنه. لكن كيف نبدأ التغيير والبناء لدولتنا العصرية؟ أطرح هذا الأمر، لأننا الآن في مرحلة ما بعد الثورة والفوران، وأرى مظاهرات كبيرة وصغيرة في عدة مواقع. كل من يشعر بالظلم من قيادته أو مديره يتظاهر.
فثورات الشعوب، مثل البراكين تنبعث منها المواد المصهورة الحارة مع الأبخرة والغازات المصاحبة لها حيث تتراكم المواد المنصهرة، ثم تنفجر، وما بعد انفجار البركان، هو نفسه ما بعد انفجار الثورة، حيث تنساب المواد المنصهرة في محيط البركان وتعيد تشكيل هذا المحيط.
الإعلان الدستوري أجاب عن تساؤلات ومطالب شعبية، ولابد أن نترك القوات المسلحة والحكومة يؤديان عملهما خاصة أن هناك مطالب عاصفة بمحاسبة مرحلة 30 عاما سابقة بكل قوة وقسوة بسبب هرم الفساد المذهل الذي كنا نرى قمته في بعض الوجوه والمناصب ولا نرى قاعدته المتسعة والواسعة التي تضم عشرات الوجوه الأخرى. مع التحفظ على تشويه كل رجال الأعمال ومنهم رجال صناعة ساهموا فعلا في بناء اقتصاد البلد.
علينا في جميع الأحوال أن ندرك الفارق بين الشرعية الثورية، وبين الديكتاتورية الثورية.. والفارق بين الثورة وبين الفوضى.. ولا أظن أن الثانية في الحالتين صحية أو مباحة، لكن ما هي الأولويات؟ البداية هي عودة الأمن.. فلا استغناء عن عودة الشرطة لممارسة عملها بأسرع ما يمكن. وعلى الشرطة وعلى كل فرد فيها احترام كرامة المواطن.
وفي المقابل يتعامل المواطن مع رجل الشرطة بكل الرتب باعتباره رمزا للقانون ومسئولا بصورة مباشرة عن حمايته وحماية حقوقه وممتلكاته. وبعد عودة الشرطة، هناك بدايات متعددة تستحق التعامل معها بالتوازي، بدءا من بناء الإنسان المصري الجديد إلى إعادة بناء الاقتصاد.. وهذا موضوع آخر ضمن مواضيع أخرى.. إلا أني واثق ألفا في المائة أن مصر ستتغير تماما بتلك الثورة، وأن الإصلاح سيطول كل موقع فيها، كل موقع وكل مهنة، وكل شارع وحارة وميدان بإذن الله.. وانتظروا واصبروا.. ألم تنتظروا وتصبروا طويلا؟!