أبرزها عيد العمال.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024    تحرك برلماني ضد المخابز بسبب سعر رغيف العيش: تحذير شديد اللجهة    هل هناك خطة للانتهاء من تخفيف أحمال الكهرباء.. الحكومة توضح    الغرف التجارية تكشف مصير أسعار الدواجن والبيض الفترة المقبلة    قصف مدفعي إسرائيلي تزامنًا مع إطلاق نار كثيف في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    ملك الأردن يحذر من خطورة دخول المنطقة في دوامات عنف جديدة    ضرب وشتيمة.. مشاجرة عنيفة داخل برلمان أوروبي بسبب مشروع قانون    لحظات مرعبة.. تعرض كاهن للطعن على يد مجهول بكنيسة في سيدني |فيديو    تعليق محمد هنيدي على فوز الزمالك بلقاء القمة في الدوري الممتاز    عاصفة خماسينية.. بيان مهم بشأن الطقس غدا الأربعاء: «أحكموا غلق النوافذ»    مراجعات الثانوية العامة 2024.. راجع مادة التاريخ للصف الثالث الثانوي    فيلم السرب يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد طرح البرومو    ننشر حصاد مديرية الصحة بالمنوفية خلال عيد الفطر | صور    الاتحاد المصري لطلاب صيدلة الإسكندرية يطلقون حملة للتبرع بالدم    رضا عبد العال يكشف مفاجأة مثيرة بعد خسارة الأهلي في القمة    الهلال ضد العين في دوري أبطال آسيا.. الموعد والقنوات الناقلة    «حلم جيل بأكمله».. لميس الحديدي عن رحيل شيرين سيف النصر    أحمد كريمة: من يتعاطى مسكرا ويرتكب جريمة يعاقب كغير السكران (فيديو)    خبير تحكيمي: كريم نيدفيد استحق بطاقة حمراء في مباراة القمة.. وهذا القرار أنقذ إبراهيم نور الدين من ورطة    عيار 21 الآن يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء في الصاغة بعد الارتفاع الجديد    وزير الخارجية الصيني: إيران قادرة على تجنيب المنطقة مزيدا من الاضطراب    خالد الصاوي: بختار أعمالى بعناية من خلال التعاون مع مخرجين وكتاب مميزين    كيلو اللحمة البلدي سيصل 350 جنيها.. ومتوقع تراجعها قيل عيد الأضحى| تفاصيل    مواقيت الصلاة في محافظات مصر اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024    19 أبريل.. تامر حسني يحيي حفلاً غنائيًا في القاهرة الجديدة    جمارك مطار القاهرة تحرر 55 محضر تهرب جمركي خلال شهر مارس 2024    هل نقدم الساعة فى التوقيت الصيفي أم لا.. التفاصيل كاملة    بايدن يؤكد سعي واشنطن لتحقيق صفقة بشأن وقف إطلاق النار في غزة    إبراهيم نور الدين يكشف حقيقة اعتزاله التحكيم عقب مباراة الأهلى والزمالك    حسن مصطفى: أخطاء كولر والدفاع وراء خسارة الأهلي أمام الزمالك    خالد الصاوي: مصر ثالث أهم دولة تنتج سينما تشاهد خارج حدودها (فيديو)    "كنت عايز أرتاح وأبعد شوية".. محمد رمضان يكشف سبب غيابه عن دراما رمضان 2024    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    إسكان البرلمان عن قانون التصالح الجديد: آليات مُبسطة وتسهيلات مالية لمعالجة مخالفات البناء    تفاصيل إعداد وزارة التعليم العالي محتوى جامعي تعليمي توعوي بخطورة الإنترنت    هيئة الدواء المصرية توجه نصائح مهمة لانقاص الوزن.. تعرف عليها    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    مع اقتراب عيد الأضحى.. الإفتاء توضح شروط الأضحية والعيوب الواجب تجنبها    الاستعلام عن صحة 4 أشخاص أصيبوا في انقلاب أتوبيس بأوسيم    طرح برومو فيلم السرب تمهيدا لعرضه قريبا    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    خبير تعليمي: عقد مراجعات نهائية للطلاب يعمل على استعادة المدرسة لدورها التربوي    رئيس مجلس إدارة «الأخبار»: ملف التعيينات مطروح مع «الوطنية للصحافة»    رئيس تحرير "الجمهورية": لا يمكن الاستغناء عن الأجيال الجديدة من الصحفيين.. فيديو    خطوات إضافة تابع في حساب المواطن 1445    رئيس تحرير «الأهرام»: لدينا حساب على «التيك توك» لمخاطبة هذه الشريحة.. فيديو    برج الجوزاء.. حظك اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024: انتبه لنفقاتك    ضبط شاب تعدى على شخص بسلاح أبيض فى بنى عبيد بالدقهلية    الإعدام لمتهم بقتل شخص بمركز أخميم فى سوهاج بسبب خلافات بينهما    اليوم.. فتح باب التقديم للمدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2024 / 2025    تكريم 600 من حفظة القرآن الكريم بقرية تزمنت الشرقية فى بنى سويف    لماذا رفض الإمام أبو حنيفة صيام الست من شوال؟.. أسرار ينبغي معرفتها    اليوم.. جلسة النطق بالحكم على المتهمين بقتل سائق توك توك فى الدقهلية    بعد نحو عام من الصراع.. مؤتمر باريس يجمع 2 مليار يورو للسودان    نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني    لست البيت.. طريقة تحضير كيكة الطاسة الإسفنجية بالشوكولاتة    تعرف على جهود مستشفيات المنوفية في عيد الفطر    تجديد اعتماد المركز الدولي لتنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والقيادات بجامعة المنوفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثنائيّة الفنّ واتّحاد الفكرة
نشر في شموس يوم 21 - 08 - 2018


بوابة شموس نيوز – خاص
قراءة في نصّ للشّاعر التّونسي يوسف الهمامي
– النّصّ
اليد..
تمتدّ فوق يدك
عندما تنزعني أرواح الخلق ألبسك
(يوسف الهمامي)
—————-
– القراءة:
يحاكي هذا النّصّ بما استخدم فيه الشّاعر من تكثيف في الصّورة والمضمون لوحة جبران خليل جبران "العالم الإلهيّ". ولا تبلغ المحاكاة أقصى التّشابه بين النّصّ واللّوحة بل تخلق نوعاً من التّواصل الإبداعيّ تمثّلت به (اليد) في اللّوحتين، الشّعريّة الّتي جعلت اليد وسط المعنى الّذي في قلب الشّاعر، وقد شكّلت محور النّص والعنصر المستهلّ به ومفتاح إلى العالم الّذي ينطلق منه الشّاعر ليرسم القصيدة. والأخرى، أي لوحة جبران خليل جبران الّتي خرجت عن تأمّل خاص للعالم الإلهيّ تَمثّل بالعين في وسط اليد المحاطة بالأجساد العارية الّتي غالباً ما رسمها جبران بطابع ملائكيّ دلّ من خلالها على الأرواح السّماويّة.
(اليد) تمثّل في النّصّ واللّوحة معاً السّلطة والرّحمة والاحتواء. فكما نراها في لوحة جبران خليل جبران مبسوطة تحتلّ وسط اللّوحة دلالة على سلطة المحبّة لا السّلطة بمعناها العنفيّ المتسلّط، مشكّلة الرّعاية للأرواح الّتي تحيطها بل للعالم بأسره. كذلك اليد في نصّ الشّاعر دلّت على سلطة المحبّة وبدت مبسوطة غير منقبضة، دلّ عليها الامتداد من علوّ كعلامة تقود القارئ إلى عالم إلهيّ يستقي منه الشّاعر تأمّله الخاص، ويحيا به وفيه اتّحاداً علويّاً من جهة وأرضيّاً من جهة أخرى. (تمتدّ فوق يدك)
إذاً نحن أما "اليد" الإلهيّة الّتي يخلص إليها نصّ الهمّامي، و"اليد" الإلهيّة الّتي تخلص إليها الأرواح في لوحة جبران خليل جبران. وفي كلا العملين مثّلت اليد الاحتواء. استهلّ الشّاعر نصّه بلفظ (اليد) وتركه مفتوحاً على الغيب / المطلق ليعود ويظهر حضورها الجليّ في كينونته المتّحدة بكينونة المحبوبة. ولئن كان الحديث عن اتّحاد بين حبيب ومحبوب فلا بدّ من أنّ اليد عنت للشّاعر سلطة الحبّ.
منح جبران خليل جبران اليد في لوحته طابعاً بشريّاً إذ رسمها مشابهة تماماً ليد الإنسان. ولعلّه أراد بذلك الخوض في الصّورة الإنسانيّة الّتي على صورة الله أو أنّه أراد التّعبير عن قرب الله من الإنسان. وأمّا الشّاعر يوسف الهمامي فاكتفى بتصدّرها المشهد دون وصفها أو تحديد ملامحها. لقد أراد الشّاعر أن يدلّ القارئ على "اليد" المطلّة من فوق، الّتي تحتويه وتقوده وترعاه وتدلّه على محبوبته. فنفهم أنّ اللّقاء المرجو بين الحبيب والحبوب لقاء رتّبه الله وأوجده من صلب محبّته. ولقد عبّرت الجملة التّالية (تمتدّ فوق يدك) عمّا
يشبه الترتيب الإلهيّ لاجتماع هذين الشّخصين العاشقين. إنّ امتداد "اليد" الإلهيّة فوق يد الطّرف الآخر أشبه بإلهام أو دليل قاد هذا الطّرف أي المحبوبة إلى الشّاعر. لم يقل الشّاعر (اليد.. تمسك بيدك) بل (تمتد)، فحافظ من جهة على خصوصيّة العلاقة البشريّة والرّوحيّة بينه وبين المحبوبة. ومن جهة أخرى امتدّت (اليد) فوق يده لأنّ يده هي ذاتها يد محبوبته.
في اللّوحة الجبرانية يدور العالم حول اليد ويخلص إليها، وأمّا في لوحة الشّاعر فاليد جعلت المحبوبين منفصلين عن العالم على الرّغم من ارتباطهما به واقعيّاً. (عندما تنزعني أرواح الخلق). الشّاعر منفصل عن عالمه وهو القائل في مكان آخر "أنا أعيش في مكان لا أدري أين../اقرعوا،، يُفتح لكم". وعدم دراية الشّاعر بمكان عيشه لا يدلّ على هذيان ما أو عدم معرفة للمكان، وإنّما يشير إلى حياة في داخله معروفة لكنّها تفوق قدرة الاستيعاب، لأنّه استخدم فعل (أعيش). ما دلّ على حياة قائمة بحدّ ذاتها. هو هنا، في العالم، تحت رعاية (اليد)، وهناك بالرّجاء الّذي تمحنه هذه (اليد)، رجاء الحبّ. ويدور الشّاعر ومحبوبته حول هذه اليد ويخلصان إليها ولكن روحيّاً. (عندما تنزعني أرواح الخلق ألبسك)
الأرواح الّتي تدور حول اليد في لوحة جبران تبدو غير فاعلة لأنّها في حالة انجذاب إلى اليد. لكنّ الأرواح في نصّ الهمامي فاعلة منحها الشّاعر طابعاً كونيّاً اجتمعت فيه أرواح الخلق. لكن يبدو أنّها أرواح سماويّة تسهم في تدرّج الشّاعر روحيّاً وارتقائه سلّم العالم الإلهيّ كاختبار روحيّ عميق يتّحد من خلاله بمحبوته. يُنتزَع الشّاعر من عالمه فيحلّق ليلتقي بمحبوته في عالمهما الإلهيّ ويتّحدان روحيّاً (ألبسك).
قد يكون في لفظ (ألبسك) إيحاء إلى الآية القرآنيّة (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة: 187) أراد من خلاله الشّاعر تبيان خصوصيّة هذا الاتّحاد الّذي يعبّر عن ذوبان العاشقين في كينونة واحدة فيكون الواحد ستراً للآخر. والفعل (ألبسك) يبلّغ في النّصّ ذروة العشق وذروة الاتّحاد العشقيّ الّذي يجعل من الشّخصين شخصاً واحداً.
لا غرابة إذن من اتّحاد لوحة ونصّ في فكرة واحدة، فلغة العشق واحدة، تتجلى بقوالب إبداعيّة مع احتفاظ كلّ عمل بوهج إبداعه الخاصّ الّذي ينطلق من التّجربة الخاصّة والمميّزة بكلّ تأكيد. لعلّي أغامر وأقول إنّ الهمّامي يفتح أفقاً جديداً لتناص أدبيّ منقول من الفنّ التّشكليّ، هذا التّناصّ الّذي لم يتنبَّه له إلا قلّة من المبدعين، قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين على أحسن تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.