ولد حبيب السكاكيني في مدينة حلب السورية أيام الدولة العثمانية, ضاقت به الدنيا و لم يجد الرزق الذي يكفل له حياة كريمة بسوريا فقرر السفر إلي مصر. ظل يبحث عن فرصة عمل و لم يجد! ثم وجد في الصحف في ذلك الوقت استغاثة من دليسبس الذي بدوره كان مسئول عن حفر قناة السويس, مضمون الإستغاثة: نريد من يساعدنا في حفر القناة لأن لدينا بعض المشاكل الصعبة تحركت مشاعر نبيلة في روح حبيب الذي قرر مساعدة البلد و القيام بعمل مفيد مادام لا تتوفر فرصة عمل له. تطوع حبيب في حفر قناة السويس, وجد الجو هناك في منطقة القناة حار جداً و الناس يموتون بسبب تلك الحرارة المميتة فكر حبيب في طريقة تحمي العمال من حرارة الشمس, وجد طريقة, يحفر حفرة و يدخل داخلها العامل بحيث عندما يدخل العامل داخل تلك الحفرة تحميه من حرارة الشمس, وجد لها طريقة عبقرية في التصميم و بدأ في التنفيذ, فعندما دخل أول عامل داخل تلك الحفرة بدأت إنتاجيته تزيد بشكل ملحوظ, بدأ يعلم الاخرين و من ثمة بدأت تنتشر بين العمال و ازدادت انتاجية العمال ثم عرف دليسبس عن ما فعله السكاكيني فأعطاه مكافأة جراء ما فعله من خدمة. وجد حبيب مشكلة اخري تواجه العمال و هي وجود فئران بشكل رهيب في مواقع العمل و الفئران بدورها تنشر الأمراض و تأكل طعام العمال و تسبب مشاكل تهدد مسيرة الحفر, فبدأ حبيب بتربية قطط في مواقع العمل ثم تقوم القطط بمطاردة الفئران و تتغذي عليهم و في ظرف سنتين انتهت مشكلة الفئران فتم منح السكاكيني نيشان و بدأت العروض بالإنهيال عليه. مات السكاكيني في مصر و علي اسمه تم تسمية حي من أحياء القاهرة بإسم "حي السكاكيني". كان من الممكن أن يقول حبيب أنه ليس بمصري و من ثمة هو ليس له دور في خدمة البلد, لكن من يريد البركة و الرزق فعليه السعي, يبدأ بمثل بداية السكاكيني الذي بدأ العمل بدون مقابل و بذكاؤه و اجتهاده استطاع أن يوُجد له عمل بمال وفير و أن يُخلد اسمه حتي الان. يُعد السكاكيني مثال يُحتذي به, لن أجد أجمل من أن يقوم الشباب بخدمة بلادهم حتي لو بدأوا العمل بدون مقابل, و لم لا؟ أكيد ستتعلم شيء مفيد يساعدك علي إيجاد فرصة عمل, فهل تستطيع أن تقول لي ماذا تعلمته من القهوة التي تجلس عليها منتظر أن تأتي فرصة عمل و تقول لك "أرجوك إغتنمني" أو تنتظر فرصة في الخليج تهرب بها من البلد التي تدعي أنها قذرة هذه هي السلبية بكل معانيها و حذافيرها, تعلم الإيجابية و اتركها تغمر قلبك ستجد كل ما تطمح إليه لكن اسعي! حلمي الذي أحلم به كل دقيقة و ليلة و كل ثانية و كل يوم أن أجد مصر تفيق من كبوتها فنحن نستحق الصدارة, نحن من علمنا العالم, نحن من وضعنا أساسات قوانين الهندسة و علوم الكيمياء, نحن من ساعدنا دول العالم الثالث في نيل الحرية من الإستعمار, نحن أرسلنا بعثات تعليمية إلي دول الخليج حتي يخرجوا من الخيم و الصحراء إلي القصور و الجنة الخضراء. نحن من أنقذنا العالم من بطش المغول و حمينا حضارة الإنسان فهل نسيتم؟ نحن أول حضارة في التاريخ فهل تستطيعوا الإنكار؟ بإمكاننا أن نفيق من الغيبوبة, لكن عندما نطهر المؤسسات و نتخلص من الفساد الذي قهرنا كقهر الإسرائيليون للفلسطينين, بإمكاننا أن نتمكن من صدارة الدول المصدرة عندما نعلم أن رئيس الجمهورية ليس هو إلا خادم الشعب و ليس الشعب خادم الرئيس, تعلموا الحرية, فهل رأيتم جمال الحمام الأبيض الطائر بحرية مطلقة لا أحد يعترض طريقه؟ إننا نستحق الكثير و مصر تستحق الأكثر! تملكوا الإرادة و اتركوا الإيجابية تطغي وسط المجتمع, تمسكوا بضميركم و تقاليدكم و تخلصوا من التقاليد الغربية التي لا تتسع لمقاسنا, وقتها ستجدونا في مقدمة الأمم مرفوعون الرأس فنحن نعيش علي أرض مصر العظيمة. فلتبدأ بنفسك, و ثق في قدراتك فكما يقول جورج برنارد شو أفضل المصلحين في العالم هم الذين يبدأون بإصلاح أنفسهم. *مصدر القصة: برنامج الداعية عمرو خالد بسمة أمل