قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن عقد الزواج له طبيعة خاصة باعتباره ميثاقًا غليظًا ؛ فهو يختلف عن باقي العقود الأخرى فيُرتّب نوعًا مميزًا من العلاقات وشكلًا فريدًا من الامتزاج ليس فقط بين الزوجين ، بل بين أسرة وأقارب كل منهما وهذا من امتنان الله تعالى على الأمة الإنسانية من أجل اتصال حلقاتها وارتباط أفرادها بعضهم ببعض وإشاعة الشعور بالطمأنينة والأمان . وأضاف فضيلته ، خلال برنامجه الأسبوعي "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" : أن الشرع الحنيف جعل الأهل والأقارب مصادر مكملة للأسرة من أجل تحقيق الاندماج بين الزوجين ، وشرع في حقِّهم تجاه الزوجين النصيحةَ والإرشادَ ومدَّ يد العون والمساعدة في تبادل الخدمات المادية والمعنوية ، وتوفير الرعاية النفسية وتقديم خبراتهم الحياتية للزوجين ، وإثقال مهارات الزوجين في تعامل بعضهم مع بعض في المواقف التي تستجد في حياتهما وتطويرها ، بل ندب إلى اختيار حَكَمين صالحين ليفصلَا بين الزَّوجين إذا استدعى الأمر ذلك ، ولكن هذا الأمر مقيَّد بعدم توسع هؤلاء وتغلغلهم داخل الأسرة إلى حد يصل بالأمر إلى تحفيز أحد الطرفين ضد الآخر ، فلا يخفى ما في ذلك من المفاسد التي تهدد هذا الميثاق الغليظ ، فينبغي أن يكون هذا التدخل في الإطار المحمود الذي يدعم استقرار الأسرة ويحافظ على سريان المودة والرحمة والتفاهم بين الزوجين ، وليس لجلب المزيد من المشاكل والشقاق . ولفت مفتي الجمهورية النظر : إلى أن عقد الزواج أوجد نوعًا معينًا من القرابة والامتزاج الأسري ترتب عليه أحكام ليست في نطاق علاقة الزوجين أحدهما بالآخر فقط ، بل تعدَّت إلى علاقة كل طرف بأسرة الطرف الآخر فأوجدت أحكامًا تتعلق بالمحرمية فوضعت ضوابط من شأنها تقييد زواج الرجل ببعض أقارب الزوجة ، وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة أيضًا بعد الانفصال عن الزوج أو وفاته ؛ فهذا يدل على الطبيعة الخاصة لهذه العلاقة . وشدد فضيلته : على خطورة تدخل أهل كلا الطرفين في الحياة الزوجية لأولادهما لدرجة التطفل أو التجسس الممنوع شرعًا ، وحذَّر من التدخل في التفاصيل الدقيقة غير المؤثرة على حياة الزوجين ، مؤكدًا أن هذا السبب من أشهر أسباب الطلاق في السنوات الأولى من الزواج كما هو وارد في الإحصاءات المعتمدة ؛ فعلى الأهل والأقارب التدخل فقط إذا تطلب الأمر ذلك وظهر عجز أحد الطرفين عن التصرف بحكمة . وطالب فضيلة المفتي : بضرورة حسن معاملة كل طرف لأهل الطرف الآخر لأنه أصبح واحدًا منهم ، وهذا الإحسان يكون بالإكرام وعدم التحريض أو الإساءة ، فعلى كل طرف أن يعتبر أن أم وأب الطرف الآخر بمنزلة أهل له كأمه وأبيه . وختم فضيلته حواره قائلاً : "ينبغي على كل الآباء والأمهات أن يعتبروا أن زوج البنت أو زوجة الابن بمنزلة أبناء لهما حتى تسود مشاعر الود والحب ، وألا تقتصر العلاقة على ما يُعرف بعلاقة "نسايب" ، بل تكون علاقة أهل وقرابة تستوجب صلة الرحم والتي تعد من أفضل القربات إلى الله ، وليس كما يفعل بعض الأزواج من حرمان زوجته من زيارة أهلها ؛ فهذا ليس من البر" .