المشاط: 7.6 تريليون جنيه استثمارات عامة مباشرة وغير مباشرة للتنمية البشرية خلال 12 عامًا    منها جدولة الأقساط.. هيئة التنمية السياحية تقر تيسيرات جديدة للمستثمرين    نائب وزير الإسكان يشدد على الالتزام بمعايير وقوانين المياه المعالجة    غارات وعمليات نسف.. الاحتلال يواصل انتهاك وقف إطلاق النار بغزة    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    بيان رسمي.. الأهلي يطالب اتحاد الكرة بردع المتجاوزين في حق «زيزو»    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    وزير التعليم: مصر تواصل تنفيذ المبادرة الرئاسية لتعيين المعلمين    ترامب يطلب العفو عن نتنياهو رسميًا.. وهرتسوغ يرد: "اتبعوا الإجراءات"    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    استبعاد المرشحين ومندوبيهم من حضور فرز الأصوات يؤكد النية المبيتة لتزوير انتخابات مجلس نواب السيسي    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 في بورصة الدواجن    كاميرا توثق جريمة سرقة.. والداخلية تضبط المتهم| فيديو    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    تامر حسني يوجه رسالة ل«مي عز الدين» بعد زواجها    نقيب العاملين بالسياحة: لمس الآثار إتلاف يعاقب عليه القانون بالحبس والغرامة    ذكرى رحيل محمود عبد العزيز.. محطات وأسرار في حياة ساحر السينما المصرية    عُطل فني.. مسرح الطليعة يوجه رسالة اعتذار ل جمهور عرض «كارمن»    رئيس الوزراء يشهد مراسم توقيع مذكرة تفاهم فى الرعاية الصحية بين مصر ولاتفيا    رئيس الوزراء يتفقد معرض سمارت ديجيتال هيلث جيت    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    حملات تموينية موسعة بالقليوبية تكشف مخالفات جسيمة وسلعًا غير صالحة للاستهلاك    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    مصرع عامل نظافة سقط من على مقطورة فى المنوفية    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    زيركزي يدرس 5 عروض للرحيل عن مانشستر يونايتد في يناير    وصول بعثة يد سموحة للإمارات لمواجهة الأهلى فى نهائى كأس السوبر    جوتيريش يهنئ الشعب العراقى على إجراء الانتخابات البرلمانية    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    خالد سليم ينضم لأبطال مسلسل ست الحسن أمام هند صبرى فى رمضان 2026    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    6 مرشحين يتأهلون لجولة الإعادة في دائرة بندر ومركز المنيا البرلمانية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    طريقة عمل كفتة الفراخ بخطوات بسيطة وطعم لا يقاوم (الخطوات والمقادير)    مصر وجنوب إفريقيا يبحثان التعاون في صناعات السيارات والحديد والصلب والمناطق اللوجيستية    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    محافظ الفيوم يشهد الندوة التوعوية"دور الرقابة الإدارية في الوقاية من الفساد ومكافحته"    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متحدات الهلال الخصيب و صيحات الاستقلال التائهة
نشر في شباب مصر يوم 18 - 11 - 2010

بعد سقوط الدولة العثمانية في بداية القرن الماضي، واندحارها من معظم أراضينا التي كانت تسيطر عليها تحت مزعم الخلافة الإسلامية والوكالة الدينية (حال جميع الحكومات الدينية السابقة والحالية). ظهر هلالنا الخصيب بأبشع صورة له على مر التاريخ، إذ تمّ تقسيمه إلى دويلات و ممالك، ناهيك عن الأجزاء التي سُلبت منه و أصبحت وفقاً للحدود الدولية ( الاستعمارية طبعاً) خارج متحده. لقد قدّم الاحتلال التركي لهذا المتحد الأتم كما قدّم لغيره من متحدات العالم العربي، بل أنهك قواه و أشبعه تخلفاً و تشرذماً، وشحنه تعصباً مذهبياً و أظهر فيه اقطاعاً جشعاً، وكان أسوأ ما قام به هو تقديم الجزء الجنوبي لهذا المتحد (فلسطين) لليهود على يد السلطان الأحمر، عبد الحميد الثاني. بالإضافة لما أقدم عليه هذا السلطان الجائر من اهدائه قبرص السورية للانكليز لتضيع فيما بعد بين حكم تركي و يوناني بعيدة عن متحدها الأم، بعيدة عن هلالنا الخصيب كأهم منطقة استراتيجية له من الناحية الغربية في بحره السوري. لقد ظهرت دويلات الهلال الخصيب وفقاً للاتفاقية الاستعمارية المشهورة سايكس بيكو، الانكليزية الفرنسية، بدعم دول استعمارية أخرى بما فيها تركية التي أبقت يدها على كيليكيا و لواء اسكندرونة بالاتفاق مع فرنسا، التي كانت وفقاً للقانون الدولي الاستعماري دولة منتدبة على الشام (سورية الحالية) ولبنان.
استعرضنا هذا التاريخ السريع لنستطيع تحديد عمق و حجم فجوة الضياع التي وصلنا إليها في متحدات الهلال الخصيب، و خاصة عندما تظهر في كل متحد من متحداته شعارات الاستقلال و الحرية على مستويات لا تُحاكي و لا بأي شكل من الأشكال، الاستقلال و الحرية الحقيقية، هذا الضياع أشرنا إليه من ناحية المتحد فقط (الأرض) فكيف أيضاً لو تحدثنا عن الحواجز الدينية و التقاليد الجاهلية المذهبية و الطائفية والعشائرية الغارقين في وحولها. فكم سنجد أننا جداً ساذجين عندما ندعو و ننادي بااستقلال و حرية و ديمقراطية و ...الخ.
لقد أصبحت الدعوة للاستقلال في هذه المتحدات كمن هو في حفرة عميقة مملوءة بالماء و يدعو إلى تجفيف ماءها دون محاولة التفكير في الخروج من هذه الحفرة التي هي مشكلته الأساسية. لقد غاب الوعي و الولاء والتفكير القومي في هلالنا الخصيب ليحل محله الولاء المذهبي و الطائفي والعرقي والعشائري والفردي، وراحت صيحات الاستقلال والحرية والديمقراطية في متحداته تتساقط وتتهاوى أمام الحدود المصطنعة التي وضعت بين متحداته، و أمام الحواجز المذهبية والطائفية والعرقية المزعومة التي زرعت في نفوس الكثيرين من أبناء أمتنا السورية في الهلال الخصيب.
ظهر الاستقلال وكذك الحرية في متحدات أمتنا السورية (الهلال الخصيب) بمفاهيم مختلفة، امتدت من استقلال و حرية تحت عنوان دويلة قومية بوصاية خارجية استعمارية، إلى استقلال وفقاً لقياسات طائفية، ومذهبية أيضاً برعاية من داخل وخارج العالم العربي، وصولاً إلى حرية و استقلال تحت مزعم استمرار الخلافة و الوكالة الإلهية. لقد شاهد هؤلاء من دعاة الحرية و الاستقلال أيديهم حرّة فلوحوا بها و نسوا أنّ أقدامهم مكبلة بقيود منها ما هو صنع محلي بامتياز و تعزيز خارجي، تشمل كل الحواجز التي تمنع اجتماعهم مع أبناء أمتهم. هذه الحواجز التي لاتنتمي إلى أي منطق أو دين كما يدّعي صانعو هذه القيود. بل هي تقاليد و ترتيبات بشرية سيئة جُل هدفها استمرار الزعامة الدينية و السياسية لهذه الفئة أو تلك. فبات أبناء أمتنا من خلال هذه القيود مسلوبي الحرية والتفكير، وأشبه بقطعان تائهة في سهول الطائفية و المذهبية و العرقية والعشائرية. وقيود أخرى بتصنيع خارجي استعماري هي الحدود المصطنعة بين متحدات أمتنا السورية، لمنع تشكيل المتحد الأتم (الهلال الخصيب). فدعوة الاستقلال والحرية ضمن نطاق هو بالأصل مساحة مرسومة بشكل استعماري هي دعوات لتعزيز التكبيل والتقييد، دعوات للحد من تطورنا و ازدهارنا، ولا يمكن أن تكون دعوة حقيقية و صحيحة للاستقلال. لقد انشغل أبناء أمتنا عن الدعوة للاستقلال الحقيقي و السيادة التامة و حريتنا النهائية، وانخرطوا بأحزاب وحركات إما دينية أو عرقية أو بتكتلات ذات مراكز خارجية (خارج المتحد)، ووضعوا شعارات وفقاً لمصالح معينة ومحددة بعيدة عن الولاء الوطني القومي، شعارات عززت انقسامنا و عززت ويلاتنا وقوّت تشرذمنا، شعارات تبنتها دول خارجية استعمارية تدعم ذلك الاتجاه أو تلك الحركة، لتضيع بالنهاية امكاناتنا وقوانا في صراع و اقتتال داخلي إلى أن طفت في جوانب هذه المتحدات غير المكتملة روحية تفوق الولاء الطائفي والمذهبي والعرقي والعشائري على الولاء للأرض و المجتمع.
لقد كان الأجدر بمتبني دعوات الاستقلال والحرية والديمقراطية في متحدات الهلال الخصيب أن يوجّهوا هذه الدعوة إلى أنفسهم، ليتحرروا و يستقلوا عن طوائفهم ومذاهبهم وعرقيتهم المزعومة، ويتحرروا فكرياً وعقلياً من تقاليدهم وإرثهم التكتلي والتعصبي وأن يعلنوا ديمقراطيتهم بعيداً عن أية حواجز بين أبناء الأمة و يطرحوا الديمقراطية في وجه غير وجه ديني خارج سجن الطائفة والمذهب. إنّ الديمقراطية بسوط وتهديد من منطلق ديني و تقاليد موروثة، لاتنفع في ارتقاء وازدهار مجتمع. وديمقراطية الطائفة واستقلالها لا يعني تطور المجتمع واستقلاله. ولا ينفع كل ذلك في دعوة الاستقلال والحرية التامة.
إنّ استقلال النفس عن بوتقة الطائفة أو المذهب أو العرق المزعوم، وحرية التفكير بعيداً عن كل ما يأسرها ويكبّلها من مسلمات دينية وتقاليد عشائرية جاهلية موروثة، وإنّ ديمقراطية العقل بعيداً عن ديمقراطية جاهزة مقتبسة من الخارج، هي أهم دعوة علينا السعي لها والاتجاه نحوها، وإلا فإنّ جميع مايُحكى بين أبناء الأمة السورية (متحد الهلال الخصيب الأتم) عن استقلال وحرية وديمقراطية هي دعوات و صرخات تائهة ضائعة، يجول صداها فقط ضمن المنابر الضيقة التي انطلقت منها.
• كاتب ومحرر في موقع أوروك الجديدة
[email protected]
WWW.OROOK.COM


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.