لقد تحدث الإخوان كثيرا عن بلورة مشروع حضاري إسلامي متكامل مصدره الشريعة الإسلامية والحضارة الإسلامية، ومع أحقية أي إنسان في طرح مشروع لنهضة أمته ووطنه –وهي شيء يحمد له- إلا أن هذا الإنسان أو الجماعة أو التيار أو الحزب أن يهيأ نفسه بل يربيها على تحمل تبعات تطبيق هذا المشروع؛ وأول هذه التبعات أن يقدم نموذجا ويكون قدوة لهذا الطرح الحضاري، وتكون أفعاله وأقواله وإشاراته وكتاباته متوافقة مع هذا المشروع بل نابعة من هذا المشروع وإلا فإنه فقد مصداقيته وبالتالي فقد صلاحية تطبيقه، وهذا ما تعلمناه من رسولنا الكريم عندما سؤلت السيدة عائشة –رضي الله عنها- عن خلق الرسول-صلى الله عليه وسلم- قالت: خلقه القرآن. ولقد وقع الكتاتني رئيس مجلس الشعب وهو من قيادات الإخوان في هذا التناقض: اولها: يقتضي النموذج الحضاري الإسلامي الشفافية مع المسؤولين، بالإعلان عن راتبه الشهري وتقديم ذمته المالية قبل المنصب وبعد الانتهاء من الدورة الحالية لمجلس الشعب، بل ورواتب كل عضو من أعضاء مجلس الشعب والشورى، وهذا لم يحدث، وهذا ما تعرض له عمر بن الخطاب عندما وقف على المنبر يخطب فأوقفه أحد الصحابة وسأله عن الثوب الثاني الذي يرتديه مع أن نصيبه هو ثوب واحد، فقال عمر بأنه أخذه من ابنه عبدالله لأن عمر يتميز بالطول، فلم يغضب عمر ولم يهدده أو يسخر منه، بل رضي أن يحاسب وارتضى أن يلتزم بالشفافية. ثانيها: سيادة القانون والعدل: من أبرز سمات النموذج الحضاري الإسلامي العدل والمساواة أمام القانون وشعارنا في ذلك (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فإذا بالكتاتني يصاحب أمين مجلس الشعب معه إلى دولة الكويت وهو ممنوع من السفر، وهو ما يخالف متطلبات هذا النموذج، فسيدنا عمر بن الخطاب جعل أحد قبطي مصر يضرب ابن عمرو بن العاص والي مصر قصاصا له بعد اعتدائه عليه في سباق بينهم. ثالثها:الذكاء والكياسة والتفرد والتميز، لم يستثمر الكتاتني فرصة العمر عندما أصبح رئيسا لمجلس الشعب فيحدث تغييرا في نظام إدارة الجلسات أو تطويره، ولم يستبدل أمين المجلس حتى ترك انطباعا سيئا لدى الجميع بأن لا فرق بينه وبين فتحي سرور وهو أمر يستدعي مخزون من النقمة والإحباط. رابعها: يستثمر النموذج الحضاري الإسلامي جميع الطاقات المتوافرة في المجتمع فلا يستأثر فرد أو عدة أفراد في لإدارة شؤون البلاد، وهكذا نرى الكتاتني رئيسا لمجلس الشعب ورئيسا للجنة الدستور، كان الكفاءات القانونية والإداراية والعلمية انعدمت في مصر. فالرسول عليه السلام استثمر طاقة الشباب من الصحابة فمنهم قائد للجيش مثل خالد بن الوليد، ومنهم حاكم كمعاذ بن جبل، ومنهم فقيه كأبي هريرة... وأخيرا لقد تركت كل هذه التبعات انطباعا بأن الإخوان غير قادرين على تحمل تبعات تطبيق هذا النموذج الحضاري الإسلامي، وأنهم لم يستعدوا له، ولم يدربوا الصف الإخواني على القيام بهذا النموذج، وهذا إن دل فإنما يدل على أن ملامح هذا النموذج لم تكتمل بعد عند الإخوان.