سؤال فرض نفسه طيلة الأيام الفائتة قبل أن تتطور الأمور وينجح الفيروس الصيني كورونا بنسخته الجديدة في إجتياز حدود بلاده وتقديم أوراق إعتماده كأسوأ سفير لدي العديد من دول قارات أربع من أصل سبعة قارات يشكلون خريطة العالم! العالم الذي كتم أنفاسه بعدأن حصد الفيروس أرواح أكثر من 490 شخصاً وإصاب أكثر من 24 ألفاً و300آخرون داخل الصين وحدها حتي كتابة تلك السطور ،الأمر الذي لم يعد معه سكان كوكبنا الموبوء هذا منشغلين بالبحث عن ماهية الفيروس قدر إنشغالهم بما سيخلفه من عواقب حال فشل العلماء في التوصل إلي عقار يقضي عليه أوعلي الأقل يواجهه ! لست من أهل علم الإقتصاد.. وعلاقتي بالجيولوجيا " التي هي علم الأرض " أوالبيولوجيا وهي " علم تفاعل الكائنات الحية " كعلاقتي باللغة الصينية التي لا أعرف منها حرفاً !! ولكن الأمر بديهي ميسر الفهم لمن أنعم الله عليه بربع عقل .. وسواءاً إتفق العلماء أو إختلفوا حول ماهية الفيروس أوإحتمالات تطورة ليصبح وباءاً فيما بعد فالأمر الذي لاخلاف عليه أننا أمام كارثة صحية وبيئية وإقتصادية " وهو الأهم " لم تضرب الصين وحدها ولن تضيرها أيضاً وحدها . فحين تهتزالصين ثاني أكبر إقتصاد في العالم وهي محرك رئيسي للنمو الإقتصادي العالمي ، فهذا يعني بداهة أن إقتصاد العالم بأكمله ستتباطئ وتيرته .. يكفي فقط أن تعرف أن إستهلاك الصين اليومي من النفط قد إنخفض بنسبة 20%منذ ظهور الفيروس وهي نسبة ليست بالقليلة فهي تعادل إحتياجات بريطانيا وإيطاليا مجتمعتين من البترول ! الأمر الذي سيضطر معه كبار منتجي النفط في العالم إلي تخفيض إنتاجهم بالتبعية ، فأي طارئ يحدث للصين وهي المستورد الأول للخام بإستهلاك يبلغ أربعة عشر مليون برميل يوميا سيؤثر علي مصانعها بالغلق . ولا حاجة إذن لإنتاج المزيد منه فلا مصانع ستعمل ولا سيارات ستسير إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولا . لوإعتبرنا أن كورونا زلزال قد أصاب الصين فلاشك أن العالم كله سيتأثر بتوابعه .. ونحن هنا أيضاً سنتأثر كوننا جزء أصيل من هذا العالم وقد بدأت بشاير ثأثرنا بتلك التوابع في الظهور بغلق القنصلية المصرية في شنغهاي ،الذي أدي بدوره إلي تكدس البضائع المصدرة إلي القاهرة نظراً لتوقف توثيق أوراق الشحن ليُحدث خسائر ليست بالقليلة تأثر بها التجارالمستوردين لتلك البضائع ... مع ترقب تجار آخرون من إبرام أي صفقات جديدة خوفاً من أن يلحقوا بسابقيهم ممن تكدست بضائعهم علي أرصفة الموانئ ! ما سيترتب عليه حتماً نقص البضائع الصينية المستوردة ، والتي يبلغ حجم وارداتنا منها 25% من إجمالي ما تستورده بلدنا من بضائع . فضلاً عن أن البضائع الصينية لا يوجد بدائل متاحة لها سوي نظيرتها التركية التي وبالإبتعاد عن الحديث عما يحمله الرئيس التركي من أحقاد لبلدنا ولنا ، فإن أسعار المنتجات التركية تزيد عن مثيلاتها الصينية بعشرة أضعاف أو أكثر وفق ما قاله لنا التجار .. نحن إذن أمام أزمة حقيقية علينا جميعاً مواجهتها بدلاً من التهكم علي بالطو الممرضة أو كمامة الوزيرة ! علي أية حال .. قلت أننا أمام أزمة وكررت كثيراً في مقالات سابقة عبارة عبقرية كنت قد سمعتها منذ سنوات من الأستاذ " هيكل " الله يرحمه ... (( إن كل أزمة تحمل في طياتها فرصة )) لنستخلص إذن من طيات أزمتنا الفرصة ولنتجه إلي شراء منتجاتنا الوطنية كبديل عن المنتجات الصينية والمستوردة بشكل عام .. وإن لم تكن المنتجات متوفرة أو موجودة لنصنعها ونوجدها .. لنزل العقبات التي يواجهها المصنعين المحليين وأصحاب المصانع المتعثرين ونمد يد العون لهم لنرتقي بالمنتج المصري الذي لو شجعناه فسيرقي بنفسه إلي أن يصبح هوالأول داخل كل بيت مصري .. فنوفر بذلك مئات الملايين من الدولارات ونسهم بتحويل ملايين أخري من الأيادي المتعطلة إلي أيادٍ عاملة . وعلي سبيل المثال لا الحصر ... 1_إستوردت مصر في عام 2016 سجاد للصلاة من الصين ب150 مليون دولار ولدينا هنا في محافظة المنوفية قرية إسمها " ساقية أبو شعرة " تابعة لمركز أشمون وقد زرتها كثيراً لديها في كل بيت " نول يدوي" لصناعة السجاد تتهافت علي إقتناءه كل دول العالم ! 2_إستوردنا من الصين في 2018 فوانيس لرمضان ب18 مليون دولار .. وكنا نحن المصريين لمن لا يعرف أول من صنع الفوانيس حين استخدمناها للمرة الأولي في إستقبال المعز لدين الله الفاطمي سنة 362 هجرية ! إستعنت هنا بمنتجين صغيرين الفانوس وسجادة الصلاة .. أوليس بإمكاننا لو أردنا أن نصنعهم محلياً ؟! تحدث السيد الرئيس مراراً عن أهمية العمل والإنتاج خصوصا فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة إلي تغير ثقافة المواطن وتحويله من مواطن مستهلك إلي مواطن منتج ومكتفي ذاتياً .. ألم يحن الوقت بعد لتحقيق رغبة الرئيس ؟ _16 مليار دولار هي حجم وارداتنا من الصين تنوعت ما بين لعب الأطفال والأدوات المكتبية والأحذية والملابس .. أرأيتم ؟؟ لعب وأقلام وملابس وأحذية كلها أشياء بسيطة فما الصعوبة إذن في تصنيعها محلياً ؟ الصين دولة صديقة نتمني لها ولأهلها الخير ولا غضاضة أبداً في الإستيراد منها ولكن لماذا نستورد أشياء نحن قادرون علي صنعها ؟ ليس لدي مانع في أن نستورد منهم الموبايل مثلاً إلي أن ننجح في تصنيعه .. والكمبيوتر بمكوناته إلي أن نصنعه أيضا ًهنا .. ولكن لماذا نستورد منهم سجادة الصلاة والفانوس ؟ وبمناسبة الفانوس .. إقترب رمضان كل عام وأنتم بخير فهل صنعتم الفوانيس ؟!